ورد عن بعض المسلمين القيام بالنذر والذبح والتوسل عند قبور أولياء الله الصالحين فهل يتوافق هذا مع الشرع؟ وهل يشرع للمسلم أن يزور هذه القبور؟ وما حكم قراءة القرآن عند زيارة القبور؟ وهل تجوز زيارة قبور الكفار؟
حكم زيارة القبور:
شرع الله لرجال زيارة القبور في العموم لما جاء عن النبي صل الله عليه وسلم: «زوروا القبور فإنها تذكركم الآخرة» وعن بريدة بن الحصيب رضي الله عنه قال: كان النبي صل الله عليه وسلم يعلم أصحابه إذا زاروا القبور أن يقولوا: «السلام عليكم أهل الديار من المؤمنين والمسلمين وإنا إن شاء الله بكم لاحقون نسال الله لنا ولكم العافية»، وجاء أيضًا عن عائشة رضي الله عنها أن رسول الله صل الله عليه وسلم كان إذا زار القبور يقول: «السلام عليكم دار قوم مؤمنين وإنا إن شاء الله بكم لاحقون، يرحم الله المستقدمين منا والمستأخرين اللهم اغفر لأهل بقيع الغرقد».
حكم قراءة الفاتحة عند زيارة القبور:
لم يرد عن رسول الله صل الله عليه وسلم عند زيارته أن يقرأ الفاتحة أو غيرها من القرآن لذلك كانت قراءتها وقت زيارة القبور بدعة لقول رسول الله صل الله عليه وسلم: «من أحدث في أمرنا هذا ما ليس منه فهو رد» وأيضًا قال: «من عمل عملًا ليس عليه أمرنا فهو رد» وقد روي عن النبي أنه كان يقول في خطبة الجمعة: «أما بعد فإن خير الحديث كتاب الله وخير الهدي هدي محمد صل الله عليه وسلم وشر الأمور محدثاتها وكل بدعة ضلالة»، لذلك وجب على المسلمين اتباع الشرع وترك البدع.
حكم زيارة قبور أولياء الله الصالحين:
شرعت زيارة قبور المسلمين على العموم سواء كانوا أولياء أو غير أولياء فكل المؤمنين سواء من أولياء الله وفيهم قال الله تعال: {أَلَا إِنَّ أَوْلِيَاءَ اللَّهِ لَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ الَّذِينَ آَمَنُوا وَكَانُوا يَتَّقُونَ} [يونس 62 : 63]، {وَمَا كَانُوا أَوْلِيَاءَهُ إِنْ أَوْلِيَاؤُهُ إِلَّا الْمُتَّقُونَ وَلَكِنَّ أَكْثَرَهُمْ لَا يَعْلَمُونَ} [الأنفال:34]، ولكن ما لا يجوز ويعد من الشرك بالله هو ما يفعل عند قبور الأولياء مثل التوسل إليهم والاستغاثة بهم والنذر لهم والذبح تقربًا إليهم وطلب الحاجة منهم مثل شفاء المريض أو رد الغائب أو طلب الإنجاب إلى غير ذلك مما يعد من أمور العبادة التي لا تجوز إلى لله تعالى كما قال: {وَمَا أُمِرُوا إِلَّا لِيَعْبُدُوا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ حُنَفَاءَ} [البينة:5]، {وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ} [الذاريات:56]، {وَأَنَّ الْمَسَاجِدَ لِلَّهِ فَلَا تَدْعُوا مَعَ اللَّهِ أَحَدًا} [الجن:18]، {وَقَضَى رَبُّكَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ} [الإسراء:23]
وقد جاء عن رسول الله صل الله عليه وسلم: «لعن الله من ذبح لغير الله» وقال أيضًا: «حق الله على العباد أن يعبدوه ولا يشركوا به شيئًا»، «لا تطروني كما أطرت النصارى بن مريم إنما أنا عبد فقولوا عبدالله ورسوله».
حكم زيارة قبور الكفار:
لا يوجد مانع من زيارة قبور الكفار للذكرى والاعتبار ولكن يلزم على المسلم أن لا يستغفر لهم، ولا يذكر لهم من الدعاء شيء وقد ثبت في صحيح مسلم عن رسول الله صل الله عليه وسلم أن استأذن رب العزة أن يستغفر لأمه فلم يأذن له، وأنه استأذن في أن يزور قبرها فأذن له.