هو عبد الملك بن قريب الأصمعي وشهرته الأصمعي (740 – 828)، ولد وتوفى بالبصرة اشتهر بإلقاء الشعر والأدب تتلمذ على يد علماء عصره مثل الإمام أبو حنيفة ومالك، له مؤلفات عديدة في الشعر والأدب والإعراب، له قصيدة شهيرة صوت صفير البلبل ألقاها أمام الخليفة أبو جعفر المنصوري.

نشأته وحياته :
ولد الأصمعي بالبصرة في عام 740م، لأسرة متعلمة تحب العلم والتعلم، تتلمذ على يد الإمام أبو حنيفة، ومالك ، والشافعي وابن حنبل، حتى صار أحد علماء اللغة، والشعر ويروى انه حفظ أثني عشر أرجوزة وهو ما زال في الحلم، تعرف الأصمعي على ثقافات متعددة خلال حياته وحرص على نقل العلم أينما كان، اشتهر بشعره الفصيح، وشارك في الكثير من الندوات العلمية والمناظرات التي كان يحرص عليها الخلفاء، وساهم فيها إسهامات عظيمة مما جعله أشهر أهل زمانه حتى توفى بالبصرة في عام  828م.

شهرة الأصمعي :
اشتهر بالترحال بين البلاد كانت رغبته وإقدامه على معرفة كل ما هو جديد ونقله للخلفاء تفوق أي رغبة، فقد كان يسعى دائمًا للتكسب من هذه الأخبار وكان الملوك والخلفاء يعرفونه ويحبونه، حتى أن الخليفة الرشيد أطلق عليه شيطان الشعر، فقد كانت يتمكن من إلقاء الشعر الفصيح ذو الكلمات الموزونة، وكان لا ينافسه أحد على شعره، وهذه إحدى أشعاره التي تحدى بها الخليفة العباسي أبو جعفر المنصور وهي قصيدة صوت صفير البليل .

قصيدة صوت صفير البلبل :
اشتهر عن الخليفة العباسي أنه كان يجمع الشعراء على أن يلقوا القصيدة أمامه والتي كان يشترط أن يلقيها الشاعر لأول مرة، وكان الخليفة يتمتع بموهبة عظيمة فإنه يحفظ الشعر من أول مرة يقال، ولديه غلام يحفظها من المرة الثانية، وجارية تحفظها من المرة الثالثة.

فكانت هذه الحيلة التي صنعها الخليفة ولم ينجوا منها أحدًا من الشعراء، فكل مرة يأتي الشاعر ليلقي قصيدة يعيدها عليه الخليفة ثم يأتي بالغلام ليسردها بعده، ويأتي بالجارية لتؤكد سردها بالمرة الثالث، حتى أصيب جميع الشعراء بخيبة الأمل.

ذكاء الأصمعي :
عرض الخليفة مكافأة كبيرة على من يأتي بشعر أمامه لم يسمع به من قبل، فسوف يكافئه بوزن ما كتبت عليه القصيدة من ذهب، عندما سمع الأصمعي بالأمر علم أن الأمر وراءه حيلة كبيرة، فأعد قصيدة غير منتظمة الأبيات ولا المعاني متنوعة الكلمات، تنكر الأصمعي حتى لا يعرفه الخليفة ولبس لبس الأعراب، ودخل على الخليفة وقال : لدي قصيدة لم تسمع بها من قبل، فضحك الخليفة وقال هات ما عندك، فقال :

صوت صفير البلبليهيج قلبي الثملى
الماء والزهر معامع زهر لحظ المقلى
وأنت يا سيد ليوسيدي ومولى لي

وزن القصيدة ذهب :
جعل يكمل الأصمعي القصيدة حتى انتهى منها، ولم يستطع الخليفة تذكر كلمة واحدة منها لأنها غير موزونة، وصعبة الكلمات، فأحضر غلامه، الذي لم يحفظ منها شيئًا، وبالمثل الجارية، وفي النهاية استسلم الخليفة، وقال للأصمعي:  سوف آتيك وزن لوح الكتابة ذهبًا، فعلى ماذا كتبت، فرد الأصمعي : ورثت عامود رخام لأبي نقشت القصيدة عليه، وهو بالخارج على جملي يحمله أربع جنود، فأمر بإحضاره ووزنه كله، إلا أن الخليفة شك في أمر الأعرابي فقال له : أزل لثامك يا أعرابي، فأزال الأصمعي اللثام فعرفه الخليفة فقال له : أتفعل هكذا بأمير المؤمنين يا أصمعي، قال : يا أمير المؤمنين قد قطعت رزق الشعراء، فقال له الخليفة : أعد المال يا أصمعي، فقال أعيده بشرط : فقال الخليفة : فما هو ؟، فقال الأصمعي : أن تعطي الشعراء على قولهم ومنقولهم، قال : لك ما تريد.