تعد القراءة الرافد الأساسي لاستقاء المعارف وتنمية وتطوير الوعي المفاهيمي والحس النقدي، لذلك يجب الاهتمام  بالقراءة لتنمية القدرات الذاتية على التحليل، إضافة لامتلاك منهج سليم في التعامل مع النصوص من خلال الفعل القرائي الصحيح وليس السطحي، وقد أكدت التطورات السريعة التي يشهدها العالم المعاصر في شتى المجالات المعرفية أن التقدم لأي مجتمع مرتبط بنوعية التعليم في هذا المجتمع، وهو الأمر الذي دفع العديد من الدول لإصلاح قطاعات التعليم  بها، وبدأ التخلي عن الفلسفة التي كانت قائمة على تلقين المتعلم، والآن ظهر ” التعليم بالكفايات ” محدثة ثورة مفاهيمية تنسف كل الطرائق التعليمية القديمة وتستبدلها بما يسهم في الرقي بالعملية التعليمية، وتنمية قدرات ومهارات المتعلم ليصبح فردا فاعلا ومنتجا في الحياة العملية، وقادرا على مسايرة العولمة.

التعلم بالكفايات

1 – يسهم التعلم بالكفايات بتكامل العملية التعليمية، وإعداد متعلم لا يشتكي من غياب قدرته على الفهم والقراءة، ولا تتعلق الكفاية  بمستوى معين من المعارف والمهارات والقيم والاتجاهات يلزم أن يمتلكها المعلم فقط،، بل بمصادر هذه المعارف والمهارات، حيث يكون الفعل القرائي هو المرتكز الرئيسي.

2- وتعتبر القراءة عملية معرفية عقلية تتيح للقارئ فهم دلالة الكلمات الموجودة في متواليات، بقصد تعلم مهارة أساسية تمكن من امتلاك ناصية اللغة وتطويعها، ويحدث ذلك إذا تفاعل المتعلم من النص المقروء، وقد تتحول القراءة إلى عملية عقلية لا قيمة لها.

3- وقراءة وفهم المكتوب لا يعنى اكتمال الفعل القرائي، بقدر ما هو خطوة أولية نحو القراءة الناقدة التي تهدف إليها الكفايات، وتتأصل عادة القراءة في نفوس المتعلمين بفعل التعود لكنها تزول وتختفي بسبب الفهم الخاطيء لفعل القراءة، حيث يغيب التفاعل بين المادة المقروءة وقارئها.

استراتيجية القراءة

يقصد بإستراتيجيات القراءة الأداءات الخاصة التي يقوم بها القارئ لفهم النص والدخول في عمقه، على ما يواجهه من عقبات في فهمه، وعلى القارئ الربط بين خبراته والنص الذي يقرأه، لينتبه ويكتشف للتفاعل التلقائي مع بعض تراكيبه ومعانيه ، حيث أن لدية خبرات مختزنة قد تكون من طفولته، وتشبه هذه التراكيب والمعاني، ولكن للأسف لا توجد استراتيجية محددة يمكنها ضمان فعل قرائي متواصل وسليم دون توقف.

 مكونات الفعل القرائي    

يتكون الفعل القرائي من عنصرين أساسيين (القارئ والنص)، وجزئيات منبثقة عن كل عنصر والقارئ هو من يقوم بعملية القراءة، محملا بمجموعة من المدخلات ومخرجات تمكنه من الانتقال من دور الشرح لاستيعاب النص إلى تفتيت البنى التحتية للنص المقروء وإعادة بنائه، حسب نظرية القراءة المفتوحة ، التي تساعد القارئ على فهم المقروء فهما نقديا اشتمل على معارف القارئ الامتراكمة و المكتسبة

تترتب المعارف اللغوية في مستويات أربعة

1 – خصائص أصوات النظام اللغوي الذي يقرأ فيه مادته.

2- النظام التركيبي للجمل الخاضع للقواعد النحوية.

3- الاستعمالات اللغوية المتداولة والتي تفيد الجانب الدلالي

4- البعد التأويلي الذي يشارك فيه القارئ مجموعة من القراء.

5- يجب على القارئ أن يكون لديه مجموعة عمليات تستخدم أثناء القراءة، تحدد كيفية استخدامه المهارات المكتسبة والضرورية في تلقي النصوص، ومن هذه العمليات القراءة الأولية للتعرف إلى المضمون.

6- الشرح والتحليل للوقوف على أبنية المادة المقروءة، ومقاربتها بما يختزن.

7- إعادة بناء النص دون إهمال المعارف الأولى.

فهم النصوص

ورغم ذلك تعتبر هذه الاستراتيجية غير كافية كونها تفتقر إلى ضرورة تمكن القارئ من مهارة الفهم، حيث يقوم فهم النصوص على

1 ـ التمثيل الذهني للنص، ويتم تأسيسه  بتشابك جميع مستويات النص اللغوية الصوتية، التركيبية والدلالية، والنظام النحوي الذي الخاضعة له .

2ـ معالجة العناصر اللغوية للنص، بتثبيت معانيها، والتي تربط النص بالواقع وبغيره من نصوص الذاكرة طويلة المدى

  وتوفرهذين الشرطين، مع حمولة من المعارف اللغوية يحملها القارئ، تجعله قادرا على استخدام التمثيل الذهني ومعالجة العناصر اللغوية، وهو الأمر الذي يسهم في جعل تعليم مهارة الفهم أمرا متاحا لكل قارئ مهما كان مستواه.

استراتيجيات الإمداد بالمعارف

بقصد تزويد القارئ بمهارة الفهم، يجب تنبيه القارئ لما يملكه من قدرات من خلال استراتيجيات تمده بالمعارف

1ـ معارف تصريحية، يتم تحصيلها من خلال القراءة الأولية، والتعرف السريع الأول على مضمون المقروء.

2ـ معارف إجرائية، تتعلق بالمعاني، والوسائل اللغوية التي تمكن القارئ من بنائها.

 يكفي في المرحلة الأولى انتباه القارئ ووعيه بعدم قدرته على الفهم ثم حثه على معالجة هذا المشكل لوحده، بالبحث في رصيده اللغوي السابق و محاولة ربط المضامين لفهم المطلوب.

التعرف إلى المتعلم القارئ المتمكن من ممارسة الفعل القرائي، حيث يكون متسلحا  بمهارة فهم عالية، تمكنه من تجاوز الصعوبات والعقبات أثناء القراءة، معتمدا على خبراته ومعارفه اللغوية.

يؤدي امتلاك القارئ لمهارة الفهم، يسجعله يزيد من المحتويات المعرفية الناتجة عن فعله القرائي، وتنمية وعيه المفاهيمي، التعود على القراءة كفعل وممارسة يومية.

ممارسة الفعل القرائي بحس نقدي، يسهم في رفع مستويات الإنتاجات الأدبية، وتضمن لها الاستمرارية الفكرية، كما أن الفعل القرائي يسمو بالقارئ نحو إعادة هيكلة النصوص وفق أدواته الإجرائية التي استعملها في فعله القرائي.