نبذة عن الشاعر كعب بن زهير
يعتبر كعب بن زهير من أشهر الشعراء المخضرمين، وكان كعب بن زهير من أشهر الشعراء في عصر الجاهلية، وقد عاش في العصرين عصر ما قبل الإسلام، وأيضا عصر صدر الإسلام، وقد أمر رسول صلى الله عليه وسلم بإهدار دمه، لأنه كان يهجو رسول الله ، لكن رسولنا الكريم عفا عنه لأنه جاء إلى الرسول صلى الله علية وسلم معتذرا عن كل شيء قام به  ، وبعدها دخل كعب بن زهير الإسلام.

حياة كعب بن زهير
يعتبر كعب بن زهير من عائلة شعرية، فوالده هو الشاعر الكبير ( زهير بن أبي سلمى)، وكان لوالده دور هام في تعلمه للشعر حيث تعلم مع أخيه بجير بن زهير، حيث أبية زهير بن أبي سلمى يعلمه الشعر ويساعده في تحفيظه بصفة مستمرة، وكانت شهرة كعب في حياة أكثر من الشاعر الخطيئة وذلك قبل الإسلام، وكان يقول الشعر منذ كان صغيرا، ولكن منعه أبيه من تنظيم الشعر حتى لا يكون شعره ضعيفا، وقام أبوه زهير بتعليمه الشعر باستمرار حتى أصبح كعب ان ينظم شعرا بمفرده بالشكل المطلوب، وبذلك يستطيع كعب بن زهير ان يستكمل مسيرة عائلته الشعرية.

وقد أعجب به أمير المؤمنين ( الفاروق عمر بن الخطاب)، وفي شعره تناول الكثير من الموضوعات المتنوعة، وقد تشابهت جميع الأغراض الشعرية في العصر الجاهلي مثل المدح، والغزل، والهجاء، الحكمة، والوقوف على الأطلال.

الفرق بين شعره في الجاهلية والشعر الذي نظمه
هناك فرق كبير بين شعره الذي كان ينظمه في العصر الجاهلي والشعر الذي نظمه في العصر الإسلامي،  هناك  اختلاف بينهما في الألفاظ وتراكيب التي كانت تستخدم في شعره، وأيضا التشبيهات الشعرية، فشعره بعد الإسلام كانت لغتها بسيطة، وبها نضوج فكري، وفي الغالب كان غرض أبياته الشعرية الحكمة، فلعب إسلامه دور كبير في حكمته، حيث ادرك معني قضاء الله وقدره، وأنه مهما حصل لإنسان المسلم من مصائب فيجب ان يرضي بقضاء ربه، ولا ييأس من رحمة الله تعالى، فالله هو رازق والمعطي والرحيم والكريم .

أسباب بلاغة كعب
يرجع السبب الرئيسي لبلاغة كعب هو نصائح التي قدمها زهير بن سلمي وأخيه بجير لكعب بن زهير، فكانوا يتبادلون الرسائل على هيئة أشعار، فكان والده يقوم بتعديل شعره وفي النهاية قد ترك كعب بن زهير بصمة في الشعر العربي، سواء في العصر الجاهلي أو العصر الإسلامي على حد سواء

