الاحتلال الفرنسي في الجزائر: كانت فرنسا واحدة من الدول الاستعمارية في القرن الماضي، وقد دخلت الجزائر في عام 1830، على أمل أن تجعل منها مستوطنة فرنسية خالصة، وحتى تحكم سيطرتها على الجزائر بالكامل لم يرى قاداتها وجنرالتها بداً من إبادة الشعب الجزائري عن بكرة أبيه ونسف وتدمير كل ما يقع تحت أيديهم، وبناءً عليه فقد تم ارتكاب الكثير والكثير من المذابح والانتهاكات وجرائم الابادة الجماعية ضد الشعب الجزائري الأعزل دون تفرقة بين جنود ومواطنين عزل أو أطفال ونساء.
مظاهر الانتهاكات والابادة الجماعية التي ارتكبتها فرنسا في الجزائر
تشير المصادر التاريخية إلى انه تم إبادة حوالي 10 مليون نسمة من أبناء الشعب الجزائري، وهذا العدد هو العدد الذي تم حصره بالفعل ومما لا شك فيه أن هناك أعداد أخرى لم يتم حصرها أو العلم بها، وجاء ذلك العدد من الشهداء من خلال جرائم حروب الابادة الجماعية والتي تمثلت في القتل والذبح والحرق والنهب وتقطيع الرؤوس، حيث كانت فرنسا ومنذ دخولها الجزائر تهدف إلى طمس هوية الجزائريين وجعلهم مجرد أتباع لفرنسا ولكن وبسبب الثورات التي كانت تنشب دفاعاً عن الوطن اتبعت فرنسا هذه السياسة العنيفة والشرسة في احكام سيطرتها على الجزائر دون هوادة أو رحمة.
واستمرت فرنسا في دخول المدن والقرى الواحدة تلو الأخرى وعكفت على حرق المحاصيل والغلال والبيوت والمزارع، وذبح الرجال وانتهاك المنازل وقتل الأطفال، وهناك الكثير من الأمثلة والنماذج التي ظلت في ذاكرة التاريخ حتى اليوم ونذكر منها:
مذبحة عام 1841: جاء الجنود الفرنسيون إلى إحدى القبائل في الصحراء ومع وصولهم بدأ أهل القبيلة في الاستيقاظ من النوم وما كان من الجنود إلا أن دخلوا إلى الخيام يأخذون ما بها من طعام وشراب ويضرمون النيران بها ويقتلون سكانها، وعند ذلك بدأ أهالي القبيلة في الهروب والخروج إلى الصحراء هائمين على وجههم.
مذبحة عام 1843: تسمى هذه المذبحة بمذبحة بني مناصر وقد قادها أحد الجنرالات ويدعى لاموريسيير والذي يروي عن تلك المجزرة بكل فخر ويقول أن الفرنسيين قتلوا أبناء قرية حميدة بالكامل حيث كانت الجثث مكدسة فوق بعضها البعض، ولم يتبقى من أهالي هذه القرية أحد حتى أنهم استحوذوا على كل ما كان بها من ماشية وأغنام وطعام.
مذبحة عام 1945: كانت هذه واحدة من أبشع المذابح التي قادتها فرنسا ضد ابناء الشعب الجزائري العزل، وقد كان ذلك في أعقاب المظاهرة السلمية التي خرج فيها المواطنين الجزائريين في مناطق عدة من الجزائر يطالبون فرنسا بحق تقرير المصير الذي وعدتهم إياه عقب انتهاء الحرب العالمية الثانية ، وعقب مساعدة أبناء الجزائر لفرنسا وانقاذها من المانيا.
فما كان من الجنرالات الفرنسيين سوى أنهم جمعوا المتظاهرين دون تفرقة بين رجال ونساء فوق قمم الجبال وأطلقوا عليهم مدافعهم ليهوا صرعى إلى الوديان وبعد ذلك تم الردم فوق الجثث التي قدرت أعدادها بحوالي 45 ألف جثة للشهداء الجزائريين الذين لم يرتكبوا أي جريمة أو ذنب يعاقبوا عليه بهذه الوحشية المفرطة.
مذبحة عام 1955: جاءت هذه المذبحة رداً على هجوم قاده الشهيد زيغوت يوسف، حيث كانت فرنسا تريد أن تكون هذه المذبحة رادعاً لأبناء الجزائر حتى لا يفكر أحد في الخروج عليها او التظاهر ضدها فجاء هذا الهجوم الوحشي والذي حصد أرواح أكثر من 1500 شهيد وشهيدة، وقد كان هذا الهجوم بقيادة العقيد أوساريس الذي قام بحفر خندق كبير بالجرافة في ملعب سكيكدة وقام بقتل وشنق المواطنين ودفنهم بطول هذا الملعب الذي بقى شاهداً حتى يومنا هذا على بشاعة الاستعمار الفرنسي.
وهناك الكثير والكثير من النماذج التي يخلدها التاريخ للتذكرة بتلك المذابح والمجازر وحروب الابادة الجماعية الممنهجة التي قاتها فرنسا ضد الجزائريين منذ أن دخلتها في عام 1830 وحتى خرجت منها في عام 1962 في واحد من أطول الاحتلالات التي شهدتها الدول العربية والذي استمر قرابة 132 عاماً حاولت فيها فرنسا طمس هوية الجزائر العربية ولكنها لم تستطيع بفضل عزيمة الجزائريين المخلصين.