الرسول صلّ الله عليه وسلم أكرم الخلق أجمعين اختصه الله عزوجل وطهره من نجس الجاهلية وخصصه بتبليغ رسالته ومدحه بالخلق العظيم ، فلا يمكننا حصر أخلاقه فهو الصادق الأمين معلم الناس الخير النبي المختار الهادي المرسل ، كان يتحمل الصعاب والشدائد ويؤثرها لنفسه من دون أتباعه دعا الله تعالى اللهم زود من سكراتي وخفف من سكرات أمتي وليس بعد مدح الله تعالى له مدح {وَإِنَّكَ لَعَلى خُلُقٍ عَظِيمٍ} سورة القلم الآية 4 ، والإيثار من الصفات الحميدة ومن كرم ذوي الأخلاق العالية وكان النبي صلّ الله عليه وسلم هو المعلم الأول لمعنى الإيثار فهنالك الكثير من القصص التي توضح معنى الإيثار في حياة النبي العظيم صلّ الله عليه وسلم .
قصص الإيثار في حياة النبي صلّ الله عليه وسلم
القصة الأولى : ذات مرة قدمت سيدة هدية إلى رسول الله صلّ الله عليه وسلم وكانت الهدية عبارة عن بردة فلبسها النبي صلّ الله عليه وسلم فقد كان يحتاجها صلّ الله عليه وسلم فقدم أحد أصحابه إليه وطلبها منه فقدمها صلّ الله عليه وسلم له بالرغم من حاجته إليها عن طيب خاطر ، فعندما رأى أصحاب النبي صلّ الله عليه وسلم ذلك فقالوا له ما كان عليه أن يطلبها والنبي يحتاج إليها ، فالنبي الكريم معروف عنه أنه لم يرد سائل فأخبرهم أن مقصده أن يُكفن بها عند الموت وهذا ما حدث احتفظ بها وكُفن بها عند موته .
القصة الثانية : في أيام الشدة التي جاءت على النبي صلّ الله عليه وسلم كان النبي صلّ الله عليه وسلم يربط الحجر على بطنه حتى يخفف من جوعه ، فحصل النبي صلّ الله عليه وسلم على غنائم كثيرة فمر رسول الله عليه وسلم بأعرابي فأعجب بالغنائم فقدمها الرسول صلّ الله عليه وسلم له ففرح بها وأسلم هو وقومه حينها .
قصص الإيثار في زمن النبي صلّ الله عليه وسلم
كان الرسول صلّ الله عليه وسلم يجلس وسط أصحابه فجاء شاب يتيم إليه يشكو فقال يا رسول الله كنت أقوم بعمل سور حول بستاني فطمع طريق البناء نخلة هي لجاري فطلبت منه أن يتركها لي لكي يستقيم الجدار فرفض فطلبت منه أن يبعها لي فرفض فطلب رسول الله صلّ الله عليه وسلم أن يأتوه بالجار فأتى الجار وقص عليه سيدنا محمد صلّ الله عليه وسلم شكوى الشاب اليتيم فصدق الرسل على كلامه فسأله رسول الله صلّ الله عليه وسلم أن يترك له النخلة فرفض الرجل فأعاد الرسول صلّ الله عليه وسلم قوله بيع له النخلة ولك نخلة في الجنة يسير الراكب في ظلها مائة عام فذهل أصحاب الرسول صلّ الله عليه وسلم ولكن الرجل رفض مرة أخرى طمعًا في متاع الدنيا .
فتدخل أحد أصحاب الرسول فقال إن اشتريت تلك النخلة وتركتها للشاب ألي نخلة في الجنة يا رسول الله فقال الرسول له نعم ، فقال الصحابي للرجل أتعرف بستاني يا هذا فقال فمن في المدينة لا يعرف بستان أبي الدحداح فمن في المدينة لا يعرف بستان أبي الدحداح وقصره وبئره فقال له بعني نخلتك مقال بستاني وبئري وقصري فوافق الرجل وأشهد الرسول الكريم صلّ الله عليه وسلم على البيع وتمت البيعة وبعد البيع قال للشاب اليتيم النخلة مني إليك ، فنظر لرسول الله سعيدًا وقال ألي نخلة في الجنة يا رسول الله قال لا فصدم ، فقال الرسول صلّ الله عليه وسلم الله عرض نخلة مقال نخلة في الجنة وأنت زايدت على كرم الله ببستانك كله ، ورد الله على كرمك وهو الكريم ذو الجود بأن جعل لك في الجنة بساتين من نخل أعجز عن عدها من كثرتها ، فعاد الرجل لزوجته وقال أخرجي من البيت لقد بعته بنخلة في الجنة يسير الراكب يها مائة عام فقالت له ربح البيع أبا الدحداح ربح البيع .
