تعتبر مهنة التدريس من أقدس وأسمى المهن في المجتمع ، لما يقدمه المعلمون والمعلمات من جهود لخلق جيل مثقف واعي قادر على مواكبة العصر بتحصيله العلمي وتفوقه للوصول إلى أعلى المراتب في الحياة العملية وبالتالي رفعة الوطن وتقدمه ، وقد جعل الإسلام هذه المهنة في منزلة رفيعة حيث أول ما أوصانا به الله تعالى ورسوله الكريم عليه الصلاة والسلام هو التعليم ، وأقل ما يمكن تقديمه للمعلم هو الاحترام والتقدير لمجهوداته الكبيرة لأن يصل أبنائنا لأعلى مراحل التفوق العلمي .
إلا أن بعد الطلاب وللأسف الشديد ، ينظرون إلى المعلم نظرة دونية ويحتقرونه بتصرفات صبيانية تهين المعلم أشد إهانة ، فبدلا من تقديم واجب الاحترام لهؤلاء المعلمين ، نجد في المقابل طلاب لا يكترثون بمدى قدسية هذه المهنة وصاحبها ، فهناك بعض الطلاب قد يوجهون كلمات وألفاظ نابية لا تنم عن الأخلاق الحميدة التي يجب أن يتحلى بها .
ظاهرة العنف الطلابي ضد المعلمين انتشرت في الأونة الأخيرة بشكل ملحوظ ، وتعد هذه الظاهرة جديدة على مجتمعاتنا ، ولهذا السبب يجب الوقوف عند الأسباب التي أدت إلى ظهور هذه الظاهرة الغريبة ومعالجتها قبل أن تتفاقم ، وإذا أمعنا في التفكير قليلا سنجد أن العامل الأول والأهم وراء هذه الظاهرة هو العنف الأسري ، فهؤلاء الطلاب هم بالأساس ينتمون إلى منظومة عائلية وسلوكهم ينبع من سلوك أسرهم ، فإذا كانت الأسرة تعاني من التفكك والعنف بين الأبوين أو بين الأبناء وتنتشر بينهم الفوضى والتناحر والمشاجرة كأسلوب حياة رئيسي ، فهذا يؤدي إلى العنف الطلابي ضد المعلمين كسلوك هم معتادين عليه في بيوتهم ويعتبرونه سلوك عادي للتعبير أو للدفاع عن أنفسهم .
كما أن قسوة المعاملة من قبل الوالدين تولد العنف لدى الطالب فكثرة القمع وقلة الاحترام والتهاون بمشاعر الأبناء وعدم الاكتراث لها ، واستخدام العقاب الجسدي كنوع من أنواع التربية من وجهة نظر الأبوين ، سيولد طالب عنيف لديه الرغبة العارمة في الانتقام فيكون المعلم هو أول ضحايا الطالب .
ولا نستطيع أن نضع اللوم الكامل على الأسرة أو الطالب في انتشار هذه الظاهرة ، فالمعلم أيضا مسئول بشكل أو بآخر عن انتشارها ، حيث أن هناك الكثير من المعلمين والمعلمات الذين يستخدمون أساليب تربوية وتعليمية سيئة وفاشلة ، ويستخدمون القسوة في معاقبتهم للطلاب وأحيانا بل غالبا نجد المعلم يتلفظ بألفاظ لا تليق به وبمكانته وبمهنته السامية ، فيبدأ بتراشق الكلمات الغير لائقة على الطلاب ، وبالتالي سينعكس ذلك سلبا على الطالب الذي قد لا يقبل هذه المعاملة المهينة فيرد العنف بالعنف والقسوة بقسوة أشد وهذا ما يؤدي إلى عدم احترام الطرفين بعضهما البعض .
ونستنتج من هذه العوامل ، أنه لا بد وأن يسود تبادل الاحترام بين الآباء والأبناء وبين المعلمين والطلاب ، حتى لا يجرح أحدهم للآخر ولا يستخدم العنف كوسيلة للتعبير والدفاع عن النفس .
وللأسف الشديد ، هناك قصص كثيرة نسمع عنها كاعتداء معلمين على طلبة أو العكس ، وقد شهدنا حالات عدة في الفترة الأخيرة مثال على العنف الطلابي للمعلمين وعنف المعلمين للطلاب ، واليوم تحديدا وقعت حادثة جديدة من ظاهرة العنف الطلابي للمعلمين ، وهي اعتداء طالب على معلمه في منطقة المدينة المنورة وتحديدا في حي العزيزية .. التفاصيل أدناه .
طالب يعتدي على معلمه :
وقعت حادثة الاعتداء في مدرسة المأمون الثانوية بحي العزيزية في المدينة المنورة ، حيث اعتدى طالب بالصف الثالث الشرعي على معلمه من خلال ضربه على رأسه من الخلف ، مما أدى إلى إصابة المعلم ونقله إلى المستشفى لتلقي العلاج اللازم وقد خرج من المستشفى بعد التأكد من أن حالته الصحية جيدة بعد العلاج .
وقد تم إيقاف الطالب من قبل منسوبي المدرسة وإحالته إلى مركز الشرطة ، والتحقيق مع الطالب من قبل لجنة خاصة من مكتب غرب المدينة المنورة يترأسها الدكتور حميد الأحمدي مدير المكتب ، والمدير العام ناصر العبدالكريم .