تختلف النظرة إلى المساء عند كل إنسان، فالبعض يرى أن المساء هو موعد الهدوء والسكينة والراحة، والبعض الآخر يرى أنه موعد الألم والاشتياق والبؤس، فبعضا يحب الليل ، والبعض الآخر يكرهه، والمساء عند الشعراء كذلك، فهناك شعراء قد عشقوا المساء وربطوه بالحب ، ومنهم من خشي المساء وربطوه بالرحيل والوجع، لذلك نقدم مجموعة من أفضل الأشعار عن المساء .

أجمل ما قاله الشعراء عن المساء

1- الشَّاعر حسين أحمد النجمي:
مساءُ الخيرِ يا قَمراً عَلى آفاقِنا يَظهرْ
مساءُ الخيرِ يا أحلَى مِن الدُّرَّاقِ والسُّكرْ
ويا أغلى مِن اليَاقوتِ والمُرجانِ والأصْفَرْ
ويا مَن فوقَ أهدابِي وبينَ جَوانِحي تَسهرْ
أنامُ السَّحرَ في عَينيكِ أمْ في هُدبِها أُبحِرْ
مساءُ الخيرِ يا زَهراً يُلوِّنُ دَربِي الأخضَرْ
مساءُ الندِّ والأطيابِ والكافورِ والعَنبرْ
مساءُ الشَّوق والأنغاِم والأشعارِ والمزهرْ
فأنتِ مِن السَّنا أبهَى وأنتِ مِن الشَّذا أعطَرْ
وأنتِ على مَرايا اللَّيلِ تِمثالٌ مِن المَرْمَرْ
يُطلُّ الكُحلُ مِن عَينيكِ يَغرقُ طَرفُكِ الأحوَرْ
مساءُ الشِّعرِ يا نَغماً عَلى قيثارَتِي يَسحَرْ

2- الشَّاعر محمود درويش:
هي في المَساءِ وحيدةٌ، وأنا وَحيدٌ مِثلها
بَيني وبَين شُموعِها في المَطعمِ الشَّتويِّ
طاولتان فارغتان… لا شيءٌ يعكِّرُ صَمتَنا
هي لا تَراني إذْ أرَاهَا… حينَ تَقطفُ وردةً مِن صَدرِها
وأنا كَذلِك لا أراها إذْ تَراني… حِينَ أرشفُ مِن نَبيذِي قُبْلَةً
هي لا تُفَتِّتُ خبزها، وأنا كذلك لا أريق الماءَ فوق الشًّرْشَف الورقيّ
(لا شيءٌ يكدِّر صَفْوَنا)
هي وَحْدها، وأَنا أمامَ جَمَالها وحدي. لماذا لا تًوَحِّدُنا الهَشَاشَةُ؟

3- الشَّاعر بدر شاكر السَّيَّاب :
بربِّ الهَوى يا شَمسُ لا تَتَعجلي لَعلِي أرَاها قَبلَ سَاعِ التَّرحُلِ
سَريتِ فأفُقُ الغَربِ يقلُكِ باسماً طَروباً وأفقُ الشَّرقِ بَادي التَّذلُلِ
كأنَّ السَّنَا إذ فارقَ الأرضَ واعتَلَى رُؤوسَ الرَّوابِي والنَّخيلِ المسبلِ
أحاسيسٌ أخفَاهَا الفُؤادُ وصَانَها زَمَانا ففاضَتْ مِن عيونٍ ومُقَلِ
ألا لَيتَ عُمرَ اليَوم يَزدادُ سَاعةً ليزدادَ عُمرُ الوَصلِ نَظرةَ مُعجلِ

4- الشاعر إبراهيم ناجي :
يا غلة المُتلَهفِ الصَّادِي يا آيتي وقَصيدَتي الكُبرَى
ماذا تَركت لَديَّ مِن زَادِ إلا استعادَة هَذهِ الذِّكرَى
يا لِلمساءِ العَبقريّ ومَا أبَقى عَلى الأيَّامِ في خَلدي
شَفتاكِ شَفا لوعةٍ وظما وجمالكِ الجَّبار طَوعُ يدي
نمشي وقَدْ طَالَ الطَّريقُ بِنا ونَودُّ لو نَمشي إلى الأبدِ
ونودُ لو خَلت الحَياة لنَا كطريقنا وغَدتْ بِلا أحدِ

5- الشاعر نزار قباني :
قِفي كَستنائيِة الخَصلات مَعي في صَلاةِ المسَا التَّائبةْ
نَرَ اللَّيلَ يَرصفُ نَجماته عَلى كَتف القَريةِ الرَّاهِبةْ
ويَرسمُ فوقَ قَراميدها شَريطاً مِن الصُّور الخالبةْ
قِفي وانظُري ما أحَبَّ ذُرانا وأسْخى أنامِلها الواهِبةْ
مَواويلٌ تَلمسُ سَقفَ بلادي وتَرسو على الأنجمِ الغَارِبةْ
على كَرزِ الأفقِ قَامَ المَساءُ يعلِّقُ لوحاته الشَّاحِبةْ
وتشرين شَهر مَواعيدنا يلوح بالديم السَّاكِبةْ
بَيادرُ كانت مَع الصَّيف ملأى تُنادِي عَصافيرها الهاربةْ
وفضلاتُ قشٍ وعطرٌ وجيعٌ وصَوتُ سُنُونُوَّةٍ ذَاهبةْ
شُحوبٌ، شُحوبٌ عَلى مَدِّ عيني وشَمسٌ كأمنيةٍ خَائبةْ
إطارٌ حَزين أحبُّكِ فيه وفي الحَرج يستنظِرُ الحَاطِبةْ
وفي عَبَقِ الخُبز في ضَيّعتي وطفرات تنورةٍ آبيه
وفي جَرسِ الدَّيرِ يبكي… ويَبكي وفي الشُّوحِ… في نَارِهِ اللَّاهِبه

