كان السندباد البحري عاشق للبحر ولرحلاته التي تخبئ داخلها الكثير من الأسرار و  المغامرات التي لا تنتهي، وفي أحد الأيام خرج في رحلة بحرية مع مجموعة من الصادين وبصحبتهم ربان السفينة، وما أن قام السندباد بركوب السفينة حتى انطلقت، وسارت بين الأمواج تبحث عن مكان يستطيعون من خلاله صيد ما يحتاجون إليه من الأسماك، وبعد ساعات طويله من السير بالبحر، اقتربت السفينة من جزيرة رائعة الجمال، ورسى الربان بجانبها ليستريحوا قليلًا وبعدها يقوموا بمواصلة رحلتهم من جديد.

نزل الجميع من فوق السفينة، وما أن وضع السندباد قدميه على تلك الجزيرة حتى انبهر من جمالها وما تحتوي عليه من أشجار كثيفة تحمل الكثير من الثمار اللذيذة، وطيور جذابة بألوان ساحرة، فقام السندباد بالاستلقاء على ظهره فوق أرض الجزيرة الخضراء وجعل ينظر إلى السماء الصافية من حوله والطيور التي تحلق بها وتعجب من كون تلك الجزيرة خالية تمامًا من السكان، وقال كيف لمكان ساحر كهذا أن يكون بلا سكان يعيشون فيه، ثم راح في غفو، وبعد قليل أفاق من نومه فلم يجد السفينة ومن عليها، ووجد نفسه فوق الجزيرة وحيدًا، بعد أن نسيه اصدقائه البحارة.

السندباد وطائر الرخ

جعل السندباد يفكر كيف السبيل للخروج من تلك الجزيرة وقد تركته السفينة وحيدً، ثم شعر بالجوع الشديد فقام بالصعود فوق شجرة ضخمة ليقطف بعض الثمار  حتى يسد بها جوعه، وبينما هو فوق الشجرة شاهد من بعيد شيء غريب عملاق وذو لون أبيض ومستدير ، فاعتقد أنها قبة بيت، فذهب إليها مسرعًا لربما يجد في هذا البيت أحد يكلمه، وعندما اقترب من هذا الشيء وجد أنه بيضة عملاقة، وفجأة وجد طائر عملاق يحلق في السماء ويقترب من تلك البيضة.

اختبأ سندباد سريعًا قبل أن يراه هذا الطائر، ثم جاء هذا الطائر العملاق ورقد فوق تلك البيضة وراح في نوم عميق، فكر السندباد وقال إن هذا الطائر هو فرصته الوحيدة للخروج من تلك الجزيرة المهجورة وإلا مات فيها وحيدًا، فقام بالاقتراب من الطائر بهدوء تام، ثم نزع شاله وقام بربط نفسه في احدى قدمي الطائر ، ثم خلد إلى النوم، وفي الصباح أفاق السندباد على الطائر وهو يحلق في السماء ليبحث عن طعام له، فوجد نفسه يطير معه عاليا بعد أن ربط نفسه بقدمه.

السندباد في وادي الألماس

ظل الطائر يطير لمدة طويلة والسندباد منبهر بهذا الجمال الذي يراه من فوق، ومستمتع بالطيران، حتى هبط الطائر في مكان جبلي فقام السندباد بنزع الشال من حول بطنه على الفور وترك الطائر واختبأ حول صخرة حتى يعرف ما الذي سيقوم الطائر بفعله، فوجد الطائر العملاق قد التقط أفعى ضخمه وحملها بين منقاره وطار بعيد، فعلم السندباد أن طائر الرخ، يأتي إلى هذا المكان خصيصًا حتى يقوم بصيد الأفاعي ويأكلها، وبعدها نظر السندباد حوله ليعلم ما هذا المكان الذي يوجد به، فاكتشف أنه داخل جرف جبلي شاهق الارتفاع، ومن المستحيل عليه أن يخرج منه مهما حاول ذلك.

