حكى القدماء عن رجل خرساني معروف بحنكته وإتقان صنعته وعلمه الكبير بعالم الأحجار وخصائصها وفيما تستخدم، فكان هذا التاجر يبحث عن بعض الأحجار ذات الخصائص المميزة وفي أحد الأيام كان يمر هذا التاجر في إحدى ممرات الأسواق بمصر وهناك رأى بائع عنده أحد الأحجار التي يعرفها ويبحث عنها فهو ذو خاصية رائعة في طرد الذباب ما أن تضعه على طاولة طعامك حتى تتخلص من الذباب إلى الأبد

حجر الذباب بخمسة دراهم:
أسرع الخرساني يطلب شراء الحجر من البائع  فقال البائع له إن ثمنه خمسة دراهم، فأسرع الخرساني وأخرج المبلغ وهو سعيد، وما أن أخذ البائع الثمن حتى صار يضرب كفًا بكف ويهزأ من هذا المغفل الذي يشتري حجر بخمسة دراهم، ثم قال للخرساني منذ أيام اشتريت هذا الحجر من صبي صغير كان يلعب به في الطريق، فأخذته منه بدانق فضة، وأنت اليوم أيها الأحمق تشتريها مني بخمسة دراهم.

حجر الذباب:
وهنا قرر الخرساني أن يرد عليه ولكنه اطمأن أن الحجر معه أولًا ثم قال: يا هذا يجب أن أعرفك أنك أنت الأحمق، وليس أنا، قال البائع كيف أكون الأحمق وقد ربحت من بيعك هذا الحجر خمسة دراهم، قال الخرساني للبائع قم معي وأنا أريك ماذا بعتني.

انطلق الخرساني ومعه البائع في السوق حتى وصلا إلى بائع التمر والذباب يحيط به من كل جانب، فطلب الخرساني من البائع أن يبتعد قليلًا عن التمر ثم وضع الحجر في القصعة التي يوجد بها التمر فطار جميع الذباب ولم يبقى منه شيء وظل الحال هكذا ساعة فأخذ الخرساني الحجر فعاد الذباب مرة أخرى، فعاد ووضع الحجر فطار جميع الذباب مرة أخرى وظل يفعل هذا ويكرره والبائع وبائع التمر ينظران في ذهول لما يقوم به الخرساني ولا يدرون السبب وراء ابتعاد الذباب.

من يكون الأحمق؟
أمسك الخرساني الحجر وخبأه أولًا ثم قال للبائع: يا أحمق هذا حجر الذباب، وقد قدمت في طلبه من خراسان ، يجعله الملوك عندنا على موائدهم فلا يقربها الذباب، ولا يحتاجون إلى مذبة، ولا إلى مروحة ثم قال: يا أحمق، والله لو لم تبعني إياه إلا بخمسمائة دينار لاشتريته منك.

العبرة من القصة:
الجهل هو أصل الشرور بالدنيا والحماقة بلاء قالوا قديمًا في الأمثال عدو عاقل خير من صديق جاهل، وهذا التاجر المصري لو علم ما يملكه هذا الحجر من قيمة لعرف كيف يبيعه ويستفيد منه، والخمسة دراهم كانت ستصبح خمسمائة دينار  إلا أن جهله جعله يبيع ما لا يعرف، وعلى الجانب الآخر نجد الخرساني بعلمه قد استطاع أن يحصل على ما يريد حتى وإن طال البحث عنه، ولطالما خاطب القرآن الكريم العلماء والعقلاء تشريفًا للعلم وتوقيرًا له ولحث المسلمين على التفقه والتعلم.

الوسوم
قصص تاريخية