الشاعر العراقي الشهير محمد مهدي الجواهري الذي لقب بشاعر العرب الأكبر ،بناء على انه عاش لمدة طويلة حيث عاش ما يقارب 98 عاما فهو من مواليد 26 يوليو 1899 وتوفي عام 27 يوليو عام 1997 ،كما لقب بشاعر الجمهورية لأنه كان قريب من رئيس الوزراء عبد الكريم قاسم إلى أن تقاطعت السبل والعلاقات بينهم وانتقل من العراق حينها إلى لبنان ،كتب العديد من القصائد الرائعة في مجالات ونواحي مختلفة منها الرثاء والوطن والهجاء والسياسة وغيرهم ، ولذلك سوف يتم طرح أفضل ما كتبه الشاعر العراقي الشهير محمد مهدي الجواهري خلال السطور التالية

في السياسة قال

أتعلم أم أنت لا تعلم ……… بان جراح الضحايا فمُ

فم ليس كالمدعي قولةً ……… وليس كآخر يسترحم

يصيح على المدقعين الجياع ……… اريقوا دماءكم تُطعموا

ويهتف بالنفر المهطعين ……….. أهينوا لئامكم تُكرموا

أتعلم أن جراح الشهيد …… تظل عن الثأر تستفهم

أتعلم أن جراح الشهيد …….. من الجوع تهظم ما تًلهم

تمص دماً ثم تبغي دماً ……….. وتبقى تلح وتستطعم

فقل للمقيم على ذلة ……. هجيناً يسخّرُ أو يُلجم

تقحّمْ . لُعِنت ، أزيزَ الرصاص ……….. وجرب من الحظ ما يُقسم

وخضها كما خاضها الأسبقون ……. وثّنِّ بما افتتح الأقدم

فإما إلى حيث تبدو الحياة ….. لعينيك مكرُمة تُغنَم

وإما إلى جدث لم يكن ……… ليفضله بيتُك المظلم

 

 

أي دبدبي تدبدبي أنا علي المغربي
أي طراطرا تطرطري تقدمي تأخري
تشيعي ، تسنني ، تهودي ، تنصري
تكردي ،تعربي ،تهاتري بالعنصرِ
تعممي تبرنطي ،تعقلي تسدري
كوني – إذا رمت العلا – من قُبُلٍ أو دُبُرِ
صالحة كصالح عامرة كالعمري
وأنت إن لم تجدي أبا حميد الأثر
ومفخرا من الجدود طيب المنحدر
ولم تري في النفس ما يغنيك أن تفتخري
شأن عصام قد كفته النفس شر مفخر
طوفي على الأعراب من بادٍ ومن محتضر
والتمسي منهم جدودا جددا وزوري
تزيدي تزبدي تعنـزي تشمري

 

وعن بغداد قال

لا درّ درّك من ربوع ديار
قرْبُ المزار بها كُبعْد مزار

يهفو الدّوار برأس من يشتاقها
ويصابُ وهو يخافها بدوار

لكأن طَيفكِ إذ يطوف بجنةٍ
غّناء يمسخها بسوح قفار

لا درّ درّكِ عرية غطى بها
من لعنة التاريخ شرُّ دثار

واستامها فلك النحوس وشوّهت
مما يدوّرُ دورة ُ الأقمار

عشرون قرناً وهي تسحب فوقها
بدم ٍ ذيول مواكب الأحرار

لم يْرو ِ فيها (الراقدين) على النهي
وعلى النبوغ غليل حقد وار

هوت الحضارة فوقها عربية ً
وتفردت (آشورُ) بالآثار

ومشت لوادي(عبقر ٍ) فتكفَّلت
بعذاب كل مدوّخ ٍ قهار

بابن المقفع ِ وابن قدوس
وبا لحلاّج والموحى له بشَّار

وبمالئ الدنيا وشاغل أهلها
وبأيما فلك لها دوّار

بأبي(مُحَسَّدَ ) وهي تقطع صلبه
لم يدري عارٌ مثل هذا العار

ديست رؤوس الخيريين وعُطّرت
أقدام فجّار ِ بها أشرار

وتُنوهبت مِزقاً لكل مُخنثٍ
أوصال فحل ٍ خالق هدّار

لا كنت من حجر ٍ(تبغدد) حوله
عّبادُ أصنام ٍ به أحجار

 

وفي الرثاء قال في قصيدة

( ناجيت قبرك )

