بهاء الدين زهير (1186م - 1258م / 5 ذو الحجة 581 هـ - 4 ذو القعدة 656 هـ)، زهير بن محمد بن علي المهلبي العتكي بهاء الدين، شاعر من العصر الأيوبي.

ولد بوادي نخلة بالقرب من مكة المكرمة في الخامس من شهر ذي الحجة سنة 581 هـ، ومات رابع أيام شهر ذي القعدة بوباء حدث في مصر سنة 656هـ، نشأ وتلقى تعليمه بقوص بصعيد مصر وهى بلدة كانت عامرة زاهرة بالعلوم وليس في الديار المصرية وقتئذ بعد القاهرة أكثر منها عمراناً.

لما ظهر نبوغه وشاعريته التفت إليه الحكام بقوص فأسبغوا عليه النعماء وأسبغ عليهم القصائد. وطار ذكره في البلاد وإلى بني أيوب فخصوه بعينايتهم وخصهم بكثير من مدائحه. توثقت صلة بينه وبين الملك الصالح أيوب ويذكر أنه استصحبه معه في رحلاته إلى الشام وأرمينية وبلاد العرب. مات البهاء زهير في ذي القعدة 656 هـ.

سبب تغير الملك الصالح عليه

لم يكن تغير الملك الصالح عليه لريبة أو لسوء ظن بل لغفلة غفلها - وجل من لا يغفل ولا يسهو - وكان الملك الصالح كثير التخيل والغضب والمؤخذة حتى على الذنب الصغير والمعاقبة على الوهم لا يقيل عثرة ولا يقبل معذرة.

والغفلة التى غفلها البهاء زهير بل الزلة التى زلها هو أنه كتب عن الملك الصالح كتاباً إلى الملك الناصر داود صاحب الكرك، وأدخل الكتاب إلى الملك الصالح ليقره ويوقعه حسب العادة فلما وقف عليه الملك الصالح كتب بخطه بين الاسطر "أنت تعرف قلة عقل ابن عمي وانهيحب من يصله ويعطيه من يده فأكتب له غير هذا الكتاب ما يعجبه".

وبعث بالكتاب إلى البهاء زهير ليغيره وكان البهاء مشغولاً فاعطاه لأحد من معيته ليختمه ويجهزه إلى الملك الناصر داود ولم يتأمل ما فيه فذهب به الرسول، فأستبطا الملك الصالح عودة الكتاب اليه ثانياً فسأل عنه البهاء فقال له: أرسلته، فقال له: ألم تقف على ما كتبه بخطي بين الاسطر؟ فقال البهاء: ومن يجسر أن يقف على ما يكتبه الملك لأبن عمه.

فقامت قيامة الملك وبعث من يرد الرسول فلم يدركه حيث وصل إلى الملك الناصر داود فعظم عليه ما فيه وتألم منه وكتب جوابه للملك الصالح يعتب عليه فيه العتب المؤلم ويقول له فيه والله ما بي ما يصدر منك في حقي وإنما بي أطلاع كتابك على مثل هذا فعز ذلك على الملك الصالح فغضب على البهاء زهير.

 

من أشعاره مرثية في ابنه

نهاك عن الغواية ما نهاكا   وذقت من الصبابة ما كفاكا
وطال سراك في ليلِ التصابي   وقد أصبحت لم تحمد سراكا
فلا تجزع لحادثة الليالي   وقل لي إن جزعت فما عساكا
وكـيف تلوم حادثة وفيها   تبين من أحبك أو قلاكا
بروحي من تذوب عليه روحي   وذق يا قلب ما صنعت يداكا
لعمري كنت عن هذا غنيا   ولـم تعرف ضلالك من هداكا
ضنيت من الهوى وشقيت منه   وأنت تجيب كل هوى دعاكا
فدع يا قلب ما قد كنت فيه   ألست ترى حبيبك قد جفاكا
لقد بلغت به روحي التراقي   وقـد نظرت به عيني الهلاكا
فيا من غاب عني وهو روحي   وكيف أطيق من روحي انفكاكا
حبيبي كيف حتى غبت عني   أتعلم أن لي أحداً سواكا
أراك هجرتني هجراً طويلا   وما عودتني من قبل ذاكا
عهدك لا تطيق الصبر عني   وتعصي في ودادي من نهاكا
فكيف تغيرت تلك السجايا   ومن هذا الذي عني ثناكا
فلا والله ما حاولت عذراً   فكل الناس يعذر ما خلاكا
وما فارقتني طوعاً ولكن   دهاك من المنية ما دهاكا
لقد حكمت بفرقتنا الليالي   ولم يك عن رضاي ولا رضاكا
فليتك لو بقيت لضعف حالي   وكان الناس كلهم فداكا
يعز علي حين أُدير عيني   أفتش في مكانك لا أراكا
ولم أر في سواك ولا أراه   شمائلك المليحة أو حلاكا
ختمت علي ودادك في ضميري   وليس يزال مختوماً هناكا
لقد عجلت عليك يد المنايا   وما استوفيت حظك من صباكا
فوا أسفي لجسمك كيف يبلى   ويذهب بعد بهجته سناكا
ومالي أدعـي أني وفيّ   ولست مشاركاً لك في بلاكا
تموت وما أموت عليك حزناً   وحق هواك خنتك في هواكا
ويا خجلي إذا قالوا محبّ   ولم أنفعك في خطبٍ أتاكا
أرى الباكين معي كثيرا   وليس كمن بكى من قد تباكى
فيا من قد نوى سفراً بعيداً   متى قل لي رجوعك من نواكا
جزاك الله عني كل خيرٍ   وأعلم أنه عني جزاكا
فيا قبر الحبيب وددت أني   حملت ولو على عيني ثراكا
سقاك الغيث هتاناً وإلا   فحسبك من دموعي ما سقاكا
ولا زال السلام عليك مني   يرف مع النسيم على ذراكا