طلال حيدر أو ” يوسف الشعر المحكيّ ” هو أحد كبار الشعراء في لبنان والوطن العربي ، المولود في مدينة بعلبك، إحدى مدن البقاع اللبناني في العام 1937، رائد الشعر المحكي اللبناني، هذا النوع الشعري الذي نجده على شفاه القوالين، والذي يسمى بـ الحدا في فلسطين، والزجل في مصر، والحُميني كما يسميه اليمنيون، والنبطي في الجزيرة العربية، لقد تميز طلال حيدر في هذا اللون الشعري وأخذه لمنطقة بعيدة عن التقرير والوصف المحايد، وصعد به إلى مرتبة الدهشة .
آخر الصعاليك العرب :
هذا الشاعر الذي يشعر بأن لديه ثأراً مع الدنيا يحاكي بقصائده المحكية الطبيعة ويكشف أسرارها، بعين الشاعر وذهنه الصافي المتعمق في تفاصيل حياة الريف البسيطة بكل بكارتها وطزاجتها، وعلاقات البشر مع الطبيعة الساحرة وتلك الحياة، لذا تأتي قصائد طلال حيدر مرهفة في لغة سهلة بسيطة قريبة من بسطاء الناس والنخب الثقافية، ولم وقد وصفه الصحفي اللبناني الكبير طلال سلمان، بأنه ” آخر الصعاليك العرب ” .
قيل عليه أنه ” يوسف ” الشعر المحكي، المصاب بهوس الشعر المستحيل، والذي أوصل اللغة المحكية إلى أماكن لم تحلم بالوصول إليها، هذا البعلبكي الذى تجلت بعلبك في قصائده ففتحت نوافذ اللغة على أبعد من المألوف والمعتاد، هذا البعلبكي الذي عاش معظم طفولته بتلك المدينة الساحرة الآسرة، والذي التصق منذ أن تفتح وعيه بالطبيعة والفلاحين والبسطاء .
أول قصائده :
بدأت رحلة طلال حيدر الحقيقية مع الشعر حينما كتب قصيدة ” فخار ” وكان عمره 17 عاما، حينها سمعه الشاعر ميشيل طراد أحد الكبار الذين أسهموا في تطور قصيدة الشعر اللبناني المحكي ، حين سمع ميشيل طراد ذلك الشاب اليافع طلال حيدر قال الأن أنا مرتاح لوجود من يكمل الطريق ، وكان يقصد طريق الشعر المحكي .
كتب طلال حيدر في بداياته قصيدة الشعر الفصيح، لكنه لم يجدها تعبر عما بداخله من مشاعر كما وجد في الأوزان والبحور الشعرية قوالب جامدة يمكنها أن تسجن الشعر ، وتجعل الشاعر يستنسخ معانيه وأحاسيسه في قصائده المختلفة .
ورغم ذلك يرى حيدر أن الشعر المحكي رهان لكنه ليس بديلاَ عن الشعر الفصيح، ويؤمن بقيمة مطلقة بمقولة ابن الأثير : الأبلغ هو ما بقي على اللسان .
أهم ما يميز شعره :
أجمع النقاد ومحبوا الشعر المحكي على أن أهم ما يميز شعر طلال حيدر هو الصور التي يستخدمها في قصائده، ورغم أن الصورة عنده ليست مباشرة أو تقليدية إلا أنه يحافظ من خلالها على البساطة والعمق معاً، فيحسُها المواطن البسيط ويفهم دلالاتها بكل حمولتها الفكرية المثقف، ولأن طلال حيدر يرفض أن يكتب صورة مكررة سبقه غيره إليها، أو حتي كتبها هو نفسه من قبل، جاءت قصائده غوصاً في أعماق خياله الشعري الذي لم يطاوله فيه أحد قط .
أشهر قصائده المغناة :
لحن الموسيقار الكبير زياد الرحباني قصيدة طلال حيدر ” وحدن بيبقوا متل زهر البيلسان ” وغنتها الكبيرة فيروز عام 1976، و فتح صوت العظيمة فيروز مسارات تأويل جديدة لكل كلمة وصورة من صور القصيدة، فقال طلال : ” القصيدة لمن يغنيها وليست لمن يكتبها ” .
غنى قصائد طلال حيدر كبار الفنانين اللبنانيين، لتدخل البيوت دون إذن أو موعد سابق عبر صوت فيروز التي غنت ” وحدن ، و يارايح، و يا راعي القصب ” ، وماجدة الرومي التي غنت لبسوا الكفافي، وعبر أغنيات مارسيل خليفة ” ركوة عرب، و قومي طلعي عالبال، شجر البن، وبيتي “، وغنى الراحل وديع الصافي أغنية “مينن هن”، التي غنتها أيضاً المطربة أميمة خليل .