ربما كانت فترة ثلاثينيات القرن العشرين هي العصر الذهبي لملوك الجريمة وعصابات الإجرام الأمريكية ، فقد شهدت تلك الفترة صعود أو سقوط مجموعة من مشاهير الأسرار مثل بوني وكلايد وجون ديلنجر وبريتي بوي فلويد ونيلسون ذو وجه الأطفال .

لقد ولد نيلسون ذو الوجه الملائكي بين أكثر المجموعات سيئة السمعة في شيكاغو إلينوي في 6 ديسمبر 1908م ، واسمه الكامل هو نيلسون ليستر جوزيف جيليس ، وتبعًا لملفه في مكتب التحقيقات الفيدرالي ، فإنه بدأ حياة الجريمة في سن المراهقة المبكرة ، حيث أنه بدأ منذ صغره في التجول مع عصابة من الأحداث في شوارع شيكاغو مما أدى لدخوله إلى السجن في المرة الأولي عام 1922م وهو مازال في سن الرابعة عشر ، ثم انتهت حياته في عالم الجريمة تمامًا برصاصة أودت بحياته وهو مازال في الخامسة والعشرين من عمره .

ولكن قبل أن يذهب نيلسون إلى مثواه الأخير كان قد ترك بصمته واحد من أشد القتلة قسوة في التاريخ الأمريكي ويشتهر باسم نيلسون ذو الوجه الملائكي .

قبل أن يصبح نيسون قاتلًا بدأ عالم الجريمة بسرقة إطارات السيارات والسيارات وهو مازال طفل مراهق ، وكانت تلك السرقات مجرد تمهيد لقيامه بأول عملية سطو مسلح حيث قام في أوائل عام 1930 مع مجموعة من زملائه بمداهمة منزل صاحب مجلة ثري واستولوا على مجوهرات تبلغ قيمتها حوالي 3 ملايين دولار بسعر اليوم .

وفي وقت لاحق من نفس العام قام بسرقة كمية كبيرة من المجوهرات من زوجة عمدة شيكاغو نفسه ، وفي نفس الفترة تقريبًا قام بأول عملية سطو مسلح على بنك ، وقد كرر عمليات السطو على البنوك عدة مرات بعد ذلك بصحبة عصابة من الخارجين على القانون ، وبالرغم من العمليات الإجرامية الكبيرة التي قاموا بها ، إلا أن زملاؤه في العصابة أطلقوا عليه لقب ” الوجه الملائكي” وذلك بسبب مظهره الصبياني الرقيق وقامته القصيرة .

وبعد أن حصل على لقبه الجديد سرعان ما ارتكب نيلسون مجموعة من الجرائم الأكثر دموية ، ولكنه لم يكن بمفرده، بل كانت معه زوجته وشريكته في الإجرام “هيلين” ، وكانت أحد تلك الجرائم سببًا في جذب أنظار رجال القانون والصحافة والإعلام نحو الفتى بل وأيضًا اعتباره واحد من أسوأ القتلة في أمريكا .

وفي الواقع فإن نيلسون واحد من القلة الذين حصلوا على لقب ” العدو العام رقم 1″ وفقًا لتصنيفات مكتب التحقيقات الفيدرالي ، ومازال نيلسون يحمل الرقم القياسي بين المجرمين الذين استطاعوا قتل عملاء من مكتب التحقيقات الفيدرالي أثناء أدائهم مهام وظائفهم ، حيث بلغ عددهم ثلاثة عملاء لقوا حتفهم على يديه .

فبعد أن ارتفعت سمعة نيلسون في عالم الجريمة جذبت سمعته تلك انتباه رجل العصابات جون ديلنجر ، فبدأ شراكة مربحة مع نيلسون ، وبدأ يستخدمه لسرقة مجموعة من البنوك مقابل منحه مبالغ مالية كبيرة ، ولكن نيلسون كان على عكس رجال العصابات في ذلك الوقت ، فقد كان لديه ميل كبير لإراقة الدماء بشكل غير مبرر .

فقد كان السارقين ورجال العصابات في ذلك الوقت يقتلون فقط للدفاع عن أنفسهم ، أما نيلسون فقد كان يستمتع بإطلاق الرصاص ويقتل دون تردد .

معركة ليتل بوهيميا لودج :
في22 أبريل عام 1934م علم مكتب التحقيقات الفيدرالي أن نيلسون وصل برفقة زوجته ومجموعة من عصابة ديلنجر إلى ليتبل بوهيميا لودج وهي قرية نائية في ولاية ويسكونسن ، ولكن عندما وصل رجال مكتب النحقيقات إلى المقع بدأت الكلاب تنبح فنبهت رجال العصابة الذين تسللوا من أحد الأبواب الخلفية تحت جنح الظلام .

فهرب نيلسون إلى منزل قريب وأخذ رهينتين من سكانه ، ثم وصل ثلاثة رجال من مكتب التحقيقات إلى المكان قبل أن يستطيع نيلسون الانتقال إلى مكان أخر ، فهجم نيلون على سيارته ومعه سلاحه وطلب منهم أن يغادروا سيارتهم على الفور ، وقبل أن يمتثلوا للأمر بدأ في إطلاق الرصاص عليهم وقتل الرجال الثلاثة ، ثم هرب باستخدام سيارتهم .

وفي نفس الوقت واصل رجال مكتب التحقيقات الفيدرالي الآخرين إطلاق النار ، ولكن نجح رجال العصابة جميعًا في الهرب ، وبعد يومين تم القبض على زوجة نيلسون ولكنها استطاعت أن تحصل على إفراج مشروط .

وعلى الرغم من أن نيلسون استطاع الهرب من ليتل بوهيميا إلا أنه تم القبض عليه بعد عدة أشهر ، ففي الساعات الأولى من ظهر يوم 27 نوفمبر ، توصل عملاء مكتب التحقيقات الفيدرالي لمكانه وحاصروه على بعد 60 ميل من شيكاغو ، وكانت معه زوجته وشريكه بول تشيس .

وكان نيلسون يقود سيارة مسروقة على الطريق السريع فبدأ رجال المكتب الفيدرالي في مطاردته ، وتبادلوا إطلاق النار معه واستطاعوا أن يصيبوا رادياتير السيارة التي يقودها فتعطلت سيارته ، فخرج منها ، وحاول رجال المكتب الفيدرالي اللحاق به ففتح النار عليهم قبل أن يخرجوا من سيارتهم فأصيب أحدهم وتوفي في اليوم التالي متأثرًا بجراحة . أما نيلسون فقد تلقى سبعة وعشرون طلقة نارية وأخيرًا بعد مطاردة عنيفة لفظ نيلسون ذو الوجه الملائكي أنفاسه الأخيرة في حوالي السعة الثامنة مساءًا في ويلمين بولاية إلينوي