ينبغى على المسلم أن يحافظ على الصلاة كما أمر بها الله سبحانه تعالى، ورسوله صلّى الله عليه وسلّم، ومن عظيم أهميّتها في الإسلام؛ أنّ الله -عزّ وجلّ- جعل ثواب أدائها في جماعةٍ مضاعفاً عن أدائها منفرداً، وقد بيّن النبيّ -صلّى الله عليه وسلّم- أنّ الصلاة في جماعةٍ يزيد أجرها عن الصلاة منفرداً بدرجاتٍ عديدةٍ، من ذلك أنّه قال عليه السّلام: (صلاةُ الرجلِ في الجماعةِ تُضَعَّفُ على صلاتِه في بيتِه، وفي سُوقِه، خمسًا وعشرين ضِعفًا، وذلك أنّه: إذا توضَّأَ فأحسَنَ الوُضوءَ، ثم خرَج إلى المسجدِ، لا يُخرِجُه إلا الصلاةُ، لم يَخطُ خُطوَةً، إلا رُفِعَتْ له بها درجةٌ، وحُطَّ عنه بها خَطيئَةٌ، فإذا صلَّى، لم تَزَلْ الملائكةُ تصلي عليه، ما دام في مُصَلَّاه: اللهم صلِّ عليه، اللهم ارحَمْه، ولا يَزالُ أحدُكم في صلاةٍ ما انتَظَر الصلاةَ)،[٤] وقد بيّن لنا النبيّ -صلّى الله عليه وسلّم- ثواب المشي إلى المسجد، فقال إنّه كلّما كان مكان المسلم بعيداً عن المسجد، كان له الأجر الأكبر، ورغّب في أدائها، لا سيّما الفجر والعشاء منها؛ وذلك إمّا لأنّهما في الظلام، والمنافق يرائي الناس في الصلاة، أو لأنّهما تأتيان في أوقاتٍ أدعى للراحة والجلوس والخلود، وفي المحافظة على صلاة الجماعة سببٌ لكمال إسلام العبد وإيمانه، ولا عذر للمسلم في التخلّف عن صلاة الجماعة طالما أنّه سمع النداء للصلاة.

صلاة الجماعة

تُعد الصلاة بوجه عام واحدة من أهم أركان الإسلام الخمسة ، وقد فرض الله تعالى على كل مسلم ومسلمة خمس صلوات يوميًا ، ومن خلال الأحاديث النبوية الشريفة والسنة النبوية أرشدنا سيدنا محمد – صلى الله عليه وسلم ـ إلى كيفية أداء الصلوات بشكل صحيح .

أما صلاة الجماعة فهي متاحة لكل مسلم ومسلمة ويحصل كل من يقوم بها على عظيم الثواب سواء في المنزل أو المسجد ، وقد أشار علماء الإسلامية إلى أن صلاة الجماعة فرض على الرجال ولكنها ليست فرضًا على النساء ، ويأثم من يتخلف عن صلاة الجماعة من الرجال .

فضل صلاة الجماعة

جاءت الكثير من الأحاديث النبوية التي أوضحت فضل وعظيم ثواب صلاة الجماعة ، مثل:

-عن أبي هريرة ـ رضي الله عنه ـ أن رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ قال : { صَلاةُ الرَّجُلِ في جَماعةٍ تُضَعَّفُ عَلى صلاتِهِ فِي بَيْتِهِ وفي سُوقِهِ خَمْسًا وَعِشْرينَ ضِعفًا ، وذلكَ أَنَّهُ إِذا تَوَضَّأَ فَأَحْسَنَ الْوُضُوءَ ثُمَّ خَرَجَ إِلى المَسْجِدِ ، لا يُخْرِجُه إِلاَّ الصَّلاةُ ، لَمْ يَخْطُ خَطْوةً إِلاَّ رُفِعَتْ لَه بهَا دَرَجَةٌ ، وَحُطَّتْ عَنْه بهَا خَطِيئَةٌ ، فَإِذا صَلى لَمْ تَزَلِ المَلائِكَة تُصَلِّي عَلَيْهِ مَا دَامَ في مُصَلاَّه ، مَا لَمْ يُحْدِثْ ، تَقُولُ : اللَّهُمَّ صَلِّ عَلَيْهِ ، اللَّهُمَّ ارحَمْهُ . وَلا يَزَالُ في صَلاةٍ مَا انْتَظَرَ الصَّلاةَ } مُتفق عليه .

-وعن أبي هُريرة أيضًا ، أن أحد الرجال المسلمين وكان كفيفًا أتى إلى رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ وقال : { يا رسولَ اللَّهِ ، لَيْس لِي قَائِدٌ يقُودُني إِلي المَسْجِدِ ، فَسأَلَ رسولَ اللَّهِ ـ صلى الله عليه وسلم ـ أَن يُرَخِّصَ لَهُ فَيُصَليِّ فِي بيْتِهِ ، فَرَخَّص لَهُ ، فَلَمَّا وَلىَّ دَعَاهُ فَقَالَ لَهُ : هلْ تَسْمَعُ النِّدَاءَ بِالصَّلاةِ ؟ قَالَ : نَعَمْ ، قَالَ : فَأَجِبْ } رواه مسلم .

وهذا يُوضح ضرورة أن يحرص كل مسلم على صلاة الجماعة بكل طاقته وقوته وأن لا يتخلف عنها مُطلقًا سواء في الفروض الخمس اليومية أو في حالة صلاة الجمعة ، إلى جانب أهمية الحرص على صلاة العيدين أيضًا .

حكمة مشروعية صلاة الجماعة

يتساءل البعض ؛ لماذا فرض الله تعالى صلاة الجماعة وجعلها دليل على اكتمال الإيمان ، وفي حقيقة الأمر أن الحكمة من مشروعية صلاة الجماعة هي أنها مظهر هام جدًا من مظاهر الدين الإسلامي ؛ حيث أن ترتيب المصلين في الصفوف كأنهم بنيانًا مرصوصًا ؛ يجعلهم يشبهون صفوف الملائكة في عبادتهم ، ويشبهون مواكب الجيوش العسكرية أيضًا في قيادتهم .

كما أن صلاة الجماعة تُعتبر من أهم أسباب زرع روح الود والألفة والمحبة والتعاطف والتراحم والقوة والوحدة في صفوف المسلمين ، ومن هنا جاءت الحكمة من فرض صلاة الجماعة .

كما أن صلاة الجماعة تعتبر من أهم مظاهر العزة والقوة والتماسك في صفوف الأمة الإسلامية ، وتُربي النشأ الصغير على الاجتماع مع أقرانهم من المسلمين وتذيب الفروق بين أبناء الأمة الإسلامية ؛ حيث يصطف في الصلاة كل الناس سواسية ولا مجال للتفريق بين أي مسلم والآخر في الصلاة إلّا بتقوى الله ، حيث أننا نجد الغني يقف بجوار الفقير ، والصغير يقف بجوار الكبير ، والمعلم يقف بجوار طالب العلم وهكذا في توحد وسواسية .

ويُعد اجتماع المسلمين في المسجد أيضًا من أهم الأمور التي تُساعد على تدارس حال الأمة الإسلامية وتقديم يد العون لبعضهم البعض من خلال زرع روح التكافل الاجتماعي ، كما تُساعدهم المواظبة على الذهاب إلى المسجد أيضًا على تعلم صحيح الدين والالتزام بأحكامه .