الأخطل التغلبي ويكنى أبو مالك ولد عام 19 هـ، الموافق عام 640م، وهو شاعر عربي وينتمي إلى قبيلة تغلب العربية ، وكان مسيحياً، وقد مدح خلفاء بني أمية بدمشق في الشام، وأكثر في مدحهم، وهو شاعر مصقول الألفاظ، حسن الديباجة، في شعره إبداع. وهو أحد الثلاثة المتفق على أنهم أشعر أهل عصرهم: جرير والفرزدق والأخطل.

نشأته

  • هو: غياث بن غوث بن الصلت بن طارقة بن عمرو بن سيجان بن عمرو بن فدوكس بن عمرو بن مالك بن جشم بن بكر بن حبيب بن عمرو بن غنم بن تغلب بن وائل بن قاسط بن هنب بن أفصى بن دعمي بن جديلة بن أسد بن ربيعة بن نزار بن معد بن عدنان.

نشأ في دمشق واتصل بالأمويين فكان شاعرهم، وتهاجى مع جرير والفرزدق، فتناقل الرواة شعره، وكان معجباً بأدبه، تياهاً، كثير العناية بشعره. وكانت إقامته حيناً في دمشق وحيناً في الجزيرة الفراتية.

نظم الشعر صغيرا، ورشحّه كعب بن جعيل شاعر تغلب ليهجو الأنصار، فهجاهم وتعززت صلته ببني أمية بعد ذلك، فقرّبه يزيد، وجعله عبد الملك بن مروان شاعر البلاط الرسمي، يدافع عن دولة بني أمية، ويهاجم خصومها. أقحم نفسه في المهاجاة بين جرير والفرزدق حين فضّل الفرزدق على جرير، وامتدّ الهجاء بينه وبين جرير طوال حياته وقد جمع أبو تمام نقائض جرير والأخطل.

برع الأخطل في المدح والهجاء ووصف الخمرة، ويتهمه النقاد بالإغارة على معاني من سبقه من الشعراء، والخشونة والالتواء في الشعر والتكلّف أحيانا، وهو في نظرهم شاعر غير مطبوع بخلاف جرير، ولكنه واسع الثقافة اللغوية، تمثّل التراث الأدبي وأحسن استغلاله.

 

نماذج من شعره

أجود شعره على الإطلاق رائيتاه الشهيرتان وهما من عيون الشعر العربي، الأولى في هجاء القبائل القيسية، وهي :

