القدوة واحدة من القضايا الاجتماعية التي يجب أن تحتل مكانها بين المشكلات المجتمعية التي يجب الاهتمام بها والعمل على حلها، حيث يجب العمل على إيجاد أنماط وأنواع من القدوة الحسنة لما لهذه القدوة من عظيم الأثر في التفوق والتقدم وبناء والمجتمعات وتحضرها.

ما المقصود بالقدوة الحسنة

القدوة لغويًا تعني المثل الذي يحتذى به أو الشخص الذي يتم التشبه به.

أما اصطلاحا فإن القدوة الحسنة تعني العمل على تغيير سلوك شخص ما بشكل جيد  أو في اتجاه خلقي جيد، على أن يتم هذا التغيير عن طريق إيجاد شخص يتم التشبه به أو يحتذى به ولنا نحن كمسلمين فإن لدينا أفضل قدوة يجب أن نقتدي بها وهو رسولنا صل الله عليه وسلم حيث قال رب العزة جل وعلى ” لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِمَنْ كَانَ يَرْجُو اللَّهَ وَالْيَوْمَ الْآخِرَ وَذَكَرَ اللَّهَ كَثِيرًا” ( الأحزاب/ آية 21 ).

يلاحظ هنا استخدام اللفظ أسوة الذي يمثل صيغة مبالغة في الإقتداء.

ما هى مواصفات القدوة الحسنة؟

حتى يمكن أن يعتبر شخص ما قدوة حسنة يجب أن تتوفر فيه مجموعة من الشروط الواجبة تتمثل في:

الصلاح إذ يجب أن يتمتع القدوة الحسنة بالإيمان والعبادة والإخلاص وهى شرط الصلاح.

الخلق الطيب والحسن غذ يجب أن يعرف ويشتهر عن القدوة أنه ذو خلق طيب.

أن يطابق قوله عمله حيث قال رب العزة ” يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا لِمَ تَقُولُونَ مَا لَا تَفْعَلُونَ * كَبُرَ مَقْتًا عِنْدَ اللَّهِ أَنْ تَقُولُوا مَا لَا تَفْعَلُونَ” ( الصف/ آية 2).

أن يبتعد عن مواطن الشبهات فلا يمتلك الجميع العقل الراجح للفصل بين ما هوة حقيقي وما هو ملتبس.

لماذا يتخذ البعض من شخص ما قدوة؟

هناك مجموعة من العوامل التي تدعوا البعض إلى  اتخاذ شخص ما قدوة تتمثل في:

الإعجاب فغالبًا من نعجب بهم نتأسى بهم في الأخلاق والسلوكيات وهو نوع من العوامل النفسية.

التنافس السوي يمكن أن يدفع منافسك إلى التأسي بك في محاولة للتغلب عليك أو التفوق.

العجز أو النقص مما يدفع هذا الشخص إلى محاولة تقليد من يشعر أنهم الأقوى أو الأفضل.

القدوة وأثرها على دافعية التفوق

القدوة الحسنة من الأسباب الهامة التي تدفع الإنسان إلى التفوق أو يمكن أن نطلق عليها وقود التفوق، فهى من العوامل الاجتماعية والبيئة التي تمتلك الأثر الأكبر في تكوين الشخصية، ويمكننا سرد مجموعة من الآثار التي تحدثها القدوة الحسنة على الأفراد منها:

التأسي بقدوة حسنة يدفعك إلى زيادة الارتباط بالعبادات وبالله والجد أكثر في طاعته، وكلما كانت علاقة الفرد بالله قوية كلما راعى الإنسان عمله حتى يتقنه مرضاة لله.

التأسي بالقدوة الحسنة تعمل على بناء شخصية قوية تتمتع بالعزة والكرامة.

التأسي بالقدوة الحسنة تساعد على إيجاد شخص على خلق عالية وكريمة.

التأسي بالقدوة الحسنة يعمل على إيجاد شخص محب لله قريب منه متفائل يضع ثقته بالله وبقدره.

التأسي بالقدوة الحسنة يعمل على إيجاد أشخاص يتمتعون بالتوازن الشعوري.

عند التأسي بقدوة حسنة فإنك تستطيع التعرف على ما بك من عيوب ونقاط ضعف وكذلك يعلمك كيف تستطيع التخلص من تلك  العيوب.

الإقتداء بالقدوة الحسنة يساعدك على أن تكون شخص إيجابي ومشارك في العمل الاجتماعي.

يمثل الفرد وحدة بناء الأسرة، والأسرة تمثل وحدة بناء المجتمع لذا فإن القدوة الحسنة كما لها أثر على الفرد فلها بالتبعية أثر على المجتمع يمكن إيضاحه فيما يلي.

الوحدة حيث أن التربية بالقدوة الحسنة تساعدك على إيجاد أفراد متوازنين ومتعاونين مما يخلق نوع من الوحدة أو التوحد أو إيجاد بيئة اجتماعية متماسكة تعمل في اتجاه واحد وفي تناغم، وهو ما يتناسب مع طبيعة الإنسان فالإنسان بطبعه كائن اجتماعي وكلما عاش في بيئة متجانسة أو متناغمة كلما كان هناك مجال أكبر للإنجاز والتفوق وبالتالي التقدم والتطور.

التربية بالقدوة الحسنة تعمل على إيجاد أفراد يتمتعون بالخلق وبدرجة عالية من الروحانية، لذا فإننا بالتبعية نحصل على مجتمعات يمكننا أن نعتبرها مجتمعات فاضلة.

بمن نقتدي؟

اول قدوة في حياة الإنسان غالبًا هى الأب والأم حيث أن احتكاك الطفل لا يكون إلا بهم ولكن مع خروجه إلى المجتمع يمكن أن تتعدد القدوات إلا أن المشكلة في العصر الحالي هو اضطراب البوصلة حيث بدأنا نتخذ قدوة من هم ليسوا أهلًا لذلك، لذا يجب أن تعلم بمن تقتدي ويأتي هنا دور الأسرة والمؤسسات التعليمية والإعلامية حيث يعملون على تعليم الأفراد ببعض المفاهيم في كيف تحدد القدوة الحسنة التي يجب التأسي بها وربما المؤسسة الدينة يقع على عاتقها العبء الأكبر في ذلك.

وبشكل عام فيما يخص مجتمعاتنا فإن أول قدوة يجب التأسي بها هى النبي صل الله عليه وسلم ومن بعده الصحابة والتابعين وعلمائنا، ويفضل الابتعاد عن من هم ليسوا على نفس الدين فغالبًا التأسي بهم سيتبعه تعلم أخلاقيات لا تناسب المجتمع وتضر بها وبنا.

القدوة الحسنة والتربية بالقدوة الحسنة واحدة من أهم وسائل التربية وواحدة من أهم وسائل بناء المجتمع فهى تعمل على تربية الفرد الذي يمثل نواة أو لبنة بناء المجتمعات لذا يجب ان يهتم الجميع بتعليم الأفراد يقتدون كما يجب على الأهل بالذات إيجاد القدوة الحسنة داخل محيط الأسرة فهى الأكثر تأثيرًا في الطفل والأكثر تأثيرًا في بناء وتشكيل أسس شخصية الفرد.