يقول الله تعالى في كتابه العزيز في سورة ق: “يَوْمَ نَقُولُ لِجَهَنَّمَ هَلِ امْتَلأْتِ وَ تَقُولُ هَلْ مِنْ مَزِيدٍ”، و في هذه السورة يتحدث الله عز و جل عن النار و عذابها، و سوف نعرض تفسير هذه الآية بالتفصيل.

تفسير الشوكاني
قال الشوكاني رحمه الله في تفسير قول الله عز و جل في الآية التي ذكرناها، أن هذا الكلام عن طريقة التمثيل و التخيل فقط، و ليس في الحقيقة سؤال و معه جواب، و هذا قيل، و الأولى أنه على طريقة التحقيق، و لا يمنع ذلك شيء من العقل و لا الشرع كذلك، و قال الواحدي قال المفسرون: أراها الله تصديق قوله لأملأن جهنم، فلما امتلأت جهنم قال لها الله : هل امتلأت و تقول النار هل من مزيد، أن النار تقول هل من مزيد أي قد امتلأت ولم يتبق في داخلي موضع لم يمتلئ.

تفسير الطبري للآية
يقول ابن جرير الطبري في تفسير قول الله عز و جل:”يَوْمَ نَقُولُ لِجَهَنَّمَ”، ان المقصود بلك اليوم هو يوم القيامة، و هو يوم يقول الله فيه لجهنم : “ هَلِ امْتَلأْتِ؟”، حيث ان الله قد وعد جهنم بأنه سوف يملأها من الجِنَّة و الناس أجمعين أي من الانس و الجن، و أما في تفسير قول الله عز و جل: “هَلْ مِنْ مَزِيدٍ” فيذكر الامام ابن جرير الطبري ان أهل التأويل اختلفوا، فقال بعضهم ان الله يقول لها: هل امتلأت بعد أن يضع قدمه فيها، فينـزوي بعضها إلى بعض، و تقول: قطِ قطِ  من تضايقها; فإذا قال لها و قد صارت كذلك: هل امتلأت؟ قالت حينئذ: هل من مزيد: أي ما من مزيد و ذلك لشدّة امتلائها و تضايق بعضها إلى بعض.

و يذكر الطبري ان ابن عباس قال: ” إن الله الملك تبارك و تعالى قد سبقت كلمته: لأَمْلأَنَّ جَهَنَّمَ مِنَ الْجِنَّةِ وَ النَّاسِ أَجْمَعِينَ فلما بعث الناس و أحضروا، و سيق أعداء الله إلى النار زمرا، جعلوا يقتحمون في جهنم فوجا فوجا، لا يلقى في جهنم شيء إلا ذهب فيها، و لا يملأها شيء، فقالت: ألستَ قد أقسمت لتملأني من الجِنَّة و الناس أجمعين؟ فوضع قدمه، فقالت حين وضع قدمه فيها: قدِ قدِ فإني قد امتلأت فليس لي مزيد و لم يكن يملأها شيء، حتى وَجَدَتْ مسّ ما وُضع عليها، فتضايقت حين جعل عليها ما جعل، فامتلأت فما فيها موضع إبرة “، و قال آخرون: بل معنى ذلك هو أن جهنم تقول لله عز و جل: زدني إنما هو هل من مزيد بمعنى الاستزادة.

حديث رسول الله عن جهنم
و يروي لنا الطبري حديثا عن رسول الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَ سَلَّم، أنه عن أبي هُريرة رضي الله عنه أن رسول الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَ سَلَّم قال: ” إِذَا كانَ يَوْمُ القِيامَةِ لَمْ يَظْلِمِ اللّهُ أحَدًا مِنْ خَلْقِهِ شَيْئا وَ يُلْقِي فِي النَّارِ تَقُولُ هَلْ مِنْ مَزِيدٍ حتى يَضَعَ عَلَيْها قَدَمَهُ فَهنالكَ يَمْلأها وَ يُزْوَى بَعْضُها إلى بَعْضٍ وَ تَقُولُ: قَطْ قَطْ”.

و في حديث آخر عن أبي هريرة أن النبيّ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَ سَلَّم قال: ” احْتَجَّت الجَنَّةُ و النَّارُ فَقالَتِ الجَنَّةُ: مالي لا يَدخُلُنِي إلا فُقَرَاءُ النَّاسِ؟ وَ قالَتِ النَّارُ: مالي لا يَدْخُلُنِي إلا الجَبَّارُون و المُتَكَبِّرُونَ؟ فَقالَ للنَّار: أنْت عَذَابِي أُصِيبُ بِكِ مَنْ أشاءُ; وَ قالَ للْجَنَّةِ: أنْتِ رَحْمَتِي أُصِيبُ بِكِ مَنْ أشاءُ وَ لِكُلِّ وَاحِدَةٍ مِنْكُما مِلْؤُها; فأمَّا الجَنَّةُ فإنَّ الله عَزَّ وَجَلَّ يُنْشِئُ لَهَا ما شاء; و أمَّا النَّارَ فَيُلْقَوْنَ فِيها وَ تَقُولُ: هَلْ مِنْ مَزِيدٍ حتى يَضَعَ قَدمَهُ فيها هُنالكَ تَمْتَلِئ وَ يَنـزوي بَعْضُها إلى بَعْضٍ و تَقُولُ: قَطْ قَطْ”.