شرع الله الذكر لنذكره آناء الليل وأطراف النهار ، وقد ذكر الله تعالى الذاكرين في كتابه فقال: {الَّذِينَ آمَنُوا وَتَطْمَئِنُّ قُلُوبُهُم بِذِكْرِ اللَّهِ أَلَا بِذِكْرِ اللَّهِ تَطْمَئِنُّ الْقُلُوبُ} الرعد:28 ، ومن أفضل الذكر وأفضل القول قول لا إله إلا الله ، فمن فضل هذا الذكر كما أخبرنا أهل العلم : أنها براءة من الشرك ، وأنها هي كلمة التقوى والإخلاص والتوحيد ، إذ إنَّ الله سبحانه خلق الخلق ، وبعث الرسل ، وأنزل الكتب السماوية لأجلها ، ومن فضلها أنَّه من كانت آخر قوله في الدنيا دخل الجنة ، فوجبت بها المغفرة ، كما يعتق بها المسلم من النار ، وهي هبة أنعمها الله على عباده أن عرّفها وعلمها لهم ، كما يُعصم بها دم قائلها وماله ، ، وهي أوّل ما دعا إليه الرسل الكرام عليهم السلام ، وأوّل ما دعا إليه خاتم الأنبياء محمد صل الله عليه وسلم.
فضل قول لا إله إلا الله في السنة النبوية
لم تهمل السنة النبوية جانب الذكر ، فكان كثيرا ما يحض الرسول صل الله عليه وسلم أصحابه على ذكر الله بأذكار معينة يحبها الله ، ويفتح الله بهاعلى عبده ويغفر له ، وتعد كلمة التوحيد هي أفضل الذكر بعد القرآن الكريم ، وهي أثقل شيءٍ في الميزان ، يغفر الله بها الخطايا والذنوب ويتجدد بها الإيمان ، وحين ينطقها المسلم فإنّها تصعد إلى السموات حتى تصل إلى الله جلّ جلاله ، وهي من أفضل الأعمال ، تحفظ المسلم من الشيطان ، ويضاعف الله بها الأجر وتعتق بها الرقاب ، ومن قالها مخلصًا مؤديا لها حقها فإنّها تحرّم عليه النار .
وقد روي الكثير من حديث رسول الله عن فضل هذا القول فقال: (من قال: لا إلهَ إلَّا اللهُ وحدَه لا شريكَ له ، له المُلْكُ وله الحمْدُ ، وهو على كلِّ شيءٍ قديرٌ. في يومٍ مائةَ مرَّةٍ ، كانت له عِدلُ عشرِ رِقابٍ ، وكُتِبت له مائةُ حسنةٍ ، ومُحِيَتْ عنه مائةُ سيِّئةٍ ، وكانت له حِرزًا من الشَّيطانِ يومَه ذلك حتَّى يُمسيَ ، ولم يأتِ أحدٌ بأفضلَ ممَّا جاء به إلَّا رجلٌ عمِل أكثرَ منه).
وجاء في مسند أحمد عن أم هانئ بنت أبي طالب قالت : مر بي ذات يوم رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فقلت : يا رسول الله ، إني قد كبرت وضعفت – أو كما قالت – فمرني بعمل أعمله وأنا جالسة ، قال: “سبحي الله مائة تسبيحة ، فإنها تعدل لك مائة رقبة تعتقينها من ولد إسماعيل ، واحمدي الله مائة تحميدة ، تعدل لك مائة فرس مسرجة ملجمة ، تحملين عليها في سبيل الله ، وكبري الله مائة تكبيرة ، فإنها تعدل لك مائة بدنة مقلدة متقبلة ، وهللي الله مائة تهليلة ، قال ابن خلف: أحسبه قال: تملأ ما بين السماء والأرض ، ولا يرفع يومئذ لأحد عمل إلا أن يأتي بمثل ما أتيت به ، والحديث أورده الألباني في السلسلة الصحيحة .
وقد ورد في الحديث : من قال قبل أن ينصرف ويثني رجليه من صلاة المغرب والصبح : لا إله إلا الله وحده لا شريك له له الملك وله الحمد يحيي ويميت وهو على كل شيء قدير عشر مرات كتب الله له بكل واحدة عشر حسنات ومحا عنه عشر سيئات ورفع له عشر درجات ، وكانت له حرزا من كل مكروه وحرزا من الشيطان الرجيم ، ولم يحل لذنب أن يدركه إلا الشرك ، وكان من أفضل الناس عملا؛ إلا رجلا يفضله بقوله أفضل مما قال. رواه أحمد وقال الهيثمي والمنذري: رجاله رجال الصحيح غير شهر بن حوشب. وقال الألباني: حسن لغيره.
معنى لا إله إلا الله
تعد هذه الكلمة شعار الإسلام والقول الفرقان بين الشرك والإسلام ، يقول تعالى: {شَهِدَ اللَّـهُ أَنَّهُ لَا إِلَـٰهَ إِلَّا هُوَ وَالْمَلَائِكَةُ وَأُولُوالْعِلْمِ قَائِمًا بِالْقِسْطِ ، لَا إِلَـٰهَ إِلَّا هُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ} آل عمران:18 ، وتعني هذه الكلمة كما عرّفها العلماء أنّه لا مستحق للعبادة إلا الله تعالى ، وهي بذلك تتكوّن من شقين أساسيين هما نفي الألوهية الحقّة عن رب العزة سبحانه تعالى ، والركن الثاني هو إتثبي الألوهية الحقيقية لله جل وعلا دون سواه ، فـ (لا إله) تنفي كلّ شيء يعبد دون الله ، أمّا (إلا الله) فتوجب إثبات جميع أنواع العبادة وتوجهها لله تعالى وحده دون غيره ، فالله لا مشارك له في ملكه ولا شريك له في عبادته أيضًا .