من أشعار كعب بن زهير

قصيدة أَلاَ أَسْمَاءُ صَرَّمْتِ الحِبَالاَ    

 أَلاَ أَسْمَاءُ صَرَّمْتِ الحِبَالاَ

فَأَصْبَحَ غَادِياً عَزَمَ ارْتِحالاَ

وذَاتُ العِرْضِ قَدْ تَأْتِي إذَا مَا

أرادتْ صرمَ خلِّتها الجمالا

تعاورها الوشاة فغيَّروها

عن الحالِ التي في الدهر حالاَ

ومَنْ لاَ يَفْثَإ الوَاشِينَ عَنْهُ

صَبَاحَ مَسَاءَ يَبْغُوهُ الخَبَالاَ

فَسَلِّ طِلاَبَهَا وتَعَزَّ عنْها

بناجية ٍ كأن بها خيالا

أَمُونُ ما تَمَلُّ ومَا تَشَكَّى

إذا جشَّمتها يوماً كلالاَ

كان الرَّحلَ منها فوق جأْبٍ

يقلِّبُ آتنا خلجاً حيالاَ

مِنَ اللاَّتِي ألِفْنَ جَنُوبَ إير

كَأَنَّ لَهُنّ مِنْ سِبْتٍ نِعالاَ

يَظَلُّ جَبِينُهُ غَرَضاً لِسُمْرٍ

كأن نسورها حشيت نصالا

أَجَشُّ تَخَالُهُ عَلِقاً إذَا مَا

أَرَنَّ على جَوَاحِرِها وجَالاَ

فَأَبْلِغْ إنْ عَرَضْتَ بِنَا رَسُولاً

أبا المملوحِ إنَّ له جلالاَ

أمودٍ خلفكم هرَماً ولمّا

تَذُوقُوا مِنْ عَداوتِنا وَبَالاَ

ولَمَّا تَفْعَلُوا إلاَّ وَعِيداً

كفى بوعيدكم لهم قتالا

وَعِيدٌ تَخْدِجُ الأرْحامُ منه

ويَنْقُلُ مِنْ أَمَاكِنِها الجِبالاَ

خفيفُ الغيثِ تعجبُ من رآه

مَخِيلَتُه ولم تَقْطُرْ بِلالاَ

قصيدة بان الشبابُ وأَمْسَى الشَّيْبُ قد أَزِفَا   

بان الشبابُ وأَمْسَى الشَّيْبُ قد أَزِفَا

ولا أرى لشبابٍ ذاهبٍ خلَفا

عاد السوادُ بياضاً في مفارقهِ

لا مرحباً هابذا اللونِ الذي ردفا

في كلِّ يومٍ أرى منه مبيِّنة ً

تكاد تُسْقِطُ منِّي مُنَّة ً أَسَفَا

ليت الشَّبَابَ حَلِيفٌ لا يُزَايِلُنا

بل ليته ارتدّ منه بعضُ ما سلفا

ما شَرُّها بعد ما ابيضَّتْ مَسَائحُها

لا الود أعرفه منها ولا اللَّطفا

لو أنها آذنتْ بِكراً لقلتُ لها

يا هَيْدَ مالِك أو لو آذنَتْ نَصَفَا

لولا بنوها وقولُ الناسِ ما عطفتْ

على العتاب وشرُّ الودِ ما عطَفَا

فلن أزالَ ، وإنْ جاملتُ ، مضطغِناً

في غيرِ نائرِة ٍ ضبَّا لها شنَفَا

ولا حبٍ كحصيرِ الراملات ترى

من المطيِّ على حافاته نَطِفا

والمُرْذِياتِ عليها الطّيْر تَنْقُرها

إمّا لهِيداً وإمّا زاحِفاً نَطِفَا

قد ترك العاملاتُ الراسِماتُ به

من الأحِزَّة في حافاته خُنُفَا

يَهْدِي الضَّلُولَ ذَلُولٍ غيرِ مُعْتَرِفٍ

إذا تَكَاءدَه دَوِّيُّهُ عَسَفَا

