سنّ الله الزواج وجعله الطريق الصحيح لكفاية النفس وصونها عن الوقوع في المحرمات، وهو انطلاقة للوحدة الأولى والنواة الرئيسيّة في المجتمع ألا وهي الأسرة، إذ يزداد عدد الأفراد مع الأبناء وفي ذلك تحقيق لعمارة الأرض وحفظ الجنس البشريّ، وعلى المسلم أن يتحرى الشروط والصفات المشروعة لاختيار شريكة عمره.
روى أبو داود والنسائي عن أبي هريرة رضي الله عنه: قال النبي صلى الله عليه وسلم: “تنكح المرأة لأربع لمالها ولحسبها ولجمالها ولدينها فاظفر بذات الدين تربت يداك .
تفسير الحديث تنكح المرأة لثلاث
ومعنى الحديث أن الناس غالبا يرغبون في الزواج من المرأة لأربع صفات وهي الجمال والمال والحسب والدين، ولكن أصحاب الديانات والمروءات ، يكون الدين هو هدفهم نظرهم فيما يأتون ويذرون، سيما فيما يدوم أمره ويعظم خطره.
ولذلك فإن سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم يحث المسلمين على الظفر بذات الدين الذي هو غاية البغية، ومنتهى الاختيار والطلب. وإذا كان الجمال او اي صفة من الصفات التي تم ذكرها إلى جانب الدين فإن ذلك يكون جيد ولكن الدين هو الأولى والأجدر بالاختيار .
وتربت يداك المقصود بها دعاء معناه : لصقت يداك بالتراب من شدة الفقر إن لم تفعل، ولكن العرب يستخدمونه لمعاني أخرى مثل الإنكار والمعاتبة وتعظيم الأمر والحث على الشيء وهذا هو الهدف من الكلمة في هذا الحديث..
مقاصد الناس في الزواج
غالبا ما يقصد الناس في الزواج بالمرأة ذات الجمال ، أو ذات المال ، أو من يبحث عن ذات الجمال ، ومنهم من يختار المرأة ذات الدين ، وفي هذا الحديث يحث رسولنا الكريم على الزواج من المرأة ذات الدين حيث يقول : ( فاظفر بذات الدين تربت يداك ) .
وفي شرح مسلم يقول الإمام النووي رحمه الله :
” الصحيح في معنى هذا الحديث أن النبي صلى الله عليه وسلم أخبر بما يفعله الناس في العادة فإنهم يقصدون هذه الخصال الأربع ، وآخرها عندهم ذات الدين ، فاظفر أنت أيها المسترشد بذات الدين ، لا أنه أمر بذلك … وفي هذا الحديث الحث على مصاحبة أهل الدين في كل شيء لأن صاحبهم يستفيد من أخلاقهم وحسن طرائقهم ويأمن المفسدة من جهتهم ” اهـ باختصار .
وقال المباركفوري في تحفة الأحوذي :
” قال القاضي رحمه الله : من عادة الناس أن يرغبوا في النساء ويختاروها لإحدى الخصال واللائق بذوي المروءات وأرباب الديانات أن يكون الدين مطمح نظرهم فيما يأتون ويذرون ، لا سيما فيما يدوم أمره ، ويعظم خطره ” اهـ .
تفسير معنى تربت يداك
ويختلف علماء المسلمين في تفسير معنى قوله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( تربت يداك ) اختلافات كثيرة ، حيث قال النووي رحمه الله في شرح صحيح مسلم : ” وَالْأَصَحّ الْأَقْوَى الَّذِي عَلَيْهِ الْمُحَقِّقُونَ فِي مَعْنَاهُ : أَنَّهَا كَلِمَة أَصْلُهَا اِفْتَقَرَتْ , وَلَكِنَّ الْعَرَب اِعْتَادَتْ اِسْتِعْمَالهَا غَيْر قَاصِدَة حَقِيقَة مَعْنَاهَا الْأَصْلِيّ , فَيَذْكُرُونَ تَرِبَتْ يَدَاك , وَقَاتَلَهُ اللَّه , مَا أَشْجَعه , وَلَا أُمّ لَهُ , وَلَا أَب لَك , وَثَكِلَتْهُ أُمّه , وَوَيْل أُمّه , وَمَا أَشْبَهَ هَذَا مِنْ أَلْفَاظهمْ يَقُولُونَهَا عِنْد إِنْكَار الشَّيْء , أَوْ الزَّجْر عَنْهُ , أَوْ الذَّمّ عَلَيْهِ , أَوْ اِسْتِعْظَامه , أَوْ الْحَثّ عَلَيْهِ , أَوْ الْإِعْجَاب بِهِ . وَاللَّهُ أَعْلَم ” .
تفسير ابن باز لحديث الرسول تنكح المرأة لأربع
يقول رسول الله ﷺ في الحديث الصحيح: تنكح المرأة لأربع: لمالها، ولجمالها، ولحسبها، ولدينها، فاظفر بذات الدين تربت يداك
احرص على أن يكون هدفك الوحيد هو صلاح دينها، وإذا اجتمع صلاح الدين مع الجمال والمال والحسب فإن ذلك زيادة في الخير .
ولكن يجب أن لا يكون همك الوحيد هو المال او الجمال أو الحسب ، ومن الأفضل هو الأخذ في الاعتبار صلاح الدين واستقامة الأخلاق ، ويفضل قبل التحدث الى الزوجة سؤال عنها الخبيرين بها ، وإذا كانت بعيدة عن أسباب الفتنة والتبرج ، ومحافظة على الصلاة في مواعيدها ، فيفضل الاقتراب منها والتقدم للزواج منها ، اما اذا كانت خلاف ذلك ولا تهتم بدينها وتبحث عن التقرب لله فيفضل تركها ، حيث يفضل الزواج من المرأة ذات الدين.