هل يبكي الشجر ؟ ومتي يبكي ؟ إنها إحدى معجزات الرسول صل الله عيه وسلم حنين جزع الشجرة هذا الجزع الذي كان أول منبر في الإسلام، والذي بكى شوقاً لرسول الله وحزناً على فراقه حين استبدله رسول الله بمنبر جديد، والذي لم يتوقف عن البكاء حتى وعده رسول الله بمرافقته في الجنة.
جذع يبكي :
كان رسول الله صل الله عليه وسلم يخطب في المسلمين متخذاً من جزع نخلة منبراً يصعد عليه ويلقي في الناس خطبته، ويحثهم على ذكر الله واتباع أوامره والبعد كل البعد عن معصيته وفي يوم من الأيام جاءت امرأة من الأنصار، وقالت : لرسول الله صلوات الله وسلامه عليه إن ابني يعمل نجاراً وسوف أجعله يصنع لك منبراً وبالفعل نفذت المرأة كلامها وصنع ابنها منبراً جديداً لرسول الله.
فلما جاء يوم الجمعة مر النبي على جذع الشجرة متخطياً إياه إلى المنبر الجديد ولم يقف عليه كعادته وهنا حدثت المعجزة التي سمعها جميع الحضور من الصحابة والمسلمين فقد بكى الجزع بكاء الأطفال حتى ذهب إليه رسول الله صل الله عليه وسلم واحتضنه وهدأ من روعته وخيره بين أمرين لا ثالث لهما، إما أن يكون شجرة مثمرة في الدنيا لا تفنى حتى قيام الساعة وإما أن يرافقه في الجنة وهو ما اختاره الجزع اختار مرافقة الحبيب صلوات الله وسلامه عليه، وقد أخبر الرسول صحابته وجميع الحضور أنه لو لم يحتضنه لحن إلى يوم القيامة أي ظل يبكي إلى يوم القيامة.
من أحق بالبكاء ؟
ومن خلال استعراضنا لهذه المعجزة الحية التي شهد عليها جميع الموجودين وجدنا أننا أحق بالبكاء شوقاً إلى رسول الله وتألماً على عدم مرافقته في الدنيا ورغبة في مرافقته في أعلى الجنان إن شاء الله، فقد كان الحسن البصري عليه رحمة الله إذا حدث بحديث حنين الجزع يقول قولته المشهورة أوليس الرجال الذين يرجون لقائه أحق أن يشتاقوا إليه ؟.
فهذا الجذع أدرك أنه قد حرم من ذكر الله عليه ومن استئناسه بصحبة رسول الله أثناء الخطبة وهو مجرد جماد إلا أن عاطفته غلبته وحولته إلى روح تبكي وتحن على فراق حبيبها ومؤنسها، بينما نحن البشر منعمون في الدنيا وفي رغد من المشاعر والأحاسيس ولا تجد منا من يبكي هذا البكاء أو يحن هذا الحنين، فنحن المسلمون يجب أن نبقى مشتاقون لرؤية حبيبنا وسيدنا وما يعوضنا عن غيابه عنا سيرته الحبيبة والعطرة التي نجد فيها ريحاً وعبقاً للجنة.
كن مشتاق مثل رسول الله :
كن مشتاق دائماً لرؤيته واعمل لأجل لقائه فقد وعدنا اللقاء عند الحوض حينما قال صلوات الله عليه “موعدي معكم ليس الدنيا، موعدي معكم عند الحوض” وقد اخبر عنا أصحابه وأخبرهم عن شوقه إلينا حين بكى ونعتنا بالأحبة فقد روي عنه أنه “بكى رسول الله يوماً، فقالوا : ما يبكيك يا رسول الله ؟ فقال : اشتقت لأحبابي، قالوا : أولسنا أحبابك يا رسول الله ؟ قال : لا أنتم أصحابي، أما أحبابي فقوم يأتون من بعدي يؤمنون بي ولم يروني” فها نحن الأحبة كما وصفنا الحبيب مشتاقون للقائك صلوات الله وسلامه عليك يا حبيبي يا رسول الله.