تكمن أهمية التعلم في كونه من أكثر الموضوعات أهمية لجذب اهتمام الباحثين في مختلف التخصصات، حيث يكتسب فيها الفرد أنماط سلوكية جديدة ومهارات معرفية عديدة من خلال التوصل إلى قوانين تتحكم بظاهرة الإنسان مما يساعده على التكيف مع البيئة الاجتماعية والمحيطة به، ومجابهة التحديات والصعوبات التي يتعرض لها الفرد.

فقد ظهرت العديد من نظريات التعلم التي تهدف إلى تقديم مفهوم جديد أعمق لتفسير سلوكيات الفرد بعدة طرق مما يسهم في لاستثمارها وتوظيفها في مواقفه الحياتية، ومن جانبه جاءت نظرية التعلم بالنمذجة التي تتم في محيط اجتماعي متكامل لتؤكد على أهمية المعايير الاجتماعية في طريقة عرض النماذج السلوكية التطبيقية في مواقف الإنسان الحية.

مفهوم التعلم بالنمذجة:
هي إحدى نظريات التعلم التي تهدف إلى فهم أفضل وأعمق لسلوكيات الأفراد ويتم الاعتماد عليه في نقل فكرة أو سلوك معين أو خبرات إلى فرد أو مجموعة أفراد، وتوظيفها في المواقف الحياتية المختلفة وخاصة المواقف التربوية والاجتماعية، ومحاولة كسب الفرد لأنماط سلوكية جديدة من خلال مواقف تحدث أمامه.

فعن طريق النمذجة يتعلم الفرد بالملاحظة والتقليد من خلال نموذج يقلده، ويتم التقليد بطريقة مباشرة والتي تكون التعلم وجها لوجه أمام الأشخاص، وطريقة غير مباشرة من خلال التقليد والمحاكاة.

عناصر التعلم بالنمذجة:
1- الموقف الحياتي الذي يستعرض سلوك معين.
2- السلوكيات التي يستعرضها الموقف أو الفكرة.
3- الملاحظ أو التقليد الذي يقلد السلوك الذي يتم أمامه.
4- نتائج السلوك الصادرة من كلا من المقلد ومن يقلده.

مصادر التعلم بالنمذجة:
1- التفاعل المباشر بين الفرد والأشخاص المحيطين بهم في الحياة الواقعية ويطلق عليه النمذجة المباشرة أو الحية.

2- التفاعل غير المباشر ويقصد به وسائل الإعلام المختلفة كالتلفزيون، الراديو، وسائل التواصل الاجتماعي وغيرها ويطلق عليه النمذجة المصورة.

3- التفاعل المباشر والعملي من خلال تقديم التعليمات والإرشادات من الملاحظين للملاحظ أثناء عرض النموذج أو الموقف وتسمى النمذجة بالمشاركة.

4- توجد تفاعلات أخرى غير مباشرة مثل القصص تسمى النمذجة الضمنية أو التخيلية.

أنواع التعلم بالنمذجة:
1- النمذجة اللفظية:
وتحدث من خلال الكلام عن طريق تعلم الفرد كيفية الربط بين الأشياء المعقدة وتعلم كيفية التصرف في المواقف غير المألوفة لديه وكيفية تأدية التصرف المطلوب في المواقف التي يتعرض لها الإنسان.

2- النمذجة الرمزية :
وتحدث عن طريق الصور، الأفلام، التلفزيون، ووسائل الإعلام المختلفة التي تلعب دورا كبيرا في تشكيل الاتجاهات الاجتماعية وسلوكيات الأفراد من خلال اكتساب الفرد للنماذج السلوكية عبر هذه الوسائل.

العوامل المؤثرة في التعلم بالنمذجة:
1- الأشخاص ذو المكانة الاجتماعية العالية أو ذوو الجاذبية حيث يميل المتعلم إلى تقليد هؤلاء الأشخاص الذين يحظون بشعبية كبيرة أكثر من الذين ليست لديهم شعبية.

2- ميل المتعلم إلى تقليد الأشخاص ذوى القدرات العالية والمتميزين عن غيرهم بالتفوق في الأداء.

3- تقليد الأفراد المتشابهين في نفس الاهتمامات والخلفيات لبعضهم البعض ولذلك تعد النماذج الحية أفضل بكثير من النماذج المباشرة أو غير المباشرة.

أهداف التعلم بالنمذجة:
1- تعديل أنماط السلوكيات الاجتماعية عن طريق إتباع أسلوب علاجي.
2- تنشيط الحس التخيلي لدى الفرد والقدرة على التصور والتوقع.
3- تحسين التصرفات الخاطئة خطوة بخطوة.
4- تطوير أسلوب المعالجة المعرفية أثناء التعلم من خلال التمرينات التخيلية، الإنتباة.
5- اكتساب الأفراد أنماط السلوكيات الصحيحة لتطبيقها في مواقف حية متعددة.
6- شرح المواقف الحياتية والتعليمية للقيام بتسهيل عملية التعلم.
7- تعلم كيفية ملاحظة الآخرين بدون تقليد.

التطبيقات التربوية لنظرية التعلم بالنمذجة:
أولا: تعديل السلوك لدى الأفراد:
فعند مشاهدة البعض لأشخاص  قامت بسلوك سلبي معين وتمت معاقبتهم عليه أو قامت بسلوكيات إيجابية وتمت مكافأتهم يقوم  حينها الأفراد بالتعلم من الآخرين وعدم القيام بمثل هذه السلوكيات السلبية أو القيام بالسلوكيات الإيجابية مثلهم.

ثانيا: تنمية عادات وقيم المتعلمين:
يتم عن طريق استخدام نماذج مماثلة لهم ممن يمارسون عادات وقيم إيجابية وتعزيزها أمام الآخرين للقيام بتقليدهم، كما يشترط أن يكون المعلم قدوة حسنة للمتعلمين من خلال ممارسة القيم والأخلاق الحميدة والعادات الإيجابية، وأيضا يمكن استخدام القصص الهادفة حتى توفر نماذج حية ومماثلة للمتعلمين.

ثالثا: تنمية المهارات الرياضية والفنية والحرفية لدى الفرد:
يتم استخدام النماذج المباشرة وغير المباشرة مثل الأشخاص والأفلام والصور فيما يتعلق بتدريس المواد الأكاديمية والتعليمية التي تهدف إلى تحقيق العملية التعليمية في تنمية مهارات الفرد الرياضية والحرفية.