غالباً ما يعتبر الكثيرين أن إدمان العمل ، و الاهتمام العالي به من جانب الفرد هو شيئاً مثالياً بل أنه يعد من أحد مظاهر السلوك الإيجابي ، و الذي يجب أن يكون متوافراً لدى الجميع ، و ذلك من أجل تحقيق النجاح ، و لكن الحقيقة ليست كذلك فهناك فرق كبير بين الجدية المطلوب تواجدها في العمل من جانب الفرد ، و هي ذلك السلوك الإيجابي ، و الواجب توافره لدى الجميع ، و بين إدمان العمل من جانب الفرد بشكلاً مرضياً يسبب له الأذى ، حيث أنه من المعروف أن زيادة الشيء عن لحد المعقول أو المقبول له ينقلب إلى الضد حتى ، و لو كان ذلك الأمر أو الشيء في الأساس أمراً مفيداً ، و الدليل على ذلك أنه قد ثبت أن لإدمان العمل بشكل مرضي العديد من الآثار السلبية الكبيرة على صحة الفرد سواء الجسدية أو النفسية أو الاجتماعية .

تعريف إدمان العمل المرضي :- يعرف الحب الإدماني للعمل على أنه هو ذلك الانهماك العالي ، و الشديد للفرد في أداء عمله ، و ذلك دون توقف أو ملل أي ما يعني قضاء الفرد لوقتاً طويلاً في عمله إذ يكون ذلك دون مراعاة من جانبه لحياته الشخصية أو الأسرية إذ أصبح الفرد كنتيجة لإدمان العمل لا يجد راحته إلا في ممارسته أو في تواجده فيه .

الآثار السلبية التي تنشأ عن إدمان الفرد لعمله :– يوجد عدداً من الآثار ، و الأضرار السلبية التي تنشأ نتيجة الإدمان المرضي من جانب الفرد لعمله ، و من أهمها :-

أولاً :- الضرر الصحي له :- حيث غالباً ما ينتج لدى الفرد المدمن لعمله العديد من الآثار الصحية السيئة ، و التي تتمثل في إصابته بالعديد من الأمراض مثال الصداع بأنواعه ، و مجموعة الاضطرابات الخاصة بعملية النوم مثال الأرق وصولاً إلى الاضطرابات المتعلقة بالمعدة ، و من أبرزها مرض القولون العصبي هذا علاوة إلى إصابته بمرض ارتفاع ضغط الدم ، و حدوث التغير في الوزن سواء كان بالزيادة أو بالنقص إضافة إلى شعوره بالتعب ، و الإرهاق الجسدي ، و بشكل مستمر .

ثانياً :- ينتج عن إدمان الفرد لعمله إصابته ببعض الصفات السيئة مثال التسلط ، و ذلك يكون بدرجة عالية على زملائه في العمل هذا علاوة على أنه قد وجد أن طريقته في التفكير مع الوقت تصبح طريقة نمطية ، و متحفظة للغاية أي غير مرنة ، مما ينتج عن تلك الصفات نفوز زملائه في العمل منه أو ربما يكون انعكاس ذلك في بعض الحالات إصابة زملائه بروح التواكل نظراً لاعتمادهم العالي عليه في القيام بالعمل هذا بالإضافة إلى عدم استطاعته القيام بنقل المهارات ، و الخبرات الموجودة لديه اليهم مما سيعمل على إحداث التأثير السلبي للمؤسسة الخاصة بالعمل على المدى البعيد كنتيجة لذلك .

ثالثاً :- إدمان العمل سيتسبب في إحداث العديد من المشكلات ، و الآثار السلبية للفرد المدمن لعمله ، و ذلك على نطاق حياته الشخصية ، و الاجتماعية ، و ذلك سيكون نتاجاً طبيعياً لحياته التي أصبحت تدور بشكل كامل حول العمل ، و بالتالي ينتج عن ذلك حدوث الإهمال لحياته الاجتماعية بمختلف أنواعها ، و أشكالها ، حيث سيعمل العمل الإدماني على صب الضغوط الخاصة به إلى العلاقات الشخصية للفرد المدمن لعمله مثال علاقته بزوجته أو أبناءه أو أقاربه أو أصدقاؤه ، حيث لم يعد أياً من تلك العلاقات يحصل على نفس القدر العالي من الاهتمام الذي يناله العمل .

رابعاً :- الإصابة بالأمراض النفسية :- كانت قد وجدت العديد من النتائج الطبية الخاصة بإدمان العمل أن الأشخاص مدمني العمل بشكل مرضي يعدون من أكثر الأشخاص عرضة عن غيرهم للإصابة بالاضطرابات النفسية ، و ذلك بنسبة (32.7 %) مقارنة بنسبة (12.7 %) من غير المدمنين لأعمالهم ، و من بين تلك الاضطرابات النفسية الإصابة بالاكتئاب ، و الوسواس القهري ، و اضطراب نقص الانتباه ، و فرط النشاط علاوة إلى القلق العالي .

كيفية علاج إدمان العمل بشكل مرضي :- يوجد عدداً من النصائح ، و الخطوات الواجب إتباعها من جانب الشخص المدمن لعمله من أجل علاج ذلك النوع من الإدمان و هي :-

أولاً :- الحرص العالي على التفاعل الاجتماعي من جانب الشخص بالآخرين مثال الأقارب أو العائلة مع الالتزام باقتطاع جزء من الوقت لذلك ، و حتى لا يصير إدمانه للعمل واقعاً في حياته .

ثانياً :- توفير ذلك الوقت الكافي للراحة الجسدية حيث أن جسد الإنسان هو الذي يخدمه فإذا كان مجهداً ، و متعبا ، و لا يحصل على قدر من الراحة فإنه بالطبع لن يكون لديه الدرة على العمل بشكل جيد .

ثالثاً :- الحرص من جانب الشخص على توفير وقتاً معيناً لممارسة الرياضة أو أي هواية أخرى محببة إليه ، حيث سيساعده ذلك بشكل عالي على الخروج التدريجي من سيطرة إدمان العمل المرض عليه .

رابعاً :- الحرص على أداء العبادات الروحية في أوقاتها لما لها من فائدة عالية في مساعدته على علاج إدمانه للعمل ، و على التقسيم السليم ، و الصحيح لوقته .