نحن نعيش في هذه الدنيا، ونتذوق حلوها ومرها، فيوم حزن ويوم مفرح، ويوم ممزوح بكلا من الحزن والفرح، فحال الدنيا متغير ولا يقف عند محطة واحدة، بل الدنيا عبارة عن محطات، تقودنا إليها، ولا نقود أنفسنا إليها، وكل يوم نتعلم منها دروسا، لذلك كتب الكثير من الشعراء قصائد شهيرة عن الدنيا وحالها، منهم الإمام علي بن ابي طالب ، والإمام الشافعي ، والمتنبي وغيرهم ، والتي نقدمها في هذا المقال .

أجمل القصائد من أشهر الشعراء عن حال الدنيا

عليّ بن أبي طالب
إن المكارم أخلاق مطهرة
فَالدِّيْنُ أَوَّلُها والعَقْلُ ثَانِيها
وَالعِلْمُ ثالِثُها وَالحِلْمُ رابِعُها
والجود خامِسُها والفضل سادِيها
والبرّ سابعها والصّبر ثامنها
والشُّكرُ تاسِعُها واللِّين باقِيها
والنّفس تعلم أنّي لا أصادقها
ولست أرشد إلا حين أعصيها
دع الأيام

الشّافعي
دَعِ الأَيَّامَ تَفْعَلُ مَا تَشَاءُ
وَطِبْ نَفْساً إِذَا حَكَمَ القَضَاءُ
وَلا تَجْزَعْ لِحَادِثَةِ اللَّيَالِي
فَمَا لِحَوَادِثِ الدُّنْيَا بَقَاءُ
وَكُنْ رَجُلاً عَلَى الأَهْوَالِ جَلْداً
وَشِيمَتُكَ السَّمَاحَةُ وَالوَفَاءُ
وَإِنْ كَثُرَتْ عُيُوبُكَ فِي البَرَايَا
وَسَرّكَ أَنْ يَكُونَ لَهَا غِطَاءُ
تَسَتَّرْ بِالسَّخَاءِ فَكُلُّ عَيْبٍ
يُغَطِّيهِ كَمَا قِيلَ السَّخَاءُ
وَلا تُرِ لِلأَعَادِي قَطُّ ذُلاً
فَإِنَّ شَمَاتَةَ الأَعْدَاءِ بَلاءُ
وَلا تَرْجُ السَّمَاحَةَ مِنْ بَخِيلٍ
فَمَا فِي النَّارِ لِلظَّمْآنِ مَاءُ
وَرِزْقُكَ لَيْسَ يُنْقِصُهُ التَأَنِّي
وَلَيْسَ يَزِيدُ فِي الرِّزْقِ العَنَاءُ
وَلا حُزْنٌ يَدُومُ وَلا سُرُورٌ
وَلا بُؤْسٌ عَلَيْكَ وَلا رَخَاءُ
إِذَا مَا كُنْتَ ذَا قَلْبٍ قَنُوعٍ
فَأَنْتَ وَمَالِكُ الدُّنْيَا سَوَاءُ
وَمَنْ نَزَلَتْ بِسَاحَتِهِ المَنَايَا
فَلا أَرْضٌ تَقِيهِ وَلا سَمَاءُ
وَأَرْضُ اللهِ وَاسِعَةٌ وَلكِنْ
إِذَا نَزَلَ القَضَا ضَاقَ الفَضَاءُ
دَعِ الأَيَّامَ تَغْدِرُ كُلَّ حِينٍ
فَمَا يُغْنِي عَنِ المَوْتِ الدَّوَاءُ
ماذا تريد من الدنيا

أبو مسلم العماني
ماذا تريد من الدّنيا تُعنّيها
أما ترى كيف تفنيها عواديها
غدّارة ما وفت عهداً وإن وعدت
خانت وإن سالمت فالحرب توريها
ما خالصتك وإن لانت ملامسها
ولا اطمأنّ إلى صدقٍ مصافيها
سحرٌ ومكرٌ وأحزانٌ نضارتها
فاحذر إذا خالست مكراً وتمويها
وانفر فديتك عنها إنّها فتن
وإن دعتك وإن زانت دعاويها
كذّابة في دعاويها منافقة
والشّاهدات على قولي معانيها
تُريك حُسناً وتحت الحسن مهلكة
يا عشقيها أما بانت مساويها
نسعى إليها على علم بسيرتها
ونستقرّ وإن ساءت مساعيها
أمٌّ عقوقٌ وبئس الأمّ تحضننا
على غذاء سموم من أفاعيها
بئس القرار ولا ننفكّ نألفها
ما أعجب النّفس تهوى من يعاديها
تنافس النّاس فيها وهي ساحرة
بهم وهمهم أن يهلكوا فيها
يجنون منها على مقدار شهوتهم
وما جنوه ذعاف من مجانيها
من الذي لم ترعه من طوارقها
وأيّ نفس من البلوى تفاديها
كلّ البريّة موتور بما فتكت
لا ثأر يؤخذ لا أنصار تكفيها
الْهَتْكُمُ الدُّنْيَا عَنِ الآخِرَهْ

