المتنبي يعتبر من أعظم الشعراء العرب، وله تاريخ كبير في الشعر العربي، حيث ترك الكثير من القصائد في كافة ربوع الشعر، كما كان له العديد من قصائد الهجاء، التي تعتبر ايقونة شعرية مهمة جدا، والتي نقدمها اليوم أفضلها من خلال مقالنا اليوم .
قصائد الهجاء للمتنبي
هجاء المتنبي لمجهولين
أماتَكمُ مِن قَبلِ مَوتِكُمُ الجَهلُ وجرَّكُمُ مِن خِفّةٍ بِكُمُ النَّمْلُ
ولَيدَ أبيِّ الطَّيِّبِ الكَلْبِ ما لَكُم فطَنتُمْ إلى الدَّعوَى وما لكمُ عَقلُ
ولو ضربَتْكُم مَنجَنيقي وأصلُكُم قَويٌّ لهَدَّتكُمْ فكيفَ ولا أصلُ
ولو كُنتُم ممَّنْ يُدبِّرُ أمرهُ، لما صِرتُمُ نَسلَ الذي ما لهُ نَسْلُ!!
وقال ايضا
قِفَا تَرَيَا وَدْقي فهاتَا المخايِلُ، ولا تَخشَيا خُلفاً لِما أنا قائِلُ
رَماني خِساسُ النَّاسِ مِن صَائبِ استِهِ، وآخَرَ قُطنٌ من يَديهِ الجَنَادِلُ
ومِن جَاهلٍ بي وهوَ يَجهَلُ جَهلَهُ ويَجهَلُ عِلمي أنَّهُ بي جاهِلُ
ويَجهَلُ أنِّي مالكَ الأرْضِ مُعسِرٌ وأنّي على ظَهرِ السِّماكَينِ رَاجِلُ
تُحَقِّرُ عِندي هِمَّتي كُلَّ مطلَبٍ، ويَقصُرُ في عَيني المَدى المُتَطاوِلُ
وما زِلتُ طَوْداً لا تَزُولُ مَنَاكبي إلى أنْ بَدَتْ للضّيْمِ فيَّ زَلازِلُ
فقَلْقَلتُ بالهَمِّ الذي قَلْقَلَ الحَشَا قَلاقِلَ عِيسٍ كُلُّهنَّ قَلاقِلُ
إذا اللّيْلُ وارَانَا أرَتْنا خِفافُها بقَدحِ الحَصَى ما لا تُرينا المَشاعِلُ
كأنِّي مِنَ الوَجْناءِ في ظَهرِ مَوجَةٍ رَمَتْ بي بحاراً ما لَهُنَّ سَواحِلُ
يُخَيَّلُ لي أنَّ البِلادَ مَسَامِعي وأنّيَ فيها ما تَقُولُ العَواذِلُ
وَمَنْ يَبغِ ما أبْغي مِنَ المَجْدِ والعُلى تَسَاوَ المَحايي عِنْدَهُ وَالمَقاتِلُ
ألا لَيسَتِ الحاجاتُ إلَّا نُفُوسَكمْ ولَيسَ لَنا إلاّ السّيوفَ وَسائِلُ
فَمَا وَرَدَتْ رُوحَ امرءٍ رُوحُهُ له، ولا صَدَرَتْ عن باخِلٍ وهوَ باخِلُ.
غَثَاثَةُ عَيشي أنْ تَغَثّ كَرامَتي وَلَيسَ بغَثٍّ أنْ تَغَثّ المَآكلُ
هجاء من هجاه
أنا عَينُ المُسَوَّدِ الجَحْجَاحِ هيَّجَتْني كِلابُكُمْ بالنُّباحِ
أيكُونُ الهجانُ غَيرَ هِجانٍ أمْ يكونُ الصُّراحُ غيرَ صُراحِ
جَهِلُوني وإنْ عَمَرْتُ قليلاً نَسَبتْني لهُمْ رُؤوسُ الرِّماحِ
هجاء سوار الدليمي
بقِيَّةُ قَومٍ آذَنُوا بِبَوارِ وأنْضاءُ أسفارٍ كَشَربِ عُقارِ
نَزلْنا على حكمِ الرِّياحِ بمَسجِدٍ علينا لها ثَوبَا حَصىً وغُبارِ
خَليليَّ ما هذا مُناخاً لِمِثْلِنا فَشُدَّا عَليها وارْحَلا بنَهَارِ
ولا تُنكِرَا عَصفَ الرِّياحِ فإنَّها قِرَى كلّ ضَيْفٍ باتَ عِند سِوَار
هجاء القاضي الذهبي وهو غير شمس الدين الذهبي صاحب سير الأعلام
لمَّا نُسِبتَ فكُنتَ ابناً لغَيرِ أبٍ ثُمَّ اختُبِرْتَ فلمْ تَرْجِعْ إلى أدَبِ
سُمِّيتَ بالذَّهَبيِّ اليومَ تَسميَةً مُشتَقَّةً مِن ذَهابِ العَقلِ لا الذَّهَبِ
مُلَقَّبٌ بكَ مَا لُقِّبْتَ وَيْكَ بهِ يا أيُّها اللَّقَبُ المُلقَى على اللَّقَبِ
هجاء المتنبي لأبي دلف بن كنداج
أهْوِنْ بطولِ الثَّواءِ والتَّلفِ والسِّجنِ والقَيدِ يا أبا دُلَفِ
