الشعر والنثر من الفنون التي عُرفت منذ قديم الزمان، واختلف الكثير من الباحثين والدارسين العرب، القدماء والمحدثين، في معرفة من أسبق الشعر أم النثر، واختلفوا أيضًا في توضيح الفروق والتفضيل بين كلاهما، وجاء الإختلاف أيضًا في توضيح حقيقة إذا كان هناك نثر حقيقي قبل وجود الإسلام، ولكن بالبحث وجد الباحثين العديد من الخطب والأمثال التي تشير إلى وجود هذان النوعين من الفن منذ قديم الزمان.

ما المقصود بالشعر والنثر

الشعر هو الكلام الموزون بالقافية، وجمع كلمة شعر أشعار، والمقصود به، الترهيب والترغيب، وله العديد من الأنواع من بينها الشعر المنثور، وهو نوع من أنواع الشعر التي تتكون الأبيات الخاصة به من كلمات بها سجع، وتكون على طريقة كتابة الشعر، في نفس أسلوب الشاعر الخاص بالتخيل من أجل التأثير في القارئ، ولكن يكون دون وزن معين.

النثر هو كلام حسن منسق، يتم كتابته دون الحاجة إلى قافية أو وزن معين، وهذا عكس الشعر المنظوم، والقائم على كتابة النثر يُطلق عليه اسم ناثر، وهو الشخص الذي يتقن ويجيد كتابة النثر.

أيهما أسبق الشعر أم النثر

اختلف الباحثين في تحديد ذلك، وانقسموا إلى فريقين :

ـ الفريق الأول يمثله الدكتور زكي مبارك، وأوضح في أطروحته المعروفة ” النثر الفني في القرن الرابع الهجري”، أنه كان هناك بالفعل نثر فني في العصر الجاهلي، وكانت له الكثير من الخصائص والقيم الأدبية والفنية، رغم وجود ظروف تسببت في ضياع الكثير من هذا النثر، والدليل على ذلك قول ” ما تكلمت به العرب من جيد المنثور أكثر مما تكلمت به من جيد الموزون، فلم يحفظ من المنثور عشره، ولا ضاع من الموزون عشره”، والدليل الذي اعتمد عليه هو القرآن الكريم، لأنه يرى في نظره أنه يقدم صورة عن شكل النثر وحالته التي كانت موجودة قبل ظهور الإسلام وأيضًا قبل عصر التدوين، لأنه لا يعقل أن يقوم القرآن الكريم بمخاطبة القوم إلا بأسلوب القول الشائع لديهم.

ـ أما الرأي الثاني، ينفي وجود أي نثر فني في العصر الجاهلي، وهذا الرأي يمثله الدكتور طه حسين، وشكك في صحة شعر الجاهليين قبل أن يشكك في صحة أنه كان يتواجد لديهم نثر، وكان دليله على ذلك أن الحياة الأولية هي حياة بسيطة كان يعيشها العرب قبل الإسلام، ولكن لم تكن تسمح لهم بوجود أي لون من ألوان النثر التي تكون لها القدرة على التطور والازدهار.

الفرق بين الشعر والنثر

عن توضيح بما يتميز الشعر عن النثر يمكن أن نشير إلى ذلك في عدد من النقاط وهي :

ـ عند كتابة الشعر فأن صاحبه يتكلف في تنظيمه وكتابته، حيث يتكلف في الوزن والقافية، ولكن النثر لا يتكلف صاحبه ولا يأخذ أي وقت، فهو لا يرتبط بوزن أو قافية، ولذلك يشير بعض الأفراد إلى أن الشعر أفضل من النثر.

ـ يُعرف الشعر بأنه ديون العرب، بينما لا يُعرف النثر بذلك، ذلك لأن الشعر ارتبط منذ القدم بأنه يحتفظ بأمجاد العرب ومفاخرهم وعاداتهم وتقاليدهم.

ـ الشعر يتلائم دائمًا مع الموسيقى، لذلك فهو المصدر الغناء والموسيقى، فنجد أن موضوع الشعر بحد ذاته هو مصدر للغناء، ولكن على المقابل فأن النثر لا علاقة له نهائيًا بالغناء والموسيقى، ولذلك فأن أنصار النثر يقولون أن الشعر هو نوع من الفن واللهو، وأنه لا يصلح لأي غرض من أغراض الحياة الضرورية، بينما يصلح النثر لكافة جوانب السياسة والخطاب.

ـ كاتب النثر ينثر كلامه سواء كان واقفًا أو جالسًا، ولكن الشاعر عندما ينشد لابد أن يكون واقفًا.