لقد تشعبت أساليب الحياة وتعقدت سبل العيش وراح كل فرد يبحث عن عمل ليحقق به وجوده أو لكي ينافس غيره في الترقي في مراكز الدنيا وقد خرجت المرأة واقتحمت زحام الحياة لتقف بدورها بجانب الرجل وتشاركه في كل الأعمال ووقفت أمامها الكثير من العقبات ما بين مؤيد لعملها أو معارض ولكن تطور الأجيال لا يتوقف وقد سايرت المرأة الحياة العصرية وزادت من الانخراط في المجتمع يومًا بعد يوم وتنوع كذلك أسباب خروجها من المنزل ، ولذلك فإن عمل المرأة يشكل مشكلة من المشكلات الاجتماعية التي يجب أن تؤخذ بعين الاعتبار وتحاط بالدراسة ، فالمرأة العاملة هي أم الرجل وأخته وزوجته وابنته وفي النهاية فإن محاسن عمل المرأة يعود بالنفع على المجتمع والرجل .
المرأة في الإسلام
بينما كان رجال الدين في فرنسا يناقشون هل المرأة إنسان أم غير إنسان كان النبي صلّ الله عليه وسلم يتهيأ لتقبل أعظم رسالة سماوية نادت بالمساواة بين الرجل والمرأة فقد أصدرت الكنيسة قرارها الأخير وأعلنت أن المرأة إنسان لخدمة الرجل أعلن النبي صلّ الله عليه وسلم أن النساء شقائق الرجال .
فقد أهل القرن السابع الميلادي على الأرض وقد هاجت الأمور وخلا الزمان من نبي مصلح وانحرفت البشرية عن شرائع الأديان وكانت جزيرة العرب يحكمها شريعة الغاب وسيطرت الدولتان الفرس والروم على العالم وبعث النبي محمد صلّ الله عليه وسلم لكي يُعلم الناس الخير واختاره من خير أمة كانت على الأرض فقد قال رسول الله صلّ الله عليه وسلم ” إن الله تعالى اختار العرب ، فاختار منهم كنانة والنضر بن كنانة ، ثم اختار منهم قريشًا واختار من قريش بني هاشم ثم اختارني من بني هاشم “
فقد أصلح الإسلام النفوس وزكاها ومسح عن جوهرها أدران العصبية وحمية الجاهلية فأشرقت القلوب بفطرتها فانقلبت القسوة إلى رحمة ، وقد احتوت المرأة رسالة الإسلام بجوانحها وأوت رسول الإسلام بقلبها وروحها وأول معين لرسول الله كانت السيدة خديجة رضي الله عنها ، اعتنق كثير من النساء الإسلام وتحملن الأذى وكن صابرات راسخات كالجبال وهاجرت كثيرات منهن مع أزواجهن إلى الحبشة هروبًا من بطش المشركين منهن السيدة سهلة بنت سهيل والسيدة أسماء بنت سلامة ، وأم المؤمنين رملة بنت أبي سفيان وغيرهن الكثيرات .
حكم عمل المرأة في الإسلام
ولذلك فقد أكد الإسلام حق النساء في العمل والإنتاج ، فبعد أن كانت النساء تعامل معاملة الملكية والمتاع في الجاهلية وكذلك في الكنيسة وكانت تحرم من أبسط حقوقها ولا تشارك في أي أنشطة مهمة في مجتمعها جاء الإسلام ليعلي من قدر النساء ويؤكد على حقوقها كاملة وسمح لها أن تشارك مع الرجل في المسئولية الاجتماعية فكانت تقف بجانب الرجال في المعارك في علاج الجرحى وتضميد الجراح وسقاية الجرحى ولعل من أشهر النساء الذين قمن بهذا العمل السيدة رفيدة رضي الله عنها ، كما أن الكثير من الصحابيات الجليلات كانوا يشاركن في المعارك ولعل أشهرهم أم عمارة التي وقفت تدافع عن النبي صلّ الله عليه وسلم في عزوة أحد بشجاعة منقطعة النظير .
هل عمل النساء يختلف عن الرجال
لقد سمح الإسلام للنساء بالعمل ولكن وفقًا لضوابط وشروط تحفظ كرامة المرأة وقيمتها ولا تتخلى عن عفتها فالنساء مختلفات عن الرجال من نواحي كثيرة لذلك يجب أن يكون العمل الخاص بالنساء مناسب مع طبيعتها الجسمانية والنفسية والعاطفية .
ضوابط عمل المرأة في الإسلام
وضع الإسلام ضوابط هامة لعمل النساء للمحافظة عليهن وحتى لا ينتقص من قدرهن ومن هذه الضوابط :
-أن يكون هنالك حاجة ملحة وضرورية لعمل المرأة المسلمة ، فالرجال هم المتكفلون بالنفقة والقوامة والأصل في تلك المسألة أن تظل المرأة في منزلها ولا تخرج إلا للضرورة طلما يسد الرجل حاجتها ويقوم بكافة المسئوليات عنها ، ولكن إذا أرادت أن تساعد زوجها فليس عليها حرج في ذلك ولكن بضرورة تسمح بذلك .
-أن يتناسب العمل مع طبيعة المرأة وصفاتها الجسدية والنفسية فكثير من الأعمال تنتقص من قدر المرأة مثل الأعمال الشاقة التي تتطلب قوة بدنية عالية وهي لا تتناسب مع طبيعة المرأة ورقتها وضعفها أو الأعمال التي تشجع التقليل من مكانتها وهيبتها وتضيع حياءها .
-أن يراعى مسائل الاختلاط في مكان العمل فقد حرص الدين الإسلامي على الفصل بين الرجال والنساء حتى لا يحدث فتنة ولكن الأصل منع الاختلاط إلا في حالات معينة عند الضرورة ، وضرورة الالتزام بالحجاب الشرعي أثناء العمل ، وخلو بيئة العمل من المحرمات والأمور التي نهى الدين عنها .
-ألا تضيع بسبب عملها ما أوجبه الله عليها كرعاية منزلها وأسرتها وأطفالها وشئون زوجها .
-عدم خروج المرأة للعمل بدون إذن زوجها إلا تعتبر في نظر الشرع ناشز ولكنها إذا اشترطت في عقد الزواج العمل فعليها مراجعة القاضي الشرعي حتى ينظر لها في المسألة .