الحج هو المشعر الأعظم وأحد اركان الاسلام ، ومناسك الحج أغلبها لها أسباب جعلتها سنة متبعة، ومن ضمن مناسك الحج رمي الجمرات، والذي يتم على امتداد أيام العيد الثلاثة الأولى في مشعر منى ويكون على ثلاث جمرات الوسطى، الكبرى، الصغرى، ولهذا الركن قصة عجيبة ذكرتها كتب السنة النبوية في أحاديث نبوية مشرفة، تلك القصة التي حدثت بين سيدنا إبراهيم عليه السلام وبين الشيطان.
قصة سيدنا إبراهيم مع الشيطان
ذكر تلك القصة الإمام الحاكم في المستدرك والإمام إبن خزيمة في صحيحه عن سيدنا ابن عباس رضي الله عنهما قال رسول الله صلّ الله عليه وسلم ” لما أتى إبراهيم خليل الله صلوات الله عليه وسلامه المناسك عرض له الشيطان عند جمرة العقبة، فرماه بسبع حصيات حتى ساخ في الأرض، ثم عرض له عند الجمرة الثانية، فرماه بسبع حصيات حتى ساخ في الأرض، ثم عرض له عند الجمرة الثالثة، فرماه بسبع حصيات حتى ساخ في الأرض”.
وقال بن عباس رضي الله عنهما “الشيطان ترجمون، وملة أبيكم إبراهيم تتبعون”، وروى الأئمة أصحاب كتب السنن الأربعة ما يدلل على ذلك، عن عمرو بن عبد الله بن صفوان أن يزيد بن شيبان قال: “كنا وقوفا بعرفة مكانا بعيدا من الموقف فأتانا ابن مِرْبَع الأنصاري فقال: إني رسول رسول الله صلّ الله عليه واله وسلم إليكم يقول كونوا على مشاعركم فإنكم على إرث من إرث أبيكم إبراهيم عليه السلام”.
الحكمة من رمي الجمرات
تتمثل الحكمة من رمي الجمرات في الحج الاقتداء بالنبي محمد صلّ الله عليه وسلم وإتباع أوامره وترغيم الشيطان وإغاظته، بالإضافة إلى تذكر مع حدث مع إبراهيم وابنه اسماعيل، حين وسوس له الشيطان واعترضه فرمان إبراهيم بسبع حصيات، كما ذكر ابن باز أن الحكمة من رمي الجمرات هي طاعة أوامر الله سبحانه وتعالى، فكل ما أمر به الله أو نهى عنه لا يكون إلا لحكمة معينة، ولذلك فأن على المسلم إتباع ما أمر به الله سبحانه وتعالى والرسول الكريم.
كيفية رمي الجمرات
هناك طريقة محددة لرمي الجمرات، حيث ترمى جمرة العقبة يوم العيد، والجمار الثلاث الأولى والوسطى وجمرة العقبة هي الأخيرة في اليوم الحادي عشر، وكل جمرة بسبع حصيات، مع التكبير عند كل حصاة، وفي اليوم الثاني عشر يفعل مثل ما فعل في اليوم الحادي عشر، مع التوجه إلى الله سبحانه وتعالى بالدعاء مع مراعاة استقبال القبلة والإطالة في الدعاء.
وقت رمي الجمرات
يبدأ رمي جمرة العقبة بعد منتصف الليل، أما رمي الجمرات في أيام التشريق فيبدأ وقته بعد زوال الشمس، وأوضح جمهور أهل العلم أنه إذا خاف الحاج من الزحام أو المشقة أو كان مقيدًا بالسفر فلا إثم عليه في الرمي قبل الزوال عن اليوم التالي، ولكن الأفضل أن يرمي الحاج في اليوم الثاني والثالث بعد الزوال، أما أن يرمي في منتصف الليل عن اليوم التالي، ولم يرد في ذلك قول معتمد عن أهل الفقه.
على المسلم أن يقوم برمي الجمرات بنفسه إذا كان قادرًا على ذلك، لأنه لما أحرم بالحج توجب عليه أن يكمله حتى لو كان متطوعًا، وأوضح بن عثيمين عدم جواز توكيل شخص آخر بالرمي، لأن الرمي من أفعال الحج، وفي حالة عجز الحاج عن الرمي لعذر ما أو كبر السن أو ضعف أو في حالة خافت المرأة على جنينها جاز في ذلك التوكيل للغير برمي الجمرات للضرورة.
عدد رمي الجمرات في الحج
اتفق الفقهاء أن عدد رمي الجمرات التي يرميها الحاج سبعون حصاة، وتكون يوم النحر وأيام التشريق الثلاثة، فيكون لكل جمرة في الأيام الثلاثة إحدى وعشرون حصاة، ويجوز للمسلم أن يرمي يومين فقط، وهو ما يسمى بالتعجل لقول الله سبحانه وتعالى ” فمن تعجل في يومين فلا إثم عليه “.
يُسنّ في رمي الجمرات أن يقف الحاج عند الأولى والثانية ويطيل المقام، ويدعو الله عندها، أما الجمرة الثالثة فلا يقف عندها، ويكون الرمي بعد الزوال، واختلف الفقهاء فيمن رمى بعد الزوال، فذهب جمهور الفقهاء إلى أن من رمي قبل الزوال عليه الإعادة بعد الزوال.
أحكام رمي الجمرات
ـ لابد أن يكون الرمي بحصى، فلا يصح أن يكون بطين أو إسمنت أو حجر كبير أو غير ذلك.
ـ لا يجوز توكيل الرمي للغير إن كان الموكل قادرًا على الرمي بنفسه.
ـ يشترط لما وكل إليه الرمي أن يرمي لنفسه أولًا ثم يرمي لغيره.
شروط صحة الرمي
ـ وجود حصى في المرمى.
ـ قصد فعل الرمي، أي أن يرمي الحاج الحصى وفي نيته رمي الجمرة، فلو رمى الحصى في الهواء دون قصد منه في رمي الجمرة لم يجزه ذلك، ولو وصلت الحصاة إلى المرمى بدون قصد لم تجزة.
ـ وقوع الحصى في مجمع الحصى الموجود في الحوض في المرمى، حيث أن بعض الحجاج يظنون أن الحصى وقعت في المرمى.
ـ تفرق الرميات، حيث أن اعتبار رمي الحصيات كلها دفعة واحدة كأنها رمية واحدة لا يجوز.
ـ الترتيب، أي رمي الصغرى أولًا ثم الوسطى ثم جمرة العقبة.