سمحٍ دريرٍ اذا ما صُوَّة ٌ عرضتْ

له قَريباً لسَهْلٍ مال فانحرَفا

يجتازُ فيه القطا الكُدريّ ضاحية ً

حتّى يَؤوبَ سِمَالاً قد خَلَتْ خُلُفَا

يَسْقِينَ طُلْساً خَفِيّاتٍ تَرَاطُنُها

كما تَرَاطَنُ عُجْمٌ تَقْرَأ الصُّحُفَا

جَوَانحُ كالأَفَانِي في أَفاحِصِها

ينظُرْنَ خَلْفَ رَوَايَا تَسْتَقِي نُطَفَا

حمرٌ حواصلها كالمغدِ قد كسيتْ

فوقَ الحواجبِ مما سبدتْ شعفَا

يوماً قطعتُ وموماة ٍ سريتُ إذا

ما ضاربُ الدُّفِّ من جنانِها عزَفا

كلفْتُها حرّة َ الليتينِ ناجية ً

قَصْرَ العَشِيِّ تُبَارِي أَيْنُقاً عُصُفَا

أبقى التهجرُ منها بعد ما ابتذلتْ

مَخِيلة ً وهِبَاباً خَالَطَا كَثَفَا

تَنْجُو وتَقْطُر ذِفْرَاها على عُنُقٍ

كالجِذْع شذَّب عنه عاذِقٌ سَعَفَا

كأن رَحْلِي وقد لانتْ عَرِيكتُها

كسوتُه جورَفاً أقرابُهُ خصفَا

يجتازُ أرضَ فلاة ٍ غيرَ أنّ بها

آثارَ جنٍّ ووسماً بينهم سلفا

تَبْرِي له هِقْلة ٌ خَرْجاءُ تحسبَهُا

في الآلِ مخلولة ً في قرطفٍ شرفا

ظَلاَّ بأَقْرِية ِ النَّفَّاخِ يومَهما

يَحْتَفِرَانِ أُصُولَ المَغْدِ واللَّصَفَا

والشَّرْيَ حتّى إذا اخضرَّتْ أُنُوفُهما

لا يألوانِ من التنُّومِ ما نقفا

راحا يطيرانِ معوجَّين في سرعٍ

ولا يريعان حتى يهبطا أنُفا

كالحَبَشِيَّيْنِ خافَا من مَلِيكهما

بعضَ العَذاب فجالا بعدَ ما كُتِفَا

كالخاليَيْنِ إذا ما صَوَّبا ارتفعا

لا يحقرانِ من الخطبان ما نقفا

فاغترَّها فشآها وهي غافلة ٌ

حتى رأته وقد أوفى لها شَرفا

فشَمَّرَتْ عن عَمُودَيْ بانة ٍ ذَبَلاَ

كأنّ ضاحِيَ قِشْرٍ عنهما انْقَرَفَا

وقارَبَتْ من جَنَاحَيْها وجُؤْجُئِها

سكَّاءَ تثني إليها ليناً خُصفَا

كانت كذلك في شأوٍ ممنعة ٍ

ولو تَكَلَّفَ منها مِثْلَه كَلِفَا

قصيدة أتَعرِفُ رَسْماً بين رَهْمَانَ فالرَّقَمْ  

أتَعرِفُ رَسْماً بين رَهْمَانَ فالرَّقَمْ

إلى ذي مراهيطٍ كما خطَّ بالقلمْ

عفتهُ رياحُ الصيفِ بعدي بمورها

واندية ُ الجوزاءِ بالوبلِ والِّيمْ

ديارُ التي بَتَّتْ قَوَانَا وصَرَّمتْ

وكنت إذا ما الحبل من خلة ٍ صرمْ

فزعتُ إلى وجناءَ حرفٍ كأنها

بأَقْرَابِها قارٌ إذا جِلدُها استَحَمْ

ألا أبلغا هذا المعرضَ أنه

أيقظانَ قالَ القولَ إذ قال أم حلمْ

فان تسألِ الأقوامَ عني فإنني

