الشاعر محمد بن علي السنوسي، هو شاعر وأديب ولد في جازان عام 1343 هـ، حيث نشأ وتلقى العلم على يد الشيخ علي بن أحمد عيسى، وحفظ على يديه القرآن الكريم، ونظم أول قصيده له عام 1359 هـ .
الشاعر محمد بن علي السنوسي
كان الشاعر محمد بن علي السنوسي من أهم شعراء المملكة، وقد ولد عام 1343 هـ وتوفى عام 1408 هـ، أحب الأدب والشعر والتاريخ، وقرأ كل الكتب الخاصة بهم في مكتبة أبيه، وهو القاضي والشاعر الشيخ علي بن محمد السنوسي، حيث أخذ على يديه مبادئ اللغة العربية وجزء من الفقه، وقد نظم الشاعر محمد السنوسي أول قصيده له عام 1359 هـ، وله خمسة دواوين شعرية هم : القلائد، الأغاريد، الأزاهير، الينابيع، ونفحات الجنوب .
أفضل قصائد الشاعر محمد بن علي السنوسي
1- أبيات من قصيدة إفاقة
فلما ذوى عودي وغاضت مناهلي
وأصبح روضي سبسب الحقل أجردا
تراءت لعينيَّ الحقيقةُ جهرةً
وضمّت يدي منها عناناً ومِقْودا
وشفّ من الأجواء ما كان غائماً
وقرّ من التيار ما كان مزبدا
وعُدت إلى نفسي جديداً كأنما
ولدتُ وما أحلاه عَوداً ومولدا
وراجعت ماضيّ الغرير وحاضري
وجرّدت من نفسي لنفسي مفندا
وقلت لأوهامي رويداً فلم يعدْ
سرابك يغريني وإن رقّ موردا
كأن على الإنسان ضربة لازبٍ
عبور الطريق الوعر مهما تزودا
يسير على أرض مشى في شعابها
أبوه ويعدو في الطريق الذي عدا
يرافقه وهْمُ الحياة وزيفها
يؤملُ إن أمسى ويرجو إذا غدا
غريراً تمنيه الأماني فينتشي
ويلهو فما ينفك غرّاً معربدا
إذا ما مضت من يومه ساعةٌ هفا
إلى غيرها مستعجلاً يطلب الغدا
دواليكَ والأيام تجري وتنقضي
سراعاً ولم يبلغ مراداً ولا مدى
فمن لي بتلقيني الحقيقة جرعة
مروقة لا أشتكي بعدها صدى .
2- قصيدة باقة إلى عابرة
خَطَرتْ في أناقةٍ ورشاقةْ
وتهادت في خفةٍ ومَشاقةْ
خطوَ عصفورةٍ على المرمرِ المصقولِ
وثباً وهزةً وانزلاقةْ
كل عضوٍ يهتزُّ فيها ويرتجُّ
وينداحُ رقةً واندفاقةْ
خطواتٌ مموسقاتٌ وجسمٌ
في تقاسيمه لحونٌ مراقةْ
غيَدٌ آسرٌ ودلُ فتونٍ
وجمالٌ ملائكيُّ الطلاقةْ
غادةٌ في جبينها طلعةُ الشمس
ففي كل لفتةٍ إشراقةْ
نظرتْ نظرةَ المدلِّ بحسنٍ
جُنَّ قلبي به وحُلّ وثاقهْ
نظرةً أيقظتْ براعم قلبٍ
شاعريٍّ وفتَّحتْ أوراقهْ
فتأملتُها وقلتُ لقلبي
والهوى قد أثاره وأشاقهْ
ويْكَ إن المحيط أزرق فاحذر
عمقه في لحاظها وازرقاقهْ
والسجوُّ الذي تراه نذيرٌ
لهبوبِ العواصفِ الخفاقةْ
حسبُكَ النفحةُ الشذيةُ يا قلبي
وحسبي من ذلك الروضِ باقةْ .
3- قصيدة إغراء الحب
سلوا راحَ عينيها ووردَ لماها
متى علِمَت أني صريعُ شذاها
فقد حرمتني نفحها وابتسامها
ورقةَ نجواها وحلوَ جناها
وبات يعنّيني هواها ودَلُّها
وتُسهرني أطيافها ورؤاها
وقد كنت آتيها فيهتزّ فرعها
طروباً كما هزّ الغصون صباها
وتصدح عيناها لحوناً وتنتشي
أحاديثها رفافة ولُغاها
وتضفي عليّ السحر والعطر والمنى
وتمنحني أنفاسها ونداها
فأصبح يغريها بي الحب أنني
أحب وأني لا أحب سواها
تصدّ إذا أقبلت زهواً وتنثني
وتمنعني حتى رخيم صداها
ولو علمت أني ضحاها وفجرها
لما احتجبت عن فجرها وضحاها
فلولا أغاريدي لما رفّ حسنها
ولولا أناهيدي لجفّ صباها
فيا واحة الصادي حناناً ورقة
لقد ظمئت نفسي وأنت حياها .
4- أبيات من قصيدة عودة إلى الطبيعة
قريتي قريتي الوديعة يا عش
فؤادي ويا مقر جناحي
كلما ضمني دجاكِ ورقّتْ
نفحاتُ الصبا على الأدواحِ
وانتشى الكون بالعبير وراح السيلُ
يختال في السهول الفساحِ
يغمر الأرض بالنعيم غزيراً
ويهز القلوب بالأفراحِ
نَعِمَتْ روحيَ الكئيبة بالصفو
وصحّت من الأسى والجراحِ
ربَّ كوخٍ يضمّ زوجين كالطفلين
طُهراً ورقةً كالأقداحِ
يملآن الحياة شدواً ويختالانِ
زهواً في غبطةٍ وارتياحِ
ويعيشان في هدوءٍ بريءٍ
من فُضولِ الغنى وكدّ الشّحاحِ
نَعِما بالحياة في ظلِّ عيشٍ
أخضرٍ من قناعةٍ وانشراحِ
فيلسوفان ينظران إلى الدنيا
كما تنظر الذرى للرياحِ
يتمنى عيشيهما صاحبُ القصر
المعلى وذو الظُّبى والرماحِ .
5- أبيات من قصيدة أمامك دنيا
حياتكَ أنْ تلقي الحياة .. بهمة
تخوض الخضم العد والثمد الضحلا
وتبسمَ في وجه الزمان إذا قسا
وتمشي ولو كان الثرى زلقاً وَحْلا
وإن كان شوكٌ في الطريق إلى العلا
وحاولت أن تجتازه فالبس النعلا
فأنكد ما يلقاه فكرٌ مهذبٌ
غباءٌ قويٌّ يحقر الفكر والفضلا
وأسعد ما تلقاه نفسٌ من المنى
رضىً باسمٌ يستعذب الشمس والظلا
على أنني منها على قمة الرجا
أراها بعين تركب الصعب والسهلا
فدع لِـيدِ الأيام غربلة القذى
فإن لها كفاً تغربلها نخلا
ولذ بحمى الإيمان وارضَ بما قضى
به الله، واعلم أن حكمته أعلى
فللدين فضل في الحياة لأنها
بغير الهدى تغدو جحيماً به نُصلى
وثق أنّ من أعطى الحياة جمالها
وأقواتها لم يهمل الدود والنملا .