{إِذَا زُلْزِلَتِ الْأَرْضُ زِلْزَالَهَا (1) وَأَخْرَجَتِ الْأَرْضُ أَثْقَالَهَا (2) وَقَالَ الْإِنْسَانُ مَا لَهَا (3) يَوْمَئِذٍ تُحَدِّثُ أَخْبَارَهَا (4) بِأَنَّ رَبَّكَ أَوْحَى لَهَا (5) يَوْمَئِذٍ يَصْدُرُ النَّاسُ أَشْتَاتًا لِيُرَوْا أَعْمَالَهُمْ (6) فَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْرًا يَرَهُ (7) وَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ شَرًّا يَرَهُ (8)} [سورة الزلزلة: 1-8]. تروي لنا الآيات أول مشاهد يوم القيامة وهي حدوث زلزال عظيم يخرج بسببه كل ما في جوف الأرض من أموات ويجتمع الأموات والأحياء ليشاهدوا أعمالهم التي تعرض على رب العزة، فيدخل من يدخل الجنة، ويدخل من يدخل النار.
فضل سورة الزلزلة:
عن عبدالله بن عمرو، قال: أتى رجل إلى رسول الله صل الله عليه وسلم فقال: أقرئني يا رسول الله، قال له: «اقرأ ثلاثا من ذات الر» قال له الرجل: كبر سني واستد قلبي، وغلظ لساني، قال: «فاقرأ من ذات حم» فقال له مثل مقالته الأولى، فقال: «اقرأ ثلاثا من المسبحات» فقال مثل مقالته، فقال الرجل: ولكن أقرئني يا رسول الله سورة جامعة فأقرأه: {إِذَا زُلْزِلَتِ الْأَرْضُ زِلْزَالَهَا} حتى إذا فرغ منها قال الرجل: والذي بعثك بالحق لا أزيد عليها أبدًا، ثم أدبر الرجل فقال رسول الله صل الله عليه وسلم: «أفلح الرويجل! أفلح الرويجل!».
وقال الترمذي: عن ابن عباس قال: قال رسول الله صل الله عليه وسلم: «{إِذَا زُلْزِلَتِ} تعدل نصف القرآن، و{قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ} تعدل ثلث القرآن، {قُلْ يَا أَيُّهَا الْكَافِرُونَ} تعدل ربع القرآن»
تفسير الآيات من سورة الزلزلة:
{إِذَا زُلْزِلَتِ الْأَرْضُ زِلْزَالَهَا}: قال ابن عباس تحركت من أسفلها، {وَأَخْرَجَتِ الْأَرْضُ أَثْقَالَهَا}: يعني ألقت ما فيها من الموتى، {وَقَالَ الْإِنْسَانُ مَا لَهَا}: أي استنكر أمرها بعدما كانت قارة ثابتة، وهو مستقر على ظهرها، {يَوْمَئِذٍ تُحَدِّثُ أَخْبَارَهَا}: أي تحدث بما عمل العاملون على ظهرها، عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قرأ رسول الله صل الله عليه وسلم هذه الآية {يَوْمَئِذٍ تُحَدِّثُ أَخْبَارَهَا} قال: «أتدرون ما أخبارها؟» قالوا: الله ورسوله أعلم، قال: «فإن أخبارها أن تشهد على كل عبد وأمة بما عمل على ظهرها، أن تقول: عمل كذا وكذا يوم كذا وكذا، فهذه أخبارها»
{بِأَنَّ رَبَّكَ أَوْحَى لَهَا}: أي أمرها، وقال القرظي: أمرها أن تنشق عنهم، {يَوْمَئِذٍ يَصْدُرُ النَّاسُ أَشْتَاتًا}: أي يرجعون عن مواقف الحساب، أنواعًا وأصنافًا ما بين شقي وسعيد، مأمور به إلى الجنة، ومأمور به إلى النار، قال ابن جريج: يتصدعون أشتاتًا فلا يجتمعون آخر ما عليهم. {لِيُرَوْا أَعْمَالَهُمْ}: أي ليعملوا ويجازوا بما عملوه في الدنيا من خير وشر {فَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْرًا يَرَهُ وَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ شَرًّا يَرَهُ}: قال يكتب لكل بر وفاجر بكل سيئة سيئة واحدة وبكل حسنة عشر حسنات، فإذا كان يوم القيامة ضاعف الله حسنات المؤمنين أيضًا بكل واحدة عشر، ويمحو عنه بكل حسنة عشر سيئات، فمن زادت حسناته على سيئاته مثقال ذرة دخل الجنة.