أنا ابنُ أبي سُلْمَى على رَغْم مَنْ رَغَمْ

أنا ابنُ الذي قد عاشَ تسعينَ حجة ً

فلم يَخْزَ يوماً في مَعدٍّ ولم يُلَمْ

وأَكْرمَه الأَكْفاءُ في كلِّ مَعْشَرٍ

كِرامٍ فإن كذَّبتَنِي فاسألِ الأُمَمْ

أتى العجمَ والآفاقَ منه قصائدٌ

بَقِينَ بَقاءَ الوَحْيِ في الحَجَرِ الأصَمِّ

أنا ابن الذي لم يخزني في حياتهِ

ولم أخزه حتى تغيّبَ في الرَّجمْ

فأُعْطِيَ حتَّى مات مالاً وهِمَّة ً

ووَرَّثنِي إذ ودَّع المجدَ والكَرَمْ

وكان يُحَامي حين تَنْزِلُ لَزْبة ٌ

من الدَّهْر في ذُبْيانَ إن حوضُها انْهَدَم

أقول شبيهاتٍ بما قال عالماً

بهنّ ومن يشبهْ أباه فما ظلمْ

إذا شِئتُ أَعْلَكْتُ الجَمُوحَ إذا بَدَتْ

نواجذ لحييه بأغلظِ ما عجمْ

أعيرّتني عزّاً عزيزاً ومعشراً

كراما بنوا لي المجدَ في باذخ أشمّ

هم الأصل مني حيثُ كنتُ وإنني

من المُزَنِيِّينَ المُصَفَّيْنَ بالكَرَمْ

همُ ضربوكم حينَ جُرْتُمْ عن الهُدَى

بأسيافهم حتى استقتم على القيمْ

وساقتْك منهم عُصْبة ٌ خِنْدِفيَّة ٌ

فما لكَ فيهم قَيْدُ كَفٍّ ولا قَدَمْ

همُ منَعوا حَزْنَ الحِجَازِ وسَهْلَه

قديماً وهم أَجْلَوْا أباكَ عن الحَرَمْ

فكَمْ فيهمُ من سيِّدٍ متوسِّعٍ

ومن فاعلٍ للخيرِ إن هَمَّ أو عزَمْ

متى أَدْعُ في أَوْسٍ وعُثْمانَ يَأْتِني

مساعيرُ حربٍ كلّهم سادة ٌ دعمْ

قصيدة أمِنْ أُمِّ شَدّادٍ رُسُومُ المَنَازِلِ  

أمِنْ أُمِّ شَدّادٍ رُسُومُ المَنَازِلِ

تَؤَهَّمْتُها مِنْ بَعدْ سافٍ ووابِلِ

وبعد ليلٍ قد خلونَ وأشهرٍ

على إثرِ حولٍ قد تجرّمَ كاملِ

أرى أمَّ شدادٍ بها شبهُ ظبية ٍ

تُطِيفُ بمَكْحُولِ المَدَامِعِ خاذِلِ

أغنَّ غضيضِ الطرفِ رخصٍ ظلوفه

ترودُ بمعتمٍّ من الرَّملِ هائلِ

وترنو بعيني نعجة ٍ أمِّ فرقدٍ

تظلُّ بوادي روضة ٍ وخمائلِ

وتخطو على بردتينِ غذاهما

أهاضيبُ رجَّافٍ العشياتِ هاطلِ

وتَفْتَرُّ عن غُرِّ الثَّنَايَا كأنّها

أقاحٍ تروَّى من عروقٍ غلاغلِ

فأصبحتُ قد أَنْكرتُ منها شَمَائلاً

فما شئتَ من بُخل ومن منعِ نائلِ

وما ذاكَ عن شيءٍ أَكُونُ اجْتَرَمْتُه

سوى أن شيباً في المفارق شاملي

فإن تصرميني ويبَ غيرك تصرمي

وأوذنْتِ إيذانَ الخليطِ المزايلِ

إذا ما خَلِيلٌ لم يَصِلْكَ فلا تُقِمْ

بِتَلْعَتِهِ واعْمِدْ لآخَرَ واصِلِ

