سورة التغابن: هي أحد السور التي يقال الأغلبية أنها انزلت على الرسول صلى الله عليه وسلم في المدنية المنورة في قول الأكثرين، وقال البعض أنها سورة مكية كما قال الضحاك، وقال الكلبي أن جزء منها نزل في مكة والجزء الأخير منها أنزل في المدينة، حيث قال أحمد بن محمد بن إسماعيل النحاس عن ابن عبّاسٍ ( أنّ سورة الصّفّ نزلت بمكّة، وأنّ سورة الجمعة والمنافقين نزلتا بالمدينة، وأن سورة التّغابن نزلت بمكّة إلّا آياتٍ من آخرها نزلن بالمدينة).
وتتكون سورة التغابن من ثماني عشرة آية، ويبلغ عدد كلماتها مائتان واحد واربعين كلمة، ويبلغ عدد حروفها ألف وأربعمائة وسبعون حرف، وترتيبها الرابعة والستين في القرآن، وهي بعد سورة التحريم في الجزء الثامن والعشرين، ويتم عرض التشريع وأصول العقيدة الإسلامية في السورة، لذلك يقال أنها سورة مكية.
سبب تسمية سورة التغابن بهذا الاسم:
سميت سورة التغابن بهذا الاسم بسبب ذكر لفظ التغابن فيها، ولم يرد ذكرها في أي سورة من سور القرآن، حيث قال الله تعالى (يَوْمَ يَجْمَعُكُمْ لِيَوْمِ الْجَمْعِ ذَلِكَ يَوْمُ التَّغَابُنِ وَمَنْ يُؤْمِنْ بِاللَّهِ وَيَعْمَلْ صَالِحًا يُكَفِّرْ عَنْهُ سَيِّئَاتِهِ وَيُدْخِلْهُ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَدًا ذَلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ )، وتم ذكرها في أحد أحاديث الرسول صلى الله عليه وسم حيث قال (ما من مولود إلا وفي تشابيك مكتوب خمس آيات فاتحة سورة التغابن ).
اسباب نزول سورة التغابن:
– نزلت الآيات الأولى من سورة التغابن حتى تظهر قدرة الله تعالى، في خلق السماوات والارض وقدرته على خلق البشر، وليذكر الكفار أن لهم حساب أليم في الأخرة، ولكي يتأكد الكفار أن البعث حق ويوم القيامة حق.
– من أسباب نزول سورة التغابن هو أن كان هناك بعض من أسلم ، ودخل الإسلام ولكن هناك من أهلهم وأبنائهم من يحاولون أن يمنعوهم من الذهاب إلى الرسول صلى الله عليه وسلم لكي يعلن اسلامه، وكان قريش لا يتركوه يذهب إلا إذا ترك ماله وأهله وولده ووذهب إلى المدينة وحيدا، وكان منهم من يحن إلى أهله ولا يذهب، وقد قال ابن عباس: (كان الرجل يسلم فإذا أراد أن يهاجر منعه أهله وولده وقالوا: ننشدك الله أن تذهب فتدع أهلك وعشيرتك وتصير إلى المدينة بلا أهل ولا مال، فمنهم من يرق لهم ويقيم ولا يهاجر، فأنـزل الله هذه الآية).
وقد نزلت الآيات من الرابعة عشر حتى الثامنة عشر بسبب هذا الأمر، حيث قال تعالى : (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّ مِنْ أَزْوَاجِكُمْ وَأَوْلَادِكُمْ عَدُوًّا لَكُمْ فَاحْذَرُوهُمْ وَإِنْ تَعْفُوا وَتَصْفَحُوا وَتَغْفِرُوا فَإِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ (14) إِنَّمَا أَمْوَالُكُمْ وَأَوْلَادُكُمْ فِتْنَةٌ وَاللَّهُ عِنْدَهُ أَجْرٌ عَظِيمٌ (15) فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ وَاسْمَعُوا وَأَطِيعُوا وَأَنْفِقُوا خَيْرًا لِأَنْفُسِكُمْ وَمَنْ يُوقَ شُحَّ نَفْسِهِ فَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ (16) إِنْ تُقْرِضُوا اللَّهَ قَرْضًا حَسَنًا يُضَاعِفْهُ لَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ وَاللَّهُ شَكُورٌ حَلِيمٌ (17) عَالِمُ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ (18) ).
وعن عطاء بن يسار قان أن سورة التغابن نزلت في عوف بن مالك الأشجعي، الذي كان غني وله الكثير من الأبناء، وعندما أراد ان يذهب إلى الرسول ويعلن اسلامه رفض أولاده ذلك وقالوا له إلى من سوف تتركننا، فرق قلبه ولم يذهب إلى النبي.
– قال سعيد بن جبير أن سبب نزول الآية الكريمة (فاتقوا الله ما استطعتم)، أن بعدما نزلت الآية (اتقوا الله حق تقاته)، فحاول المسلمون أن يعملوا على طاعة الله بكل م أوتوا من قوة حتى تعبوا وأصابهم المرض وتورمت أطرافهم وترحت، فنزلت كي تخفف على المسلمين.