6- وأيضا نزار قباني سرَّ المساء؛ فيقول:
ما دُمتِ لي… سرُّ المساءِ مَعي
وهذِه الأقمارُ أقماري
وأنجمُ المَساءِ لي مِئزرٌ
وفوقَ جَفنِ الشَّرق مِشوارِي

7-  غادة السَّمان :
وأصرخُ بملءِ صَمتي: أُحبُّكَ
وأنتَ وَحدكَ سَتسمَعُني مِن خَلفِ كلِّ تِلكَ الأسوار
أصرخُ وأناديكَ بملءِ صَمتي
فالمَساء حِينَ لا أسمع صَوتكَ… مجزرة
اللَّيلُ حينَ لا تَعلَقُ في شَبكَةِ أحلامي، شهقَةُ احتضارٍ واحدة.
المَساءُ وأنتَ بَعيدٌ هَكذا وأنا أقفُ عَلى عَتبةِ القَلق
والمَسافةُ بَيني وبَين لقائكَ جِسرٌ مِن اللَّيل
لم يَعد بوسعِي أنْ أطوي اللَّيالِي بدونكِ
لمْ يَعد بوسعِي أن أتابع تحريض الزمن البارد
لم يبقَ أمَامي إلا الزِّلزالُ… وحدهُ الزِّلزال
قدْ يمزجُ بَقايانَا ورَمادنا بعدَ أنْ حَرمتنا الحَياةُ فَرحةَ لقاءٍ لا مُتناهِ

8- الشَّاعر فاروق جويدة والمساء:
ويَمضِي المَساءُ عَلى جِفنِ دَربٍ تَركناهُ يَوماً لكأسَ القَدر
تُعربد فيه ليالي الصَّقيع ووحل الشِّتاء وموتُ الزَّهر
وتَمضي الحَياة عَلى وَجنتيه كحلمٍ تعثَّرَ ثُمَّ انتحرْ
وفوقَ المَقاعِدِ عَهد قديم وأصداءُ نَشوى وطيفٌ عَبَر
ويبكي الطَّريقُ عَلى الرَّاحلين عَلى مَن مَضى أو جَفا أو غَدر
ويَمضي المَساءُ عَلى جِفن دَربٍ رَعانا بدفءٍ كَشمسِ الشِّتاء
رأينا عَلى شَاطئيهِ الأمانَ وحُلماً يداعِبُنا في الخَفاءْ
وفي الدَّربِ عِشنا رَبيعَ الأماني سُكارى نُعانق فِيها السَّماءْ
شّدَونا نَشيدَ الهَوى للحيَارَى وفي الحُبِّ تَحلو لَيالِي الغِناء
رَجعنا إلى الدَّربِ بَعدَ الرَّحيلِ لنَرثي عليهِ بَقايَا لِقاء

9-  الشَّاعر صلاح ابراهيم الحسين:
هَلْ كُلَّما حَلَّ المَساء عَليَّ أنْ أبكِي؟
وأنْ أتلمَّسَ الأوراقَ بَحثاً عَن يَديكِ كأنَّني أعمى
أضاعَ نُجومه في الدَّربِ؟
أمضِي (لا إلى جِهة) على قَلَقي
وأنا أحِبُّكِ فوقَ مَا تَتَصورين الآن
لكني فَقدتُ براعةَ الشُّعراءْ في رَسمِ العَواطِفِ
صرتُ شَفافاً كجرحِ فراشَةٍ في اللَّيل

10- الشَّاعر بيان الصفدي:
ذَلك المَساء…
مساءٌ بنافذةٍ مَفتوحة… بأريكةٍ طويلةْ
وقهوةٍ تَعبقُ عَلى شَفتي
مساءٌ مٍن ألَق، لأنَّكِ مُعلَّقة كَنجمَةْ
عَلى صَدرهِ وعَلى صَدري كَصليبْ
ذلكَ المساء… يعودُ إليَّ دَائماً
يَدكُ كأنَّها الآنَ تَرتَعِشُ في يَدي، اندفاقُكِ المُفاجِئ عَلى رِمالي
عُريك الَّذي سَال نَحوي، راحَ يَكسوني قِطعةً قِطعةْ
يعبث بأشلائي
ذَلك المساء…. انبعثَ في الهَواء
دُخانُ روحي
روحي الَّتي لامَستْ عَريكِ المَسلـَّط عليَّ كضوءِ منارةٍ بحريةْ
مساءٌ بعيد… بشفَتين محمومَتين
تُحيطانِ بقَلبي كَقِلادة مِن نَار