أَلا يا اسلَمي يا هِندُ هِندَ بَني بَدرِ   وَإِن كانَ حَيّانا عِدىً آخِرَ الدَهرِ
وإن كنتِ قدْ أقصدتني إذ رَميتني   بسَهْمكِ، والرَّمي يُصيبُ، وما يدري
أسيلَة ُ مجرَى الدَّمعِ، أمّا وشاحُها   فجارٍ، وأمّا الحِجْلُ منها فما يجري
تموتُ وتحيا بالضجيعِ وتلتوي   بمطردِ المتمينِ منتبرِ الخصرِ
وكُنْتُمْ إذا تنأَون مِنّا، تَعَرَّضَتْ   خيالاتكمْ أو بتَّ منكمْ على ذكرِ
لقدْ حملتْ قيسَ بن عيلانَ حربُنا   على يابسِ السيساء محدوبِ الظهرِ
وقَدْ سرّني مِن قَيْسِ عَيْلان، أنّني   رَأيْتُ بني العَجْلانِ سادوا بني بدْرِ
وقَدْ غَبَرَ العَجْلانُ حِيناً، إذا بكى   على الزادِ ألقتهُ الوليدة ُ في الكسرِ
فيصبحُ كالخفاشِ، يدلكُ عينهُ   فقُبّحَ مِنْ وَجْهٍ لئيمٍ، ومَنْ حَجْرِ
وكُنْتُمْ بَني العَجْلانِ ألأممَ عِنْدَنا   وأحْقَرَ مِن أن تشهدوا عاليَ الأمْرِ
بني كلّ دسماء الثيابِ، كأنما   طلاها بنو العَجْلانِ مِن حُمَمِ القِدرِ
تَرَى كعْبَها قد زالَ مِن طولِ رَعِيها   وَقاحَ الذُّنابى بالسّويّة ِ والزِّفْرِ
وإن نزَلَ الأقْوامُ مَنْزِلَ عِفّة ٍ   نزَلتُمْ بَني العَجْلانِ مَنزِلَة َ الخُسرِ
وشاركَتِ العجلانُ كعباً، ولمْ تكُنْ   تشاركُ كعباً في وفاءٍ ولا غدرِ
ونجى ابن بدرٍ ركضهُ منْ رماحنا   ونضاحة ُ الأعطافِ ملهبة ُ الحضر
إذا قُلتُ نالَتهُ العوالي، تقاذفَتْ   به سوْحقُ الرجلين صايبة ُ الصدْر
كأنّهما والآلُ يَنجابُ عَنهُما   إذا انغَمسا فيهِ يَعومانِ في غَمْرِ
يُسِرُّ إلَيها، والرّماحُ تَنُوشُهُ:   فدًى لكِ أُمّي، إن دأبتِ إلى العَصرِ
فطَلَّ يُفَدِّيها، وطَلّتْ كأنّها   عقابٌ دعاها جنحُ ليلٍ إلى وكرِ
كأنَّ بِطُبْيَيْها ومَجرى حِزامِها   أداوى تسحُّ الماءَ منْ حورٍ وفرِ
ركوبٌ على السواءات قدْ شرمَ آسته   مزاحمة ُ الأعداء والنخسِ في الدبرِ
فطاروا شقاقاً لاثنتينِ، فعامرٌ   تَبيعُ بَنيها بالخِصافِ وبالتَّمْرِ
وأمّا سُلَيْمٌ، فاستَعاذَتْ حِذارَنا   بحَرَّتِها السّوْداء والجَبلِ الوَعْرِ
تَنِقُّ بلا شيءٍ شُيوخُ مُحاربٍ   وما خلتُها كانتْ تريشُ ولا تبري
ضَفادعُ في ظَلْماءِ لَيْلٍ تجاوَبَتْ   فدَلَّ عَلَيْها صَوْتُها حيّة َ البَحْر
ونحنُ رفَعْنا عَنْ سَلولٍ رِماحَنا   وعَمْداً رَغِبْنا عَنْ دماء بني نَصْرِ
ولو ببني ذبيانَ بلتْ رماحُنا   لقَرَّتْ بهمْ عَيْني وباءَ بهِمْ وِتْري
شفى النفسَ قتلى من سليمٍ وعامرٍ   ولمْ تَشْفِها قَتْلى عَنِيّ ولا جَسْرِ
ولا جشمٍ شرّ القبائلِ، إنها   كبيضِ القطا، ليسوا بسودٍ ولا حمرِ
وما ترَكَتْ أسْيافُنا حينَ جُرّدَتْ   لأعْدانا قَيْسِ بنِ عَيْلانَ مِنْ عُذْرِ
وقد عركتْ بابني دخانٍ فأصبحا   إذا ما احزَألاَّ مِثْلَ باقيَة ِ البَظْرِ
وأدْرَكَ عِلْمي في سُواءة َ، أنّها   تقيمُ على الأوتارِ والمشربِ الكدرِ
وظل يجيشُ الماءُ من متقصدٍ   على كل حالٍ من مذاهبهِ يجري
فأقسمُ لو أدركنهُ لقذفنهُ   إلى صَعْبَة ِ الأرْجاء، مُظْلمَة ِ القَعْرِ
فوَسّدَ فِيها كفَّهُ، أوْ لحجّلَتْ   ضِباعُ الصَّحاري حَوْلَهُ، غيرَ ذي قبرِ
لعَمْري لقَدْ لاقَتْ سُلَيْمٌ وعامِرٌ   على جانبِ الثرثاء راغية َ البكرِ
أعِنّي أميرَ المؤمنين بنَائِلٍ   وحُسْنِ عطاء، ليْس بالرَّيِّثِ النَّزْرِ
وأنتَ أميرُ المؤمنينَ، وما بنا   إلى صُلْحِ قَيْسٍ يا بنَ مَرْوان مِن فَقْرِ
فإنْ تكُ قيسٌ، يا بْنَ مرْوان، بايعَتْ   فقَدْ وَهِلَتْ قيسٌ إليك، مِن العُذْرِ
على غير إسلامٍ ولا عنْ بصيرة ٍ   ولكنّهُمْ سِيقوا إليكَ عَلى صُغْرِ
ولمّا تَبَيّنّا ضَلالَة َ مُصْعَبٍ   فتَحْنا لأهْلِ الشّامِ باباً مِنَ النّصْرِ
فقَدْ أصْبَحَتْ مِنّا هَوازِنُ كُلُّها   كواهي السُّلامى ، زِيد وقْراً على وَقْرِ
سَمَوْنا بِعِرْنينِ أشمَّ وعارِضٍ   لمنعَ ما بين العراقِ إلى البشرِ
فأصبحَ ما بينَ العراقِ ومنبجِ   لتَغْلِبَ تَرْدى بالرُّدَيْنِيّة ِ السُّمْرِ
إلَيْكَ أميرَ المؤمنينَ نَسيرُها   تخبّ المطايا بالعرانينِ من بكرِ
برأسِ امرئٍ دلّى سليماً وعامراً   وأوْرَدَ قَيْساً لُجَّ ذي حَدَبٍ غَمْرِ
فأسْرَين خَمساً، ثمَّ أصبحنَ، غُدوَة ً   يُخَبِّرْنَ أخْباراً ألذَّ مِنَ الخَمْرِ
تَخَلَّ ابنَ صَفارٍ، فلا تذْكُرِ العُلى   ولا تذكُرَنْ حَيّابِ قوْمكَ في الذِّكْرِ
فقد نهضت للتغلبين حية ٌ   كحية ِ موسى يوم أيدَ بالنصرِ
يُخْبَرْنَنا أنَّ الأراقِمَ فَلَّقُوا   جماجمَ قيسٍ بينَ رذانَ فالحضرِ
جماجمَ قومٍ، لمْ يعافوا ظلامة   ولمْ يَعْلَمُوا أيْنَ الوفاءُ مِنَ الغَدْرِ

 

وفاته

توفي الأخطل في السبعين من عمره سنة 92 هـ، الموافق عام 710م، في السنة الخامسة من خلافة الوليد بن عبد الملك. ولا تتوافر معلومات موثقة عن مكان وفاته، والأرجح أنه مات بين قومه في الجزيرة الفراتية. وقد مات على دينه المسيحية.