في ذِمَّةِ اللهِ ما ألقَى وما أَجِــدُ

أهذهِ صَخرةٌ أم هذهِ كَبِـــدُ
قدْ يقتلُ الحُزنُ مَنْ أحبابهُ بَعُـدوا

عنه فكيفَ بمنْ أحبابُهُ فُقِــدوا

تَجري على رَسْلِها الدنيا ويَتْبَعُها

رأْيٌ بتعليـلِ مَجْراهـا ومُعْتَقَـدُ

أَعْيَا الفلاسفةَ الأحرارَ جَهْلُهمُ

ماذا يُخَبِّـي لهم في دَفَّتَيْـهِ غَـدُ

طالَ التَّمَحُّلُ واعتاصتْ حُلولُهمُ

ولا تَزالُ على ما كانتِ العُقَـدُ

ليتَ الحياةَ وليتَ الموتَ مَرْحَمَـة ٌ

فلا الشبابُ ابنُ عشرينٍ ولا لَبدُ

ولا الفتاةُ بريعانِ الصِّبا قُصِفَـتْ

ولا العجوزُ على الكَـفَّيْنِ تَعْتَمِـدُ

وليتَ أنَّ النسورَ اسْتُنْزِفَتْ نَصَفَاً

أعمارُهُنَّ ولم يُخْصَصْ بها أحـدُ

حُيِّيتِ (أمَّ فُـرَاتٍ) إنَّ والـدةًً

بمثلِ ما انجبتْ تُـكْنى بما تَـلِـدُ

تحيَّةً لم أجِدْ من بـثِّ لاعِجِهَـا

بُدَّاً وإنْ قامَ سَـدّاً بيننا اللَّحـدُ

بالرُوحِ رُدَّي عليها إنّها صِلَـةٌ

بينَ المحِبينَ ماذا ينفعُ الجَـســدُ

عَزَّتْ دموعيَ لو لمْ تبعثي شَجناً

رَجعتُ منهُ لحرَّ الدمعِ أَبْـتَــرِدُ

خلعتُ ثوبَ اصطبارٍ كانَ يستُرُنـي

وبانَ كَذِبُ ادَّعائي أنني جَلِـدُ

بَكَيْتُ حتى بكا مَنْ ليسَ يعرفُني

ونُحْتُ حتىَّ حكاني طائرٌ غَــرِدُ

كما تَفجَّر عيناً ثـرةًً حَجَـــرُ

قاسٍ تفجَّرَ دمعاً قلبيَ الصَّلِــدُ

إنَّا إلى اللهِ! قولٌ يَستريحُ بــهِ

ويَستوي فيهِ مَن دانوا ومَن جَحَدُوا

 

وفي الهجاء قال في هجاء بوش الاب
بم انتهى؟ وعلى من راح ينتصر
غول تصبغ منه الناب والظفر

بم انتهى؟ أبأن راحت تطارده
وسوف تدركه ، الأشباح والصور

تمدد الشوط من عمرى ليبصرنى
ما ينكر السمع، لو لم يشهد البصر

تزعم النصر غول لم يجىء خطرا
على البرية غول مثله خطر

الى يمينا بانجيل يشرعه
ألا يبقى على شىء ولا يذر

ولم يبق على شعب ، وينتصر
ولم يصابر على فرد ويندحر

نصر على من .. على بيت وربته
وصبية وعجوز هده الكبر

على الزروع؟ فلا ماء ولا شجر
على الضروع؟ فلا بس ولا ذرر

على الرضيع؟ فلا ثدى يلوذ به
ويوم أيعاد بوش يوم يحتضر

على القرى آمنات؟ أنس وحشتها
ما يسقط النور أو ما يطلع القمر؟

على الحضارة؟ ما انفكت تصب فيها
شتى الحضارات تستبقى وتختمر؟

يا مدع النصر زورا عن هزيمته
لايبدل الليل أن يستصنع القمر

بشرى العروبة !! ما فى الرافدين جنى
يقى الجياع، فلا أنثى ولا ذكر

 

قصيدة  الدم يتكلم وهي من اروع كتاباته

 

قبل أن تبكي النبوغ المضاعا

سُبَّ من جرَّ هذه الأوضاعا

سُبَّ من شاء أن تموت  وامثالك

هّماً وأن تروحوا ضَياعا

سُبَّ من شاء أن تعيش فلولُ

حيث اهلُ البلاد تقضي جياعا

دواني إن بين جنبي قلبا

يشتكي طول دهره أوجاعا

ليت أني مع السوائم في الأرض

شرودٌ يرعى القتاد آنتجاعا

لا ترى عيني الديار و تسمعُ

أذني ما لا تُطيق آستماعا

بعد(عشر) مشت بطاءً ثقالا

مثلما عاكست رياح شراعا

عرفتنا الآلامَ لوناً فلوناً

وأرتنا المماتَ ساعا فساعا

اختبرنا إنا أسأنا آختباراً

وآقتنعنا إنا أسأنا آقتناعا

وندمنا فهل نكفرُ عَّما

قد جنينا آجتراحة ً وآبتداعا

لو سألنا تلك الدماءَ لقالت

وهي تغلي حماسة ً واندفاعا

والليالي كلحاءَ لا نجمَ فيها

وتمرُّ الأيام سُوداً سِراعا

ليتكمْ طرتمُ شعاعاً جزاءً

عن نُفوس أطرتموها شعاعا

بلاماني جذابة ً قدتُموها

للمنّيات فانجذبن آنصياعا

وآدعيتم مستقبلا لو رأته

هكذا لم تُضع عليه صُواعا

ألهذا هَرقْتُموني وأضحى

ألف عرض وألف مُلك مُشاعا

أفوحدي كنتُ الشجاعة َ فيكم

أوَلا تمِلكون بعدُ شُجاعا

كلٌّ هذا المتاع َ بخسا ليأبى

الله أن تفصدوا عليه ذراعا

قلْ لمن سِلتُ قانيا تحت رجليهِ

وأقطعته القُرى والضّياعا

خبروني بأن عيشة قومي

لا تساوي حذاءك