حديث قدسي عن رب العزة، يروي لنا في رسولنا الكريم صلوات الله وسلامه عليه عن كيفية شهادة الجوارح على العبد يوم القيامة، وفيه بيان عن صفة المنافق الذي يسخط الله عليه يوم القيامة، مع ذكر الدليل من القرآن الكريم عن شهادة الجوارح يوم القيامة، لما فيه من موعظة للعباد لاجتناب فعل المعاصي والمنكرات، فلا يوجد مفر يوم القيامة من اللقاء الأعظم يوم تشهد جوارحك وتنطق بجميع أعمالك من خير وشر.
حديث شهادة جوارح الإنسان عليه يوم القيامة:
قال الإمام مسلم رحمه الله: حدثنا محمد بن أبي عمر حدثنا سفيان عن سهيل بن أبي صالح عن أبيه عن أبي هريرة قال: قالوا: يا رسول الله هل نرى ربنا يوم القيامة؟ قال صل الله عليه وسلم: «هل تضارون في رؤية الشمس في الظهيرة ليست سحابة؟ قالوا: لا، قال: فهل تضارون في رؤية القمر ليلة البدر ليس في سحابة؟ قالوا: لا، قال: فوالذي نفسي بيده لا تضارون في رؤية ربكم إلا كما تضارون في رؤية احدهما»
قال: فيلقى العبد فيقول: أي فل ألم أكرمك، وأسودك، وأزوجك، وأسخر لك الخيل والإبل وأذرك ترأس، وتربع، فيقول: بلى، قال صل الله عليه وسلم: فيقول: أفظننت أنك ملاقي؟ فيقول: لا، فيقول: فإني أنساك كما نسيتني، ثم يلقى الثاني فيقول: أي فل ألم أكرمك، وأسودك، وأزوجك، وأسخر لك الخيل والإبل وأذرك ترأس، وتربع، فيقول: بلى أي رب، قال صل الله عليه وسلم: فيقول: أفظننت أنك ملاقي؟ فيقول: لا، فيقول: فإني أنساك كما نسيتني، ثم يلقى الثالث فيقول له مثل ذلك، فيقول: يا رب آمنت بك وبكتابك ورسلك وصليت وصمت وتصدقت ويثني بخير ما استطاع فيقول: هاهنا إذًا، قال صل الله عليه وسلم: ثم يقال له: الآن نبعث شاهدنا عليك ويتفكر في نفسه من ذا الذي يشهد علي؟ فيختم على فيه، ويقال لفخذه ولحمه وعظامه: انطقي فتنطق فخذه ولحمه وعظامه بعمله، وذلك ليعذر من نفسه، وذلك المنافق وذلك الذي يسخط الله عليه» [حديث صحيح، أخرجه أبو داود]
مرادفات ومعاني جاءت بالحديث:
– أي فل: معناه يا فلان وهو ترخيم على خلاف القياس.
– أسودك: أي أجعلك سيدًا على غيرك.
– ترأس: أي تكون رئيسًا للقوم.
– تَرْبَع: أي تأخذ المرباع الذي كانت ملوك الجاهلية تأخذه من الغنيمة وهو ربعها .
– هاهنا إذًا: أي قف هنا حتى يشهد عليك جوارحك فإنك قد صرت منكرا.
الآيات من القرآن الكريم التي تدل على شهادة الجوارح:
قال تعالى: {حَتَّى إِذَا مَا جَاءُوهَا شَهِدَ عَلَيْهِمْ سَمْعُهُمْ وَأَبْصَارُهُمْ وَجُلُودُهُمْ بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ (20) وَقَالُوا لِجُلُودِهِمْ لِمَ شَهِدْتُمْ عَلَيْنَا قَالُوا أَنْطَقَنَا اللَّهُ الَّذِي أَنْطَقَ كُلَّ شَيْءٍ وَهُوَ خَلَقَكُمْ أَوَّلَ مَرَّةٍ وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ (21) وَمَا كُنْتُمْ تَسْتَتِرُونَ أَنْ يَشْهَدَ عَلَيْكُمْ سَمْعُكُمْ وَلَا أَبْصَارُكُمْ وَلَا جُلُودُكُمْ وَلَكِنْ ظَنَنْتُمْ أَنَّ اللَّهَ لَا يَعْلَمُ كَثِيرًا مِمَّا تَعْمَلُونَ (22) وَذَلِكُمْ ظَنُّكُمُ الَّذِي ظَنَنْتُمْ بِرَبِّكُمْ أَرْدَاكُمْ فَأَصْبَحْتُمْ مِنَ الْخَاسِرِينَ ({حَتَّى إِذَا مَا جَاءُوهَا شَهِدَ عَلَيْهِمْ سَمْعُهُمْ وَأَبْصَارُهُمْ وَجُلُودُهُمْ بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ (20) وَقَالُوا لِجُلُودِهِمْ لِمَ شَهِدْتُمْ عَلَيْنَا قَالُوا أَنْطَقَنَا اللَّهُ الَّذِي أَنْطَقَ كُلَّ شَيْءٍ وَهُوَ خَلَقَكُمْ أَوَّلَ مَرَّةٍ وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ (21) وَمَا كُنْتُمْ تَسْتَتِرُونَ أَنْ يَشْهَدَ عَلَيْكُمْ سَمْعُكُمْ وَلَا أَبْصَارُكُمْ وَلَا جُلُودُكُمْ وَلَكِنْ ظَنَنْتُمْ أَنَّ اللَّهَ لَا يَعْلَمُ كَثِيرًا مِمَّا تَعْمَلُونَ (22) وَذَلِكُمْ ظَنُّكُمُ الَّذِي ظَنَنْتُمْ بِرَبِّكُمْ أَرْدَاكُمْ فَأَصْبَحْتُمْ مِنَ الْخَاسِرِينَ (23)} [سورة فصلت: 20-23]