ومستهلكٍ يهدي الضَّلولَ كأنه

حَصِيرُ صَنَاعٍ بين أَيْدِي الرَّوَامِل

مَتَى ما تَشَأْ تَسْمَعْ إذا ما هبَطْتَه

تراطنَ سربٍ مغربَ الشمسِ نازل

رَوَايَا فِراخٍ بالفَلاَة ِ تَوَائمٍ

تَحَطَّمَ عنها البَيْضُ حُمْرِ الحَوَاصِلِ

تَوَائِمَ أَشْباهٍ بغيرِ عَلاَمة ٍ

وضعنَ بمجهولٍ من الأرضِ خاملِ

وخرقٍ يخاف الرَّكبُ أن يدلجوا بهِ

يَعَضُّونَ من أهْوالِه بالأنَامِل

مخوفٍ به الجنان ، تعوي ذئابه

قطعتُ بفتلاءِ الذِّراعين بازلِ

صَمُوتِ السُّرَى خَرْساءَ فيها تَلَفُّتُ

لنبأة ِ حقٍّ أو لتشبيهِ باطلِ

تظل نسوغُ الرّحلِ بعد كلالها

لهنّ أطيطٌ بين جوْز وكاهلِ

رفيعِ المحالِ والضلوعِ نمتْ بهِ

قوائمُ عُوجٌ ناشِزاتُ الخَصَائلِ

تُجَاوِبُ أَصْدَاءً وحِيناً يَرُوعُها

تضورُ كسّابٍ على الرَّكبِ عائلِ

عُذَافِرَة ٍ تَختَالُ بالرَّحْلِ حُرَّة ٍ

تباري قلاصا كالنعام الجوافلِ

بوَقْعٍ دِرَاكٍ غيرِ ما مُتَكَلَّفٍ

إذا هبَطَتْ وَعْثاً ولا مُتَخَاذِلِ

كأن جريري ينتحي فيه مسحلٌ

من القمرِ بين الأنعمينِ فعاقل

يغرد في الأرض الفلاة بعانة ٍ

خِمَاصِ البُطُونِ كالصِّعَادِ الذَّوابِلِ

ونازِحة ٍ بالقَيْظِ عنها جِحَاشُها

وقد قَلَصتْ أَطْباؤها كالمَكَاحِلِ

وظَلَّ سَرَاة َ اليَوْمِ يُبْرِمُ أمرَه

برَابِيَة ِ البَحَّاءِ ذاتِ الأَعَابِلِ

وهمَّ بوردٍ بالرسيسِ فصدَّه

رجالٌ قعودٌ في الدُّجى بالمعابلِ

إذا وردت ماءً بليلٍ تعرَّضتْ

مخافة رامِ أو مخافة َ حابلِ

كأن مدهدى حنظلٍ حيثُ سوَّفتْ

بأعطانها من لسِّها بالجحافلِ

قصيدة أمِنْ دِمْنة ِ الدَّارِ أَقْوَتْ سِنِينَا   

أمِنْ دِمْنة ِ الدَّارِ أَقْوَتْ سِنِينَا

بكيتَ فظلتَ كئيباً حزينا

بها جرَّتِ الريحُ أذيالها

فلم تبقِ من رسمها مستبينا

فلما رأيتُ بأنّ البكاءَ

سفاهٌ لدى دمنٍ قد بلينا

زجرتُ على ما لديّ القلو

صَ مِنْ حَزَنٍ وعَصَيْتُ الشُّؤونَا

وكنت إذا ما اعترتني الهمومُ

أكلِّفُها ذاتَ لَوْثٍ أمُونَا

عُذَافِرَة ً حُرَّة ً اللِّيطِ لا

سَقُوطاً ولا ذاتَ ضِغْنٍ لَجُونَا

كأنِّي شَدَدْتُ بأَنْسَاعِها

قويرحَ عامين جأباً شنونا

يقلِّبُ حقباً ترى كلَّهنَّ

قد حمَلتْ وأَسَرَّتْ جَنِينَا

وحلأهن وخبّ السَّفا

وهيجهنَّ فلما صدينا

وأخلفهُنَّ ثمادَ الغمار

