عن الأسود بن سريع رضي الله عنه أن نبي الله صلى الله عليه وسلم قال: «أربعة يحتجون يوم القيامة، رجل أصم لا يسمع شيئاً، ورجل أحمق، ورجل هرم، ورجل مات في فترة، فأما الأصم فيقول: رب لقد جاء الإسلام وما أسمع شيئاً، وأما الأحمق فيقول: رب لقد جاء الإسلام والصبيان يحذفوني بالبعر، وأما الهرم فيقول: رب لقد جاء الإسلام وما أعقل شيئاً، وأما الذي مات في الفترة فيقول: رب ما أتاني لك رسول، فيأخذ مواثيقهم ليطيعنه، فيرسل إليهم: أن أدخلوا النار قال: فوالذي نفس محمد بيده لو دخلوها لكانت عليهم برداً وسلاماً».

معاني المفردات التي جاءت بالحديث:

معنى الأصم

 وهو الذي لا يسمع.

معنى الأحمق

 وهو الذي لا يميز بين عمل الخير وغيره، وبين الحسنة والسيئة.
رجل هرم:
يقصد به الرجل الطاعن في السن الذي أصابه مرض النسيان.
رجل مات في فترة:
يقصد به رجل لم تبلغه رسالة الإسلام.

شرح الحديث:
يوضح لنا رسول الله صل الله عليه وسلم عن موقف بعض البشر الذين أصابتهم العلة والتي منعتهم من أداء شعائر الإسلام مثل الصلاة والزكاة والصوم والحج وذلك لمانع وهو المرض مثل الأصم، أو للجنون أو مرض عقلي مثل الأحمق والرجل الطاعن في السن الذي أصابه النسيان، أو الذي لم تبلغه الرسالة المحمدية على العموم ولم يسمع بالإسلام، فكيف يكون حسابهم عند الله تعالى يوم القيامة؟ هل يدخلون النار لأنهم ليسوا من المسلمين أو كان إسلامهم ناقص، أم يدخلوا الجنة لعلتهم ولأنهم لم يعوا ما فاتهم من الدين.

وهنا يوضح لنا رسول الله صل الله عليه وسلم أن هؤلاء الأربعة سوف يخوضون امتحان يوم القيامة وتكون نتيجة هذا الاختبار أو الامتحان إما إلى نار وإما إلى جنة، وهو اختبار الطاعة لله عز وجل وفيه أنه عندما يعرضون حجتهم عند الله عز وجل يقال لهم: ادخلوا النار ويقسم رسول الله أنهم لو أطاعوا الله لوجدوا النار بردًا وسلامًا عليهم.

الأصم الأبكم ، هل هو مكلف مثل غيره من المسلمين

وقد سئل الشيخ ابن عثيمين رحمه الله :عن الأصم الأبكم ، هل هو مكلف مثل غيره من المسلمين؟ فأجاب: أن الأصم الأبكم هو من فقد حاستين من حواسه ، وهما السمع والنطق ، ولكن بقي عليه النظر، فما كان يدركه من دين الإسلام بالنظر؛ فإنه لا يسقط عنه، وما كان لا يدركه ؛ فإنه يسقط عنه ، أما ما كان طريقه السمع إذا كان لا يدركه بالإشارة فإنه يسقط عنه، وعلى هذا فإذا كان لا يفهم شيئاً من الدين فإننا نقول: إذا كان أبواه مسلمين أو أبوه أو أمه فهو مسلم تبعاً لهما، وإن كان بالغاً عاقلاً مستقلاً بنفسه فأمره إلى الله.

 لكنه ما دام يعيش بين المسلمين فإننا نحكم له ظاهراً بالإسلام ، يعلم بعض الأشياء بالإشارة ، وأنا أعرف الذين في معهد الصم والبكم في الرياض يعرفون بالإشارة أسرع من النطق ؛ لأن هناك أناساً يترجمون لهم بالإشارة فيفهمون منهم مباشرة فإذا وصلت الدعوة إلى الأبكم أو الأصم أو غيرهما عن طريق الكتابة أو الإشارة ، بحيث تكون الحجة قد أقيمت عليه ، وفهم ما يقال له ، وتبين له طريق الهدى من طريق الضلالة : فإنه لا يكون معذورا ، والمعيار هو قيام الحجة ممن قامت عليه الحجة فلا عذر له ، ومن لم تقم عليه الحجة ، فإنه يكون معذورا.