أصبحنا نسمع أكثر وأكثر عن ضغوط العمل، باعتبارها شيئا سلبيا العمال صحتهم النفسية وأحيانا البدنية، كما يحد من إنتاجية الأفراد في الشركات وزيد من معدلات التغيب عن العمل. ولسوء الحظ يمكن لضغوط العمل أن تتجاوز حد الإرهاق والجهد الفكري، لتصل إلى الضيق والإرهاق النفسي مولدة العديد من المشاعر مثل القلق والحزن . ولهذا من الواجب تحديد ضغوط العمل وكيفية التعامل معها بشكل دقيق وصارم لتجنب أثرها السلبي.

تعريف ضغوط العمل

تعرف منظمة الصحة العالمية ضغوط العمل كعامل سلبي للإنتاجية. وفقًا لمنظمة الصحة العالمية، فإن هذا الضغط  في العمل هو مجمل ردود الفعل التي قد يتعرض لها الموظفون عند مواجهة مطالب مهنية لا تتوافق مع معارفهم أو قدراتهم، مما يثير التساؤل حول القدرة على التعامل مع هذه الحالات. كما أنه من المحتمل أن يكون للضغط آثار سلبية على الصحة البدنية والعقلية للموظف.

هناك نوعين من ضغوطات العمل  الإيجابي والسلبي منها، ويعتمد هذا التصنيف بدرجة كبيرة على الموظف أو العامل نفسه، حيث أن البعض يمكن أن يرى الضغط في العمل على أنه حافز يدفعه للقيام بمهام أكثر تدرجا، بينما يجد البعض الأخر أن أثره السلبي يشكل عائق أمام تأديتهم لمهامهم في بيئة مستقرة.

ويمكن أن يكون الضغط في العمل نابعا من بيئة العمل نفسها، أو مرتبطا بآجال التسليم النهائية أو الأهداف التي يتعين استكمالها، كما ويمكم أن يكون مصدره خلافات مهنية أو شخصية مع الموظفين أو الرؤساء في العمل.

أسباب تسبب ضغوط العمل

بينما تستمر البطالة في شل سوق العمل، يواجه الأفراد في المجتمع واقع ضرورة حصولهم على فرصة توظيف بمقابل مادي، ويتجاهل الكثيرون الضغط المفاجئ الذي يتعرضون إليه، والذي يمكن أن يكون له أسباب عديدة ، منها : المهام الوظيفية الزائدة عن المسؤوليات الموظف، ظروف العمل السيئة، وعدم الاستقلالية في اتخاذ القرارات التي تندرج ضمن صلاحيات الموظف.

بالإضافة إلى المضايقات أو العدوان اللفظي أو الجسدي من قبل الزملاء في العمل أو الرؤساء، الشعور المتزايد بالإجهاد الفكري أو البدني، شعور الشخص بعدم جدوى وظيفته ورتابة المهام التي يقوم بها، عدم وجود تواصل داخلي متين وشعور الموظف بالعزلة، وطفرة التكنولوجيا التي قد تزرع في الموظف شعور بعدم القدرة على مجارات التقنيات الحديثة التي يرتكز عليها أدائه لمهامه.

العواقب الناتجة عن ضغوط العمل

وفقًا لمنظمة الصحة العالمية (WHO) ، ينتج عن ضغوط العمل عدة عواقب ، والتي تتمثل في الإحساس بالتعب الشديد ، وفقدان السيطرة وعدم القدرة على تحقيق نتائج ملموسة في العمل ، والذي ينتج عن غياب الدافع التحفيزي وفقدان الثقة بالنفس والقلق الشديد . وفي أشد الحالات، قد يصل الموظف إلى حالة نفسية تمنعه من مواصلة مهامه الوظيفية ، ويدخل في حالة اكتئاب مزمن، يصاحبها فقدان الشهية، قلة النوم ، وفرط الحساسية العاطفي والسلوك العدواني.

بدنيا، تتدهور حالة الموظف الصحية، وقد يشعر بألام حادة في الرقبة والظهر وصداع مزمن . كما أن بعض الحالات عانت من ارتفاع في ضغط الدم ، أزمات قلبية وجلطات في حالات نادرة. وقد حذر باتريك ميسترز، الطبيب النفسي العصبي، مدير المعهد الأوروبي للوقاية والأبحاث حول الإرهاق ، من هذه العواقب ونوه عن ضرورة التعامل مع مختلف ضغوط العمل بشكل صارم فور الشك أو ظهور أي عرض من الأعراض على الموظف .

كيفية التعامل مع ضغوط العمل

لإدارة ضغوطات العمل وكيفية التعامل معها يمكن إتباع الإرشادات التالية :

-شجع العمل الجماعي : من المهم في بعض الأحيان عبور المساحات المفتوحة وطرح سؤال مباشرة على المدير أو الزملاء. حيث أن تقاسم الصعوبات يمكن أن تحفزك للعمل وتقلل الضغوطات الواقع عليك، ويعزز المبادرات التي يمكن أن تستعيد من خلالها ثقتك في نفسك وتحببك في عملك. حيث أن الشروع في القيام بعمل يشاركك فيه الأخرون يمكن من تخفيف الضغط عليك ويساعدك في تخطي صعوبات مهمات وظيفية معينة. وستفاجئ بالتأثير المحفّز الذي يمكن أن يحدثه عليك وعلى الآخرين.

-امنح نفسك مزيد من الوقت الذي تقضيه في القيام بأعمال شخصية : من خلال استثمار الوقت الذي يمكنك من تقليل ساعات العمل والتحكم في جدول أعمال زمني أكثر مرونة ، ستتمكن من الانفصال عن العالم المهني وتخصيص وقت أكبر للقيام بنشاطات شخصية مثل القراءة والتي ثبت أنها تخفف من شدة التوتر وتمنع الاكتئاب أو ممارسة بعد الأنشطة الرياضية البسيطة كالمشي مثلا.

-خذ ثلاثة أسابيع متتالية على الأقل من الإجازة : أسبوعان لا يكفيان لتقييم وضعك المهني والانفصال عن ضغوطات العمل. حيث أنه في معظم حالات الإجهاد والتوتر الشديدة المرتبطة بضغط العمل ، يوصى بالاستراحة لمدة تتراوح بين 3 أسابيع وشهرين للانفصال التام عن العمل والابتعاد عن التوتر .

-نظم المهام الخاصة بك: قم بتحديد خطة للقيام بمهامك الوظيفية وواظب عليها، كما يمكن أن تستفيد من تفويض المهام ضمن خطة محكمة تخفف عند شدة ضغوطات العمل وتمنحك سيطرة أكبر على مهامك .

-عبر عن الضغوطات التي تواجهها في العمل وقم بمناقشتها من المسئول المباشر لك أو صاحب العمل نفسه إذا تطلب الأمر ذلك، وسيمكنك هذا من التوصل إلى حلول مرضية لجميع الأطراف مما يخفف العبء عنك .

-اطلب المساعدة المتخصصة : يمكنك طلب مشورة أخصائي طب العمل والذين يملكون خبرة كبيرة في التعامل مع مثل هذه الحالات، حيث يمكن لأخصائي علم النفس المهني تقديم تقارير مفصلة عن حالتك لرؤسائك في العمل مما يجبرهم على إيجاد حلول إدارية مناسبة، وستفيدك الاستشارة بشكل شخصي في إدارة ضغوطات العمل وكيفية التعامل معها من خلال تقنيات علمية فعالة .