جلس سندباد على الأرض وقال لقد وقعت في مأزق جديد، ثم دقق النظر حوله فوجد مجموعة كبيرة من الألماس النقي اللامع لا حصر لها، فجعل يصرخ ويقول لقد صرت ثري، ولكنه عاد من جديد إلى صدمته وقال ولكن كيف سأخرج من هنا، وفجأة بدأت الأفاعي والجرذان في الظهور، محاولة التهامه، فجعل السندباد يسرع  ليختبئ حتى ينجو بنفسه، ولكنه كلما اختبأ في مكان وجد فيه أفعى ضخمة، حتى وجد جحر فجرى ليختبئ داخله وأغلق على نفسه الجحر بحجر كبير، حتى لا تتمكن الأفاعي من الدخول إليه.

وهنا كانت صدمته أكبر فقد اكتشف أنه قد دخل إلى جحر مليء بالأفاعي  التي ترقد فوق بيضها، فحاول إزاحة الحجر سريعًا وخرج وهو يهرول للنجاة بنفسه، وبينما هو يجري إذ قابل أفعى ضخمة تنتظره أمام الجحر، تحاول ان تلتهمه وما أن فتحت فاهها للاجهاز عليه، حتى قام طائر الرخ بالتقاطها بين منقاره وارتفع بها عاليًا، فجلس السندباد ليتلقط أنفاسه، فإذا به يجد قطع من اللحم الكبيرة تسقط فوق رأسه فتعجب من ذلك وجعل يسأل نفسه من الذي يلقي بتلك القطع من أعلى فنظر للأعلى فوجد مجموعة من الرجال يقومون بإلقاء تلك القطع حتى تلتصق بقطع الألماس وعندما يأتي طائر الرخ إلى هذا المكان ويأخذها يقومون بقذفه بالسهام فتسقط قطعة اللحم من بين رجليه فيقومون بأخذها ويحصلون على قطع الألماس الملتصقة بها.

أمل النجاة

لاحت فكرة بعقل السندباد وهي أن يقوم بربط نفسه بقطعة من قطع اللحم وعندما يقوم طائر الرخ بالتقاطها سوف يحمله معها ويخرجه من هذا المكان، وبالفعل فعل ذلك ولكنه قام أولا بملأ جيوبه بمجموعة كبيرة من الألماس، وعندما جاء الطائر ليأخذ قطعة اللحم حمله معها إلى الأعلى، وما أن رأى الرجال الطائر بدأوا في قذفه بالسهام ولكنهم لاحظوا وجود رجل مربوط بقطة اللحم فكفوا عن اطلاق السهام.

وعندما هبط الطائر في احدى الأماكن ليتناول قطعة اللحم، قام السندباد بفك نفسه سريعا، ولكن الطائر رائه وحاول الإمساك به، فجعل السندباد يجري مسرع حتى لا يقوم الطائر بالإمساك به ، وفجأة رأى الرجال السندباد وهو أتي من بعيد يهرول ووجدوا الطائر ورائه، فاختبئوا داخل احدى الجبال واختبأ السندباد معهم، وحزن الرجال كثير لأنهم لم يتمكنوا من الحصول على الألماس، ولكن السندباد أدخل السرور إلى قلوبهم وأخبرهم أنه يحمل داخل ملابسه الكثير من قطع الألماس، ففرح الرجال كثير بذلك فقد كانوا لأول مرة يرون الألماس على الحقيقة، ولأن محاولاتهم السابقة كانت فاشلة

سفينة خاصة 

أعطى السندباد الكثير من الألماس لهؤلاء الرجال، فشكروه كثير لذلك، ثم ودعهم وذهب إلى احدى تجار الذهب في تلك المدينة وباع له قطعة واحدة من الألماس الذي يحمله، فأعطاه الرجل كيس كبير مليء بالقطع الذهبية، فذهب السندباد إلى سوق السفن ليشتري سفينة عملاقة يستطيع من خلالها مواصلة، مغامراته التي لا تنتهي.

وبينما هو هناك وجد ربان السفينة، الذي كان يعمل معه وعلم منه أنه حاول البحث عنه كثير هو ومن معه بالسفينة ولكنهم لم يتمكنوا من العثور عليه، فشكره السندباد على ذلك، وأعطاه قطعة من الألماس وطلب منه أن يعمل معه هو وكل من بالسفينة على سفينته الضخمة التي اشتراها، وعاش الجميع في سعادة ورخاء، وانطلقت سفينة السندباد العملاقة بالبحر لتبدأ مغامرة جديدة من مغامراته الممتعة، عبر البحار.