عبد الوهاب البياتي هو شاعر وأديب عراقي الجنسية، ولد عام 1926، وتوفى عام 1999، وهو واحد من الأربعة الذين أسهموا في تأسيس مدرسة الشعر العربي الجديد في العراق ” رواد الشعر الحر ” وهم : نازك الملائكة، بدر شاكر السياب وشاذل طاقة .

عبد الوهاب البياتي
حصل الشاعر عبد الوهاب البياتي على شهادة اللغة العربية وآدابها عام 1950، وقد اشتغل مدرسا فترة من فترات حياته كانت بين عامي 1950 و 1953، كما اشتغل بالصحافة، واشتغل كذلك أستاذا بجامعة موسكو، وباحث علمي في معهد شعوب آسيا، وقد أسقطت عنه الجنسية العراقية بسبب مواقفه مع النظام، لذا تنقل في العديد من البلاد مثل القاهرة والكويت والبحرين والاتحاد السوفيتي وغيرها من دول أوروبا الشرقية والغربية، وقد استقر في القاهرة منذ عام 1964 حتى عام 1970 .

أفضل قصائد الشاعر عبد الوهاب البياتي
1- قصيدة مذكرات رجل مجهول
30 تشرين الأول
مولاي ! أمثالي من البسطاء لا يتمردون
لأنهم لا يعلمون
بأن أمثالي لهم حق الحياة
وحق تقرير المصير
وإن في أطراف كوكبنا الحزين
تسيل أنهار الدماء
من أجل إنسان، الغد الآتي، السعيد
من أجلنا، مولاي أنهار الدماء
تسيل من أطراف كوكبنا الحزين
19 تشرين الثاني
الليل في بغداد، والدم والظلال
أبدا تطاردني كأني لا أزال
ظمآن عبر مقابر الريف البعيد وكان إنسان الغد الآتي السعيد
إنسان عالمنا الجديد
مولاي ! يولد في المصانع والحقول .

2- قصيدة إلى أرنست همنجواي
في أسبانيا
الموت في مدريدْ
والدم في الوريد
والأقحوان تحت أقدامك والجليد
أعيادُ أسبانيا بلا مواكبٍ
أحزان أسبانيا بلا حدود
لمن تُدق هذه الأجراس
لوركا صامتٌ
والدم في آنية الورود
وليل غرناطة تحت قبعات الحرس الأسود والحديد
يموتُ، والأطفال في المهود
يبكونَ
لوركا صامتٌ
وأنت في مدريد
سلاحك الألمْ
والكلمات والبراكين التي تقذف بالحمم
لمن تدق هذه الأجراس ؟
أنت صامتٌ، والدّمْ
يخضب السرير والغابات والقمم .

3- قصيدة صلوات
إنني أستنشق الهواء العذب الخارج من فمك
وأتأمل كل يوم في جمالك
وأمنيتي هي أن أسمع صوتك الحبيب
الذي يشبه حفيف ريح الشمال
إن الحب سيُعيد الشباب إلى أطرافي
أعطني يدك التي تمسك بروحك
وسوف أحتضنها وأعيش بها
نادني باسمي مرة أخرى وإلى الأبد
لن يصدر نداؤك أبدًا بلا إجابة عنه
وقال لي
إنك ستحترق بنار صوتك
وستغدو رمادًا
مثل كريم
الذي احترق بحبه .

4- قصيدة سارق النار
داروا مع الشمس فانهارت عزائمهم وعاد أولهم ينعي على الثاني
وسارق النارِ لم يبرح كعادته يسابق الريح من حان إلى حان
ولم تزل لعنةُ الآباء تتبعه وتحجب الأرض عن مصباحه القاني
ولم تزل في السجون السود رائحة وفي الملاجئ من تاريخه العاني
مشاعل كلما الطافوت أطفأها  عادت تضيء على أشلاء إنسان
عصر البطولات قد ولى وها أنذا أعود من عالم الموتى بخذلان
وحدي احترقت ! أنا وحدي ! وكم عبرت بي الشموس ولم تحفل بأحزاني
إني غفرت لهم إني رثيت لهم ! إني تركت لهم يا رب أكفاني  !
فلتلعب الصدفة العيماء لعبتها  فقد بصقت على قيدي وسجاني
وما علي إذا عادوا بخيبتهم وعاد أولهم ينعى على الثاني .

5- قصيدة الموت والقنديل
صيحاتك كانت فأس الحطاب الموغل في
غابات اللغة العذراء، وكانت ملكًا أسطوريًّا
يحكم في مملكة العقل الباطن والأصقاع
الوثنية حيث الموسيقى والسحر الأسود
والجنس وحيث الثورة والموت، قناع الملك
الأسطوري الممتقع الوجه وراء زجاج نوافذ
قصر الصيف وكانت عربات الحرب
الآشورية تحت الأبراج المحروقة كانت
صيحاتك صوت نبيٍّ يبكي تحت الأسوار
المهدومة شعبًا مستلبًا مهزومًا كانت برقًا
أحمر في مدن العشق أضاء تماثيل الربات
وقاع الآبار المهجورة كانت صيحاتك
صيحاتي وأنا أتسلق أسوار المدن الأرضية
أرحل تحت الثلج أواصل موتي حيث
الموسيقى والثورة والحب وحيث الله .

6- قصيدة قمري الحزين
قمري الحزينْ
البحر مات وغيّبت أمواجُهُ السوداء قلع السندبادْ
ولم يعد أبناؤه يتصايحون مع النوارس والصدى
المبحوح عاد
والأفق كَفَّنَهُ الرمادْ
فَلِمَنْ تغنّي الساحراتْ ؟
والعشب فوق جبينه يطفو وتطفو دنيوات
كانت لنا فيها إذا غنى المغنّي ذكريات
غرقت جزيرتنا وما عاد الغناء
إلا بكاءْ
والقُبَّرَاتْ
طارت، فيا قمري الحزين
الكنز في المجرى دفين
في آخر البستان، تحت شجيرة الليمون، خبأهُ هناك السندبادْ
لكنه خاوٍ، وها أنَّ الرماد
والثلجَ والظلمات والأوراق تطمره وتطمر بالضباب الكائنات
أكذا نموت بهذه الأرض الخراب ؟
ويجفّ قنديلُ الطفولةِ في التراب ؟
أهكذا شمس النهار
تخبو وليس بموقد الفقراءِ نارْ ؟