غَيرَ اختيارٍ قَبِلْتُ بِرَّكَ لي والجُوعُ يُرْضي الأُسودَ بالجِيفِ (الجيفة: الجثة المتفسخة)
كُنْ أيُّها السِّجنُ كَيفَ شِئتَ فقدْ وَطّنْتُ للمَوتِ نَفسَ مُعترِفِ
لوْ كانَ سُكنايَ فيكَ منقصَةً لم يكنِ الدرُّ ساكِنَ الصَّدَفِ
هجاء أبي الفرج السامري
أسَامَرِّيُّ ضُحْكَةَ كُلّ رَاءِ فَطِنْتَ وَكنْتَ أغْبَى الأغْبِيَاءِ
صَغُرْتَ عنِ المَديحِ فقلتَ أُهجَى كأنَّكَ ما صَغُرْتَ عنِ الهِجاءِ
وَما فَكّرْتُ قَبلَكَ في مُحالٍ وَلا جَرّبْتُ سَيْفي في هَبَاءِ
المتنبي والأعور بن كروس
فاغْفِرْ فِدىً لكَ واحبُني مِنْ بَعدها لِتَخُصَّني بِعطِيِّةٍ مِنْها أنَا
وانْهَ المُشيرَ عَليكَ فيَّ بضِلَّةٍ فالحُرُّ مُمْتَحَنٌ بأولادِ الزِّنَى
وإذا الفَتى طَرحَ الكَلامَ مُعَرِّضاً في مجْلِسٍ أخذَ الكَلامَ اللَّذْ عَنى
ومَكايِدُ السُّفَهاءِ واقِعَةٌ بهِمْ وعداوَةُ الشُّعَراءِ بِئسَ المُقْتَنى
لُعِنَتْ مُقارنةُ اللَّئيمِ فإنَّهَا ضَيْفٌ يَجرُّ مِنَ النَّدامةِ ضَيفَنا
غَضَبُ الحَسُودِ إذا لَقيتُكَ راضِياً رزءٌ أخَفُّ عليَّ مِن أنْ يُوزَنَا
المتنبي ووردان بن ربيعة الطائي
لَئِنْ تَكُ طَيِّءٌ كانتْ لِئَاماً؛ فألأمُهَا رَبِيعَةُ أوْ بَنُوهُ
وإنْ تَكُ طَيِّءٌ كانَتْ كِراماً فَوَرْدانٌ لِغَيرِهِمِ أبُوهُ
مَرَرْنَا مِنْهُ في حِسْمَى بعَبْدٍ يَمُجُّ اللُّؤمَ مَنْخِرُهُ وَفُوهُ
أشَذَّ بعِرْسِهِ عَنّي عَبيدي فأتْلَفَهُمْ وَمَالي أتْلَفُوهُ
فإنْ شَقِيَتْ بأيديهِمْ جِيادي، لَقد شَقِيَتْ بمُنصُليَ الوُجُوهُ
أبو الطِّيب في هجاء كافور
أمَا في هَذهِ الدُّنيا كَرِيمُ تَزُولُ بِهِ عنِ القَلبِ الهُمومُ
أمَا في هَذهِ الدُّنيا مَكَانٌ يُسَرُّ بأهْلِهِ الجارُ المُقيمُ
تَشابَهتِ البَهائِمُ والعِبِدّى عَلينَا والمَوَالي وَالصَّميمُ
ومَا أدري إذَا داءٌ حَديثٌ أصَابَ النَّاسَ أمْ داءٌ قَديمُ
حَصَلتُ بأرْضِ مِصرَ على عَبيدٍ كَأنَّ الحُرَّ بَينَهُمُ يَتيمُ
كَأنَّ الأسْوَدَ اللابيّ فيهِمْ غُرَابٌ حَولَهُ رَخَمٌ وبُومُ
أخَذتُ بمَدْحِهِ فَرَأيْتُ لَهْواً مَقَالي لِلأُحَيْمِقِ يا حَليمُ
ولمَّا أنْ هَجَوْتُ رَأيْتُ عِيَّاً مَقَاليَ لابنِ آوَى يا لَئِيمُ
فَهَلْ مِنْ عاذِرٍ في ذا وَفي ذا فَمَدْفُوعٌ إلى السَّقَمِ السَّقيمُ
إذا أتَتِ الإسَاءَةُ مِنْ وَضِيعٍ وَلم ألُمِ المُسِيءَ فَمَنْ ألُومُ
وقال يهجوه أيضاً:
وَماذا بمِصْرَ مِنَ المُضْحِكاتِ ولَكِنَّهُ ضَحِكٌ كالبُكَا
بهَا نَبَطيٌّ مِن أهْلِ السَّوَادِ يُدَرِّسُ أنْسَابَ أهْلِ الفَلا
وَأسْوَدُ مِشْفَرُهُ نِصْفُهُ يُقَالُ لَهُ أنْتَ بَدْرُ الدّجَى
وَشِعْرٍ مَدَحتُ بهِ الكَرْكَدَنَّ بَينَ القَرِيضِ وبَينَ الرُّقَى
فَمَا كانَ ذَلِكَ مَدْحاً لَهُ وَلَكِنّهُ كانَ هَجْوَ الوَرَى
وَقَدْ ضَلّ قَوْمٌ بأصْنَامِهِمْ فأمَّا بِزِقّ رِيَاحٍ فَلا
وتِلكَ صُموتٌ وذا ناطِقٌ إِذا حَرَّكوهُ فَسا أَو هَذى
وَمَنْ جَهِلَتْ نَفْسُهُ قَدْرَهُ رَأى غَيرُهُ مِنْهُ مَا لا يَرَى