عندما نريد أن نتحدث عن خديعة الشيطان إلى الإنسان ، و وقوع الإنسان في بحر المغريات و المعاصي ، فيجب علينا أن نذكر هذه القصة التي تعد من أكثر القصص عبرة ، و هي قصة الراقصة شفيقة القبطية ، امرأة حصلت على كل شيء في الحياة ، الشهرة و المال و الثراء الفاحش ، لقد عاشت هذه المرأة كما عاش الأمراء و الملوك ، و لكن ذهب كل هذا في غمضة عين و أصبح سراب ، و لابد من أنك قد شاهدت فيلم شفيقة القبطية ، و التي قامت بدور شفيقة القبطية في هذا الفيلم ، كانت النجمة هند رستم ، و لكن هذه القصة ليست حقيقية أنما القصة الحقيقية إلى هذه السيدة سوف نقصها عليكم اليوم من خلال هذا المقال .
الراقصة الشهيرة شوق :
بداية شفيقة القبطية : في عام (1871) كان يوجد في مصر العديد من الرقصات ، و لكن كانت هناك واحده هي الأشهر بينهم و وصلت شهرتها إلى منازل العائلات الكبيرة و العريقة حيث كانت هي الراقصة الوحيدة التي تدخل إلى منازلهم و أيضاً هي الراقصة الوحيدة التي ترقص في حفلات الخديوي ، و كانت هذه الراقصة تدعى (شوق) و عندما دعيت شوق لترقص في منزل عائلة قبطية عريقة و شهيرة ، بمناسبة زواج أحد أفراد هذه العائلة ، أبهرت الجميع برقصها ، و كان هناك غرفة خاصة بالنساء حتى يرقصون بحرية ، و كانت شوق تشاركهم هذا الفرح ، و من بين الفتيات قامت فتاة شابة سمراء جميلة الملامح ملفوفة الجسد ، و بدأت بالرقص حيث رقصت بطريقة بارعة جداً و أدهشت الجميع و أيضاً أعجبت بها شوق أعجاباً شديداً ، و عندما انتهت الفتاة من الرقص ذهبت إليها شوق معبرة عن إعجابها بالقبلات ، وسألت الفتاة عن أسمها فأجبتها أسمي شفيقة ، و حينها ردت شوق قائلة يجب أن أعلمك الرقص أنتِ موهبة ، و لكن حين سمعت والدت شفيقة هذا الحديث غضبت بشدة و رأت أن في هذا القول إهانة شديدة ، و الجدير بالذكر أن شفيقة القبطية كانت من عائلة مسيحية متدينة جداً و محافظة ، و قامت والدت شفيقة على الفور مصطحبة أبنتها و لكن شوق و شفيقة تبادلا النظرات التي كانت تقول أن هذه ليست النهاية .
بداية مشوار شفيقة القبطية في الرقص : اعتبرت شفيقة نفسها محظوظة جداً أن راقصة شهيرة مثل شوق تعجب بها .. لذلك استغلت شفيقة تدين عائلتها حيث كانت تخرج من المنزل على أساس أنها سوف تذهب إلى الكنيسة من أجل الصلاة ، و لكنها في الحقيقة كانت تذهب إلى منزل شوق من أجل أن تتدرب على الرقص بشكل احترافي ، حتى جاء يوم و اختفت شفيقة تماماً لم تعود إلى المنزل ، حيث قلقت عليها أسرتها و جن جنونها ، و قاموا بالبحث عنها في كل مكان .. لكن دون فائدة ، و بعد ستة أشهر علمت عائلة شفيقة أنها تعمل راقصة في الموالد ، فأرسلت لها العائلة قسيساً حتى يقوم بنصحها و ردها عن هذا الطريق ، و لكن شفيقة رفضت لأنها كانت ترى أنها وضعت قدميها على أول طريق الشهرة ، و انتهى الأمر بأن العائلة تبرأت منها .
الثراء و الشهرة : بعد أن توفيت شوق تربعت مكانها شفيقة ذاع صيتها أكثر بكثير من معلمتها حيث ابتكرت بعض الرقاصات الجديدة الخاصة بها ، و أرادت أن ثبت إلى عائلتها و إلى الجميع أنها مازلت تحافظ على دينها حيث جعلت أسم شهرتها شفيقة القبطية ، وسعى خلفها أصحاب الملاهي من أجل أن تعمل معهم و ألتف حولها الرجال و وضع كل رجل معجب بها ثروة ضخمة تحت أقدامها ، و سافرت أيضاً إلى فرنسا و حققت هناك نجاح باهر حتى وصلت إلى الشهرة و الثروة الهائلة مما جعلها تعيش مثل الأمراء ، و أصبحت أول سيدة في مصر تمتلك عربات ” الحنطور” ، حتى وصل هذا الأمر إلى الخديوي بأن هناك سيدة مصرية تنافس الأمراء و الخديوي نفسه في العظمة و الثراء غضب بشدة ، و اصدر قرار أن هذا الأمر محرم على عامة الشعب و هو من أجل الأمراء فقد .
أرادة الله : بعد كل هذا النجاح و كل هذه الثروة الضخمة جداً و بعد أن حققت كل ما تتمنى من الدنيا إلا أمنية واحدة فقد و هي الإنجاب ، و كأن الله يقول لها أعطيتك كل ما ترتدين و لكن أخذت منك أغلى شيء لدى أي امرأة و هي الأمومة ، و لكن شفيقة أردت أن تكون أماً لذلك قررت أن تتبنى طفل صغير و سمته (زكي) و اعطيتة كل مشاعر الأمومة و الحنان ، و لكن نشأته في جو الخمور و الرقص و المال بدون حساب ، جعلت منه شخص فاسد و مدمن خمر و مخدرات ، في النهاية قررت شفيقة أن تزوجه لعله حاله ينصلح و أيضاً تفرح به ، و أقامت له حفل زفاف ضخم و مبهر تحدثت عنه الناس ، و لكنه بعد وزاجة توفي بسبب الإدمان ، و تألمت شفيقة من أجله ألم شديد .
النهاية : بعد كل هذا النجاح و الشهرة التي وصلت إليها بدأ شبابها يذهب كما ذهب الزمن و بدأ يذهب المعجبين و الشهرة أيضاً و بدأت تشرب الخمر و تبدد المال ، و أيضاً بدأت تشتري الشباب الفاسدين بالمال من أجل أن تشعر بالحب حتى تزوجها شاب من أجل مالها و بعد ما أخذ كل ما لديها ذهب و تركها ، و هنا بدأت شفيقة تتسول من أجل أن تجد الطعام ، و افترشت الحصير في أحد البيوت الشعبية ، و مرضت و أصحبت جسد هزيل و ضعيف ، حتى أشفق عليها صاحب هذا البيت الشعبي و حاول أن يعالجها و لكن في النهاية توفيت شفيقة القبطية بعد عناء و مذلة عن عمر يناهز الخامسة و سبعون عاماً و كان هذا كل ما حصدت شفيقة من الشهرة و الثراء .