تعتبر فترة الحمل من الفترات المختلفة تمامًا في حياة أي امرأة وخصوصًا في حالات الحمل للمرة الأولى ؛ حيث أنها تتعرض للعديد من التغيرات الفسيولوجية والجسدية والصحية والنفسية ، وقد أشارت العديد من الأبحاث والدراسات العلمية إلى أن صحة المرأة سواء العضوية أو النفسية تنعكس بشكل مباشر على صحة الجنين .
الضغط النفسي للحامل
أثناء فترة الحمل يحدث تغير كبير في معدل إفراز الهرمونات المختلفة في جسم المرأة ولا سيما الهرمونات المسؤولة عن تحسين الحالة النفسية والمزاجية لها ، ومن هنا نجد العديد من النساء الحوامل في حالة عصبية زائدة ويزداد هذا الشعور كلما تقدمت المرأة في شهور الحمل ؛ حيث أن الحامل في الثلث الأخير من الحمل تكون أكثر عصبية وقلق واضطراب صحي ونفسي .
وبذلك ؛ فإن تعرض المرأة إلى أي ضغوط عصبية إضافية سواء بسبب الدراسة أو العمل أو الخلافات الزوجية أو أي مشاكل أسرية أو اجتماعية أو صدمات نفسية أو غيرها من عوامل التأثير على الحالة النفسية الأخرى أثناء فترة الحمل ؛ يؤدي إلى زيادة شعورها بالتوتر العصبي والقلق والعصبية الزائدة التي تؤثر على صحتها بشكل سلبي جدًا بل وينعكس ذلك أيضًا على صحة جنينها .
وهذا يُوضح ضرورة أن يتم التعامل مع المرأة أثناء شهور الحمل بطريقة خاصة وعدم تعريضها إلى أي عوامل ضغط نفسي ومساعدها على المرور من فترة الحمل بسلامة وأمان لها وللطفل .
العلاقة بين دماغ الأم والجنين
قام الباحثين والعلماء بإجراء عدد كبير من الأبحاث والدراسات التي قد أوضحت تأثير الضغوط النفسية التي تتعرض لها المرأة على صحة الجنين أثناء الحمل وبعد الولادة أيضًا ، ومن ضمن ذلك إحدى الدراسات الحديثة التي أجريت في جامعة كامبريدج University of Cambridge في المملكة المتحدة ونُشرت في يوم السابع عشر من شهر ديسمبر من عام 2019م ؛ أشارت إلى أنه يوجد علاقة مباشرة بين حالة المرأة النفسية والعصبية وسلامة الجنين .
حيث قد أشارت الدراسة إلى أن عقل الأم وعقل الجنين يعملان معًا عبر شبكة تواصل ضخمة ودقيقة في نفس الوقت ، وتكون درجة الترابط فيما بينهما أكبر عندما تمر الأم بمشاعر إيجابية حيث يُساعد ذلك على نمو وتطور عقل الجنين وولادة طفل أكثر ذكاءً ، بينما تعرض المرأة إلى مشاعر سلبية يؤدي إلى تقليل التواصل بين مخ الأم والجنين ، وبالتالي ؛ انخفاض معدل نمو الجهاز العصبي للطفل .
وقد اقترحت الدراسة أيضًا عبر النتائج التي توصلت إليها بواسطة العالم الدكتور Vicky Leong ؛ إلى أن الأم التي تُعاني من الاكتئاب والتوتر النفسي ؛ تلد أطفالًا أقل قدرة على النمو العقلي ويكونوا أقل في المعدلات الدراسية بالمقارنة مع أقرانهم الذين يولدون لأمهات تتمتع بالمشاعر الإيجابية .
ولذلك أوصت هذه الدراسة بضرورة أن تسعى كل أم قدر الإمكان أن تبتعد على الكآبة والحزن والمشاعر السلبية المختلفة وعن النكد الزوجي أيضًا قدر الإمكان أثناء فترة الحمل وعلى المحيطين بالمرأة الحامل أيضًا سواء الزوج أو الأهل أو الأصدقاء أن يكونوا أكثرًا حذرًا عند التعامل معها والحرص قدر الإمكان على عدم تعرضها إلى أي اضطرابات نفسية أو عصبية طوال فترة الحمل ؛ لأن الأمر هنا لم يعد مقصورًا على صحة الأم فقط ؛ بل إن تأثير ذلك يمتد إلى التأثير على الصحة النفسية للطفل وعلى قدراته العقلية والإدراكية وقدرته كذلك على التفوق الدراسي والعملي فيما بعد .
ويُذكر أن نتائج هذه الدراسة قد تم نشرها في المجلة العلمية الدولية NeuroImage .