قال الله تعالى في سورة النساء في الآية الثامنة وسبعين  (أَيْنَمَا تَكُونُوا يُدْرِككُّمُ الْمَوْتُ وَلَوْ كُنتُمْ فِي بُرُوجٍ مُّشَيَّدَةٍ)، وسورة النساء من السور المدنية، وقد ورد فيها الكثير من الاحكام التي نزلت عن النساء.

تفسير قول الله تعالى ” اينما تكونوا يدرككم الموت ولو كنتم في بروج مشيدة “:
– تفسير الطبري: فسر الطبري قوله تعالى “أَيْنَمَا تَكُونُوا يُدْرِكْكُمُ الْمَوْتُ وَلَوْ كُنْتُمْ فِي بُرُوجٍ مُشَيَّدَةٍ”، أن في أي مكان سوف يأخذكم الموت ويقبض أرواحكم حتى ولو احتميتم بقلاح وحصون، وقد  قال أبو جعفر عن الآية: (لا تجزعوا من الموت ولا تهربوا من القتال ، وتضعفوا عن لقاء عدوكم حذرا على أنفسكم من القتل والموت ، فإن الموت بإزائكم أين كنتم، وواصل إلى أنفسكم حيث كنتم، ولو تحصنتم منه بالحصون المنيعة).

وهناك من اختلف في قوله تعالى ” ولو كنتم في بروج مشيدة “،  فقد قال قتادة : (في قصور محصنة)، وقال عنها ابن جريج:  (قصور مشيدة).

وقال مجاهد: كان فيمن كان قبلكم امرأة، وكان لها أجيرٌ، فولدت جارية. فقالت لأجيرها: اقتبس لنا نارًا، فخرج فوجد بالباب رجلا فقال له الرجل: ما ولدت هذه المرأة؟ قال: جارية. قال: أما إنّ هذه الجارية لا تموت حتى تبغي بمئة، ويتزوجها أجيرها،  ويكون موتها بالعنكبوت. قال: فقال الأجير في نفسه: فأنا أريد هذه بعد أن تفجر بمئة!! فأخذ شفرة فدخل فشق بطن الصبية. وعولجت فبرِئت، فشبَّت، وكانت تبغي، فأتت ساحلا من سواحل البحر.

فأقامت عليه تبغي. ولبث الرجل ما شاء الله، ثم قدم ذلك الساحل ومعه مال كثير، فقال لامرأة من أهل الساحل: ابغيني امرأة من أجمل امرأة في القرية أتزوجها! فقالت: ههنا امرأة من أجمل الناس، ولكنها تبغي. قال: ائتيني بها. فأتتها فقالت: قد قدم رجل له مال كثير، وقد قال لي: كذا. فقلت له: كذا. فقالت: إني قد تركت البغاء، ولكن إن أراد تزوَّجته! قال: فتزوجها، فوقعت منه موقعًا. فبينا هو يومًا عندها إذ أخبرها بأمره، فقالت: أنا تلك الجارية!، وأرته الشق في بطنها، وقد كنت أبغي، فما أدري بمئة أو أقل أو أكثر! قال: فإنّه قال لي: يكون موتها بعنكبوت، قال: فبنى لها برجًا بالصحراء وشيده. فبينما هما يومًا في ذلك البرج، إذا عنكبوت في السقف، فقالت: هذا يقتلني؟ لا يقتله أحد غيري! فحركته فسقط، فأتته فوضعت إبهام رجلها عليه فشدَخَتْه، وساحَ سمه بين ظفرها واللحم، فاسودت رجلها فماتت. فنـزلت هذه الآية.

– وقال السدي عن قوله “بروج مشيدة” : (هي قصور بيض في سماء الدنيا مبني)، وقال الربيع: (أن الموت يبلغكم ولو كنتم في قصور في السماء)، وقد اختلفوا في تفسير البروج المشيدة، وفسروها أهل البصرة أنها القصور الطويلة، وهناك من قال أنها تعني المباني المشيدة بالجص.

– فسر قوله تعالى: (وَإِنْ تُصِبْهُمْ حَسَنَةٌ يَقُولُوا هَذِهِ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ وَإِنْ تُصِبْهُمْ سَيِّئَةٌ يَقُولُوا هَذِهِ مِنْ عِنْدِكَ)، حيث قال أبو جعفر: (إن ينلهم رخاء وظفر وفتح ويصيبوا غنيمة من قبل الله ومن تقديره، وإن تنلهم شدة من عيش وهزيمة من عدو وجراح وألم يقولون هذا من عند محمد)، وقال ابن زيد في الآية الشريفة (إن هذه الآيات نزلت في شأن الحرب فقرأ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا خُذُوا حِذْرَكُمْ فَانْفِرُوا ثُبَاتٍ أَوِ انْفِرُوا جَمِيعًا فقرأ حتى بلغ: ” وإن تصبهم سيئة “، يقولوا: ( هذه من عند محمد عليه السلام، أساء التدبير وأساء النظر، ما أحسن التدبير ولا النظر).

– وفسر الطبري قوله تعالى (قلْ كُلٌّ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ)، أن الله أمر الرسول صلى الله عليه وسلم أن يخبر من أصابتهم حسنة أنها من عند الله، وقد قال أبو جعفر أن الله يعني (قل يا محمد لهؤلاء القائلين إذا أصابتهم حسنة: ” هذه من عند الله “، وإذا أصابتهم سيئة: هَذِهِ مِنْ عِنْدِك، كل ذلك من عند الله، دوني ودون غيري، من عنده الرخاء والشدة، ومنه النصر والظفر، ومن عنده الفَلُّ والهزيمة)، وقال قتاته في قوله تعالى  “قل كل من عند الله ” (النعم والمصائب).

– فسر الطبري قوله تعالى (فَمَالِ هَؤُلاءِ الْقَوْمِ لا يَكَادُونَ يَفْقَهُونَ حَدِيثًا)، أن الله تعالى في يديه مفاتيح السماوات والارض وأن كل شيء بيديه وبقدرته، وقد قال أبو جعفر عن الآية (فما شأن هؤلاء القوم الذين إن تصبهم حسنة يقولوا هَذِهِ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ، وإن تصبهم سيئة يقولوا هَذِهِ مِنْ عِنْدِكَ، ولا يكادون يعلمون حقيقة ما تخبرهم به، من أن كل ما أصابهم من خير أو شر، أو ضرّ وشدة ورخاء، فمن عند الله، لا يقدر على ذلك غيره، ولا يصيب أحدًا سيئة إلا بتقديره، ولا ينال رخاءً ونعمة إلا بمشيئته).

الوسوم
تفسير الايات