سورة الانسان: هي أحد السور التي أنزلها الله تعالى على الرسول في المدينة المنورة، وهي السورة السادسة والسبعون، ويبلغ عدد آياتها إلى إحدى وثلاثون آية، وعدد كلماتها مائتان وأربعون كلمة، و عدد حروفها ألف وأربعمائة وخمسون حرفا، وهي من السور التي لها الكثير من الفضل حيث قال رسول الله صلى الله عليه وسلم (من قرأ سورة (هل أتى) كان جزاؤه على الله جنة و حريرا).
– وتحتوي سورة الانساء على الكثير من آيات الاعجاز العلمي، وعلى الرغم من صغر السورة إلا أنها تحتوي على الكثير من المعلومات عن كيفية خلق الانسان وخطوات هذا الخلق، وعن كيف هداه الله ومنحه الحرية والارادة، وتحدث تعالى عن الصالحين والأبرار، وعن أهميته القرآن الكريم، وقد تم ذكر الآية الكريمة (وَيُسْقَوْنَ فِيهَا كَأْسًا كَانَ مِزَاجُهَا زَنْجَبِيلًا) التي سيتم تفسيرها في السطور القادمة.
تفسير قوله الله تعالى ” كأسا كان مزاجها زنجبيلا “:
– تفسير بن كثير: يفسر بن كثير قوله تعالى في سورة الانسان (كأسا كان مزاجها زنجبيلا ) أن الله تعالى يتحدث عن أهل الجنة ويوصف لهم النعيم الذي ينتظرهم هناك جزاء ايمانهم بالله، ويقول أن الأبرار والمؤمنين الصالحين سوف يشربون من أكواب وكؤوس ممتلئة من الخمر التي يتم مزجها بالكافور، ويتم مزجها أيضا بالزنجبيل فيصبح له طعم جميل مفضل للعرب، بينما المقربين من الله والأبرار هم فقط من يستطيعون أن يشربوا من عيون الزنجبيل الصافي دون خلط أي منهما على الأخر، ولكنه ليس فيه أي طعم لاذع ، وقد فسر(عينا فيها تسمى سلسبيلا ) وقد قال ابن الأعرابي (لم أسمع السلسبيل إلا في القرآن ، فعلى هذا لا يعرف له اشتقاق) ، ويقال أنه شراب عذب ذو مذاق طيب.
– تفسير الطبري: ويفسر الطبري قوله تعالى (كأسا كان مزاجها زنجبيلا)، أن الله تعالى سوف يعطي الصالحين والأبرار الكثير من النعم، وفي الجنة سوف يجعلهم يشربون من كأس ممتلئ دائما بالخمر، وللخمر مذاق مثل مذاق الزنجبيل وهو عبارة عن نبات عطري له الكثير من الفوائد وكان من النباتات المفضلة عند العرب ويحبون طعمه ويقوموا بإضافته إلى المشروبات الخاصة بهم، وقد كافأ الله أهل الجنة بأنهم سيتناولون من ذلك الشراب الطيب، حيث يقال أن الشراب الذي يشربونه يتم مزجه بالزنجبيل، حيث قال قَتَادَة فِي قَوْله تعالى : ( مِزَاجهَا زَنْجَبِيلًا ) أنها تُمْزَج بِالزَّنْجَبِيلِ، ويقال أنه تعالى يأثر لهم ما كانوا يشربون منه في الحياة الدنيا، كما يقال أن الزنجبيل اسم العين التي يشرب الأبرار منها في الجنة، حيث يشرب أهل الجنة منها عن طريق مزجها مع الخمر بينما يشرب منها المقربون بدون خلط وهي صافية.
– تفسير القرطبي: يفسر القرطبي قوله تعالى (ويسقون فيها كأسا) أي ما يشربه المقربون في الجنة من خمر التي يشربونها في كأس ممتلئ ، و (كان مزاجها زنجبيلا) أي تمم مزج هذه الخمر بالزنجبيل، وكان الزنجبيل من النباتات التي يحبها العرب ويحبون وضعها مع المشروبات لأنها تعطي رائحة ذكية وطبية للشراب، كما أنه من النباتات المفيدة جدا لعملية الهضم وله العديد من الفوائد الأخرى، ويقال ان الزنجبيل هو العين التي يشرب منها الأبرار والمقربين في الجنة منها صرفا دون أن تخلط بأي شيء، بينما يتم خلطها لكل من في الجنة إلا المقربين من الله، وقد قال أبو سعيد الخدري رضى الله عنه: هدى ملك الروم إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم جرة زنجبيل، فأطعم كل إنسان قطعة، وأطعمني قطعة)، مما يدل على أن الزنجبيل من النباتات المفيدة.