محمود سامي البارودي
أَلْهَتْكُمُ الدُّنْيَا عَنِ الآخِرَهْ
وهِي َ مِنَ الجَهلِ بِكُم ساخِره
وَغَرَّكُمْ مِنْهَا وَأَنْتُمْ بِكُمْ
جُوعٌ إِلَيْهَا قِدْرُهَا الْبَاخِرَهْ
يَمْشِي الْفَتَى تِيهاً، وَفي ثَوْبِهِ
مِنْ مَعْطِفَيْهِ جِيفَة ٌ جَاخِرَهْ
كَأنَّهُ فى كِبرهِ سادِراً
سَفينَة ٌ في لُجَّة ٍ ماخِرَه
كَم أنفسٍ عَزَّت بِسلطانِها
فِيما مَضَى وَهْي إِذَنْ داخِرَهْ
وعُصبة ٍ كانَت لأِموالِها
مَظِنَّة َ الْفَقْرِ بِها ذَاخِرَهْ
فَأَصْبحَتْ يَرْحَمُهَا مَنْ يَرَى
وَقَدْ غَنَتْ في نِعْمَة ٍ فَاخِرَهْ
فَلا جَوَادٌ صَاهِلٌ عَزَّهُمْ
يَوْماً، وَلاَ خَيْفَانَة ٌ شَاخِرَهْ
بَل عَمَّ دُنياهُم صُروفٌ، لَها
مِنَ الردَى أودِيَة ٌ زاخِره
يأيُّها النَّاسُ اتَّقوا رَبَّكم
وَاخْشَوْا عَذَابَ اللَّهِ والآخِرهْ
أنتُم قعودٌ ، والرّدَى قائمٌ
يُسْقِيكُمُ بِالْكُوبِ وَالصَّاخِرَهْ
فانتبِهوا مِن غَفلاتِ الهوى
وَاعْتَبِرُوا بِالأَعْظُمِ النَّاخِرَهْ
تزوّد من التّقوى

الشّافعي
تزوّد من التّقوى فإنّك لا تدري
إذا جُنّ ليلٌ هل تعيشُ إلى الفجر
فكم من عروس زينوها لزوجها
وقد قبضت أرواحهم ليلة القدر
وكم من صغار يُرتجى طولُ عُمرِهم
وقد أدخلت أرواحهم ظلمة القبر
وكم من صحيح مات من غير علّة
وكم من سقيم عاش حيناً من الدّهر
وكم من فتى أمسى وأصبح ضاحكاً
وقد نسجت أكفانه وهو لا يدري
وكم ساكنٍ عند الصباح بقصره
وعند المساء قد كان من ساكن القبر
فداوم على تقوى الإله فإنّها
أمان من الأهوال في موقف الحشر
تزود من التقوى فانك لا تدري
إذا جن ليل هل تعيش إلى الفجر

قال الشّعراء في الدّنيا بأبيات قصيرة:

شعر أبو العتاهية
أصبحتُ والله في مضيق
هل منْ دليلٍ على الطّريقِ
أفٍّ لدنيا تلاعبتْ بي
تلاعبَ الموج بالغريقِ
أصبتُ فيها دُريهماتٍ
فبغضتني إلى الصّديقِ

وقال في موضع آخر:
نظرت إلى الدّنيا بعين مريضة
وفكرة مغرور وتدبير جاهل
فقلت هي الدّنيا التي ليس مثلها
ونافست منها في غرور باطل
وضيمت أحقاباً أمامي طويلة
بلذّات أيّام قصار قلائل

وقال في موضع آخر:
عش ما بدا لك سالماً
في ظل شاهقة القصور
يسعى عليك بما اشتهيت
لدى الرَّواح وفي البكور
فإذا النّفوس تقعقعت
في ضيق حشرجة الصّدور
فهناك تعلم موقنا
ما كنت إلا في غرور

شعر المتنبّي
نبكي على الدّنيا وما من معشر
جمعتهم الدنيا فلم يتفرقوا
أين الأكاسرة الجبابرة الألى
كنزوا الكنوز فما بقين ولا بقوا
من كل من ضاق الفضاء بجيشه
حتّى ثوى فحواه لَحْدٌ ضيّق

شعر إبراهيم بن المهدي
عجباً عجبت لغفلة الإنسان
قطع الحياة بذلّة وهوان
فكرت في الدّنيا فكانت منزلاً
عندي كبعض منازل الرّكبان
مجرى جميع الخلق فيها واحد
فكثيرها وقليلها سيّان
أبغي الكثير إلى الكثير مضاعفاً
ولو اقتصرت على القليل كفاني
لله در الوارثين كأنّني
بأخصهم مُتبرّم بمكاني
قلقاً يجهّزني إلى دار البلا
مُتحفّزاً لكرامتي بهوان
مُتبرّئاً حتّى إذا نشر الثّرى
فوفى طوى كشحاً على هجراني

أبيات عن الدّنيا
تزود من الدّنيا فإنّك لا تبقى
وخذ صفوها لمّا صفوت ودع الزّلقا

ولا تأمننّ الدّهر إنّي أمنتُهُ
فلم يبق لي خِلّاً ولم يرعَ لي حقاً

قتلت صناديد الملوك فلم أدَعْ
عدوّاً ولم أهمل على ظنّه خلقاً

وأخليت دار الملك من كل بارع
فشرّدتهم غرباً ومزّقتهم شرقاً

فلمّا بلغت النّجم عزّاً ورفعةً
وصارت رقاب الخلق أجمع لي رِقّاً

رماني الرّدى رمياً فأخمد حمرتي
فها أنا ذا في حفرتي مفرداً ملقى