الصداقة في الإسلام من أهم الأمور التي يبحث عنها المسلم ؛ حيث أن الله سبحانه وتعالى يُعظّم العلاقات الإنسانية ، ولذلك من الضروري أن يبحث المسلم عن الصديق الصالح الذي يأخذ بيده إلى الطريق المستقيم ، وقد تحدثت العديد من الخطب عن الصداقة وأهمية اختيار الصديق الصالح ، وحينما يكون هناك مناسبة دينية ؛ فقد تستمع إلى خطبة محفلية عن اهمية الصداقة ؛ باعتبارها إحدى أهم الروابط الإنسانية ، ويهتم الكثيرون بالاستماع إلى خطبة عن الصداقة .
تعريف الخطبة
الخُطبة بضم الخاء هي كل ما يقوله الخطيب على المنبر ؛ حيث يقال خطيب وخطابة ، وهي فن مخاطبة الجمهور الذي يعتمد على الإقناع والقدرة على التأثير من خلال إعداد موضوع للخطبة ؛ ثم يعرضه الخطيب شفاهةً أمام الجمهور ، ولابد أن يتسم الخطيب بالقبول من جمهوره ، وعليه أن يجتهد في الإلقاء والتعبير الجيد.
خطبة عن اختيار الصديق الصالح
بسم الله الرحمن الرحيم
أما بعد.. أيها الإخوة المسلمون.. السلام عليكم عباد الله
الحمد لله الذي ألّف بين قلوب عباده ليصبحوا بنعمته إخوانًا ، ونزع الغل من صدورهم ليظلوا في الدنيا أصدقاءًا وأخدانًا ؛ وليكونوا يوم القيامة رفقاءًا وخلانًا ، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن سيدنا وحبيبنا محمد عبده ورسوله ؛ اللهم صلِّ وسلم وبارك عليك يا سيدي يا رسول الله ، أما بعد أيها العباد فإني أوصيكم ونفسي بتقوى الله وهو القائل سبحانه وتعالى جلّ في علاه في كتابه العزيز “الْأَخِلَّاءُ يَوْمَئِذٍ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ عَدُوٌّ إِلَّا الْمُتَّقِينَ” ، ويخبرنا الله تعالى من خلال هذه الآية أن الأصدقاء سينقلبون إلى أعداء يوم القيامة لشدة أهوال هذا اليوم ؛ إلا المتقين.. وهو الاستثناء الحق حيث يُبعث المتقون وقد شملتهم رحمة الله.
ومن هنا إخوة الإيمان فلابد من إدراك اهمية اختيار الصديق الصالح في الدنيا ؛ كي يكون كذلك في الدار الآخرة ؛ فالصديق الصالح هو الذي يؤدي حقوق الله وحقوق العباد ، وبذلك فهو تقي يسعى إلى الطاعة التي تجعل منه صديقًا يتعاون على البر والتقوى ، وقد روي عن رسولنا الكريم عليه أفضل الصلاة والسلام أنه قال “المرء على دين خليله فلينظر أحدكم من يُخَالِل” ، أي أن الصديق الصالح سيجعل منك رجلًا صالحًا ؛ بينما الصديق السوء سيخذلك ويجرك إلى طريق السوء.
وقد أكد الرسول الكريم نفس المعنى في قوله صلى الله عليه وسلم “مَثَلُ الجَلِيسِ الصَّالِحِ وَالسَّوْءِ ، كَحَامِلِ المِسْكِ وَنَافِخِ الكِيرِ ، فَحَامِلُ المِسْكِ : إِمَّا أَنْ يُحْذِيَكَ ، وَإِمَّا أَنْ تَبْتَاعَ مِنْهُ ، وَإِمَّا أَنْ تَجِدَ مِنْهُ رِيحًا طَيِّبَةً ، وَنَافِخُ الكِيرِ : إِمَّا أَنْ يُحْرِقَ ثِيَابَكَ ، وَإِمَّا أَنْ تَجِدَ رِيحًا خَبِيثَةً” ؛ حيث يؤكد أن المجالس لا تصلح إلا بالصديق الصالح الذي يدعو للخير وينهى عن المنكر ؛ بينما صديق السوء يفسد المجلس ويؤدي بصديقه إلى الهلاك ، لذلك عليك أخي المسلم أن تحرص على حسن اختيار الصديق الذي تتوسم فيه الخير.
عليك أخي المسلم أن ترى في الصديق الصالح حُسن خُلقه وحكمته وصدقه وخوفه من الله تعالى ؛ فإن كان يقيم حدود الله دون رياء فاعلم أنه صديق صالح ، وإن كان يدعوك لفعل الخيرات والتقرب من الله فاعلم أنه صديق صالح يدعوك إلى الجنة ، وإن كان يُعينك على قضاء حاجتك دون أن ينتظر مقابل ، وإن كان يستر عيوبك ويكتم سرك فاعلم أنه صديق صالح ، إنما هي خصال المسلم الحق ، وعليك أن تنتبه جيدًا لتلك الصفات وغيرها مما يؤكد عليه المولى عزّ وجل ورسوله الكريم ، وفي النهاية اتقوا الله عباد الله واستغفروه يغفر لكم ذنوبكم ويُدخلكم بإذنه تعالى جنات النعيم.