قصة جوع أبو هريرة رضي الله عنه
عن مُجَاهِدٌ أَنَّ أَبَا هُرَيْرَةَ كَانَ يَقُولُ:” اللَّهِ الَّذِي لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ إِنْ كُنْتُ لَأَعْتَمِدُ بِكَبِدِي عَلَى الْأَرْضِ مِنْ الْجُوعِ ،وَإِنْ كُنْتُ لَأَشُدُّ الْحَجَرَ عَلَى بَطْنِي مِنْ الْجُوعِ وَلَقَدْ قَعَدْتُ يَوْمًا عَلَى طَرِيقِهِمْ الَّذِي يَخْرُجُونَ مِنْهُ فَمَرَّ أَبُو بَكْرٍ فَسَأَلْتُهُ عَنْ آيَةٍ مِنْ كِتَابِ اللَّهِ مَا سَأَلْتُهُ إِلَّا لِيُشْبِعَنِي فَمَرَّ وَلَمْ يَفْعَلْ، ثُمَّ مَرَّ بِي عُمَرُ فَسَأَلْتُهُ عَنْ آيَةٍ مِنْ كِتَابِ اللَّهِ مَا سَأَلْتُهُ إِلَّا لِيُشْبِعَنِي فَمَرَّ فَلَمْ يَفْعَلْ، ثُمَّ مَرَّ بِي أَبُو الْقَاسِمِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَتَبَسَّمَ حِينَ رَآنِي وَعَرَفَ مَا فِي نَفْسِي وَمَا فِي وَجْهِي.
ثُمَّ قَالَ: يَا أَبَا هِرٍّ قُلْتُ لَبَّيْكَ يَا رَسُولَ اللَّهِ قَالَ الْحَقْ وَمَضَى فَتَبِعْتُهُ فَدَخَلَ فَاسْتَأْذَنَ فَأَذِنَ لِي فَدَخَلَ فَوَجَدَ لَبَنًا فِي قَدَحٍ فَقَالَ مِنْ أَيْنَ هَذَا اللَّبَنُ ؟ قَالُوا أَهْدَاهُ لَكَ فُلَانٌ أَوْ فُلَانَةُ قَالَ أَبَا هِرٍّ قُلْتُ لَبَّيْكَ يَا رَسُولَ اللَّهِ قَالَ الْحَقْ إِلَى أَهْلِ الصُّفَّةِ فَادْعُهُمْ لِي، قَالَ وَأَهْلُ الصُّفَّةِ أَضْيَافُ الْإِسْلَامِ لَا يَأْوُونَ إِلَى أَهْلٍ وَلَا مَالٍ وَلَا عَلَى أَحَدٍ إِذَا أَتَتْهُ صَدَقَةٌ بَعَثَ بِهَا إِلَيْهِمْ وَلَمْ يَتَنَاوَلْ مِنْهَا شَيْئًا وَإِذَا أَتَتْهُ هَدِيَّةٌ أَرْسَلَ إِلَيْهِمْ وَأَصَابَ مِنْهَا وَأَشْرَكَهُمْ فِيهَا، فَسَاءَنِي ذَلِكَ فَقُلْتُ وَمَا هَذَا اللَّبَنُ فِي أَهْلِ الصُّفَّةِ كُنْتُ أَحَقُّ أَنَا أَنْ أُصِيبَ مِنْ هَذَا اللَّبَنِ شَرْبَةً أَتَقَوَّى بِهَا فَإِذَا جَاءَ أَمَرَنِي فَكُنْتُ أَنَا أُعْطِيهِمْ وَمَا عَسَى أَنْ يَبْلُغَنِي مِنْ هَذَا اللَّبَنِ.
وَلَمْ يَكُنْ مِنْ طَاعَةِ اللَّهِ وَطَاعَةِ رَسُولِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بُدٌّ فَأَتَيْتُهُمْ فَدَعَوْتُهُمْ فَأَقْبَلُوا فَاسْتَأْذَنُوا فَأَذِنَ لَهُمْ وَأَخَذُوا مَجَالِسَهُمْ مِنْ الْبَيْتِ. قَالَ يَا أَبَا هِرٍّ قُلْتُ لَبَّيْكَ يَا رَسُولَ اللَّهِ قَالَ خُذْ فَأَعْطِهِمْ قَالَ فَأَخَذْتُ الْقَدَحَ فَجَعَلْتُ أُعْطِيهِ الرَّجُلَ فَيَشْرَبُ حَتَّى يَرْوَى ثُمَّ يَرُدُّ عَلَيَّ الْقَدَحَ، فَأُعْطِيهِ الرَّجُلَ فَيَشْرَبُ حَتَّى يَرْوَى ثُمَّ يَرُدُّ عَلَيَّ الْقَدَحَ، فَيَشْرَبُ حَتَّى يَرْوَى ثُمَّ يَرُدُّ عَلَيَّ الْقَدَحَ حَتَّى انْتَهَيْتُ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَقَدْ رَوِيَ الْقَوْمُ كُلُّهُمْ، فَأَخَذَ الْقَدَحَ فَوَضَعَهُ عَلَى يَدِهِ فَنَظَرَ إِلَيَّ فَتَبَسَّمَ فَقَالَ أَبَا هِرٍّ قُلْتُ لَبَّيْكَ يَا رَسُولَ اللَّهِ قَالَ بَقِيتُ أَنَا وَأَنْتَ. قُلْتُ: صَدَقْتَ يَا رَسُولَ اللَّهِ. قَالَ :اقْعُدْ فَاشْرَبْ فَقَعَدْتُ فَشَرِبْتُ فَقَالَ اشْرَبْ فَشَرِبْتُ فَمَا زَالَ يَقُولُ اشْرَبْ حَتَّى قُلْتُ لَا وَالَّذِي بَعَثَكَ بِالْحَقِّ مَا أَجِدُ لَهُ مَسْلَكًا قَالَ فَأَرِنِي فَأَعْطَيْتُهُ الْقَدَحَ فَحَمِدَ اللَّهَ وَسَمَّى وَشَرِبَ الْفَضْلَةَ .