وما كنّ من ثادقٍ يحتسينا

جَعَلْنَ القَنَانَ بإبْطِ الشِّمَالِ

وماءَ العُنَابِ جعَلْنَ اليَمِينَا

وبصبصْنَ بين أداني الغضا

وبينَ عُنَيْزَة َ شَأْواً بِطَينَا

فابقين منه وأبقى الطِّرا

دُ بَطْناً خَمِيصاً وصُلْباً سَمِينَا

وعُوجاً خِفَافاً سِلاَمَ الشَّظَى

ومِيظَبَ أُكْمٍ صَلِيباً رَزِينَا

إذا ما انتحاهنّ شؤْبوبهُ

رأيتَ لجاعرتيهِ غضونا

يُعَضِّضُهُنَّ عَضِيضَ الثِّقا

فِ بالسَّمْهَرِيَّة حتَّى تَلِينَا

ويَكْدِمُ أَكْفَالَها عابِساً

فبالشَّدِّ من شَرِّه يَتَّقِينَا

إذا ما انتحتْ ذاتُ ضغنٍ لهُ

أَصَرَّ فقد سَلَّ منها ضُغُونَا

له خلفَ أدبارها أزملٌ

مكانَ الرقيبِ من الياسرينا

يحشرجُ منهنّ قيدَ الذراعِ

ويَضْرِبْنَ خَيْسُومَه والجَبِينَا

فأوردها طامياتِ الجمامِ

وقد كُنَّ يأْجِنَّ أو كُنّ جُونَا

يثرنَ الغبارَ على وجههِ

كلَوْنِ الدَّوَاخِنِ فوقَ الإِرِينا

ويَشْرَبْنَ من بارِدٍ قَدْ عَلِمْـ

ـنَ أن لا دِخَالَ وأن لا عُطُونَا

وتَنْفِي الضَّفَادِعَ أَنْفَاسُها

فهُنَّ فُوَيْقَ الرَّجَا يُرْتَقِينَا

فصادفنَ ذا حنقٍ لاصقٍ

لصوقَ البُرامِ يظنُّ الظنونا

قصيرَ البنانِ دقيق الشَّوى

يقولُ أيأتينَ أم لا يجينا

يوُّمُّ الغيابة مستبشرا

يُصِيبُ المَقَاتلَ حَتْفاً رَصِينَا

فجِئْنَ فأَوْجَسْنَ من خَشْية ٍ

ولم يَعْتَرِفْنَ لَنفْرٍ يَقِينَا

وتلقي الأكارعَ في باردٍ

شَهِيٍّ مَذَاقَتُه تَحْتَسِينَا

يُبَادرْنَ جَرْعاً يُوَاتِرْنَه

كقرعِ القليبِ حصى القاذفينا

فأَمْسَك ينظرُ حتّى إذا

دَنَوْنَ من الرِّيِّ أو قد رَوِينَا

تَنَحَّى بصَفْرَاءَ من نَبْعة ٍ

على الكفِ تجمع أرزا ولينا

معدَّا على عجْسها مرهفاً

فَتِيقَ الغِرَارَيْنِ حَشْراً سَنِينَا

فارسل سهماً على فقرة ٍ

وهُنَّ شَوَارِعُ ما يَتَّقِينَا

فمَرَّ على نَحْرِهِ والذِّرَاعِ

ولم يكُ ذاكَ له الفعلُ دينا

فلهّف من حسْرة ٍ أمَّهُ

وولَّيْنَ من رهجٍ يكتسينا

تَهَادَى حَوَافِرُهنّ الحَصَى

وصمُّ الصُّخورِ بها يرتمينا

فقلقلهن سراة َ العشا

ءِ أسرعَ من صدرِ المصدرينا

يزرّ ويلفظ أوبارها

ويَقْرُو بهنّ حُزُوناً حُزُونَا

وتحسبُ في البحرِ تعشيرهُ

تَغَرُّدَ أَهْوجَ في مُنْتَشِينَا

فأَصْبَح بالجِزْع مُسْتَجْذِلاً

واصْبَحنَ مجتمعاتٍ سُكُونَا