يُعد تاريخ سلطنة عُمان تاريخاً حافلاً بالأحداث العظيمة ،و قصص الكفاح ،و البطولات الرائعة التي شارك فيها الرجال ،و النساء للتخلص من المحن ،و الصعوبات ،و السعي وراء استقرار البلاد ،و حماية شعبها ،و وسط تلك الظروف ظهرت السيدة موزة ،و هي السيدة العُمانية التي عُرفت بشخصيتها السياسية العسكرية القوية حيث تمكنت بكل براعة من أن تنقل زمام الحكم إلى حاكم عُمان ،و زنجبار السيد سعيد بن سلطان .. ما قصة هذه السيدة ..؟ ،و كيف نجحت فيما فعلته ..؟ هذا ما ستبرزه تفصيلاً السطور التالية لهذه المقالة .
نسب السيدة موزة .. السيدة موزة هي ابنة الأمام أحمد بن سعيد البوسعيدي الذي يعود اليه الفضل في تأسيس الدولة البوسعيدية الحاكمة لسطنة عُمان ،و تزوج تلك الحكام من سيدة من قبيلة الجبري التابعة لقرية الحرادي الكائنة بولاية بركاء ،و كان قد انجب عشرة أبناء سبعة منهم من الذكور ،و ثلاثة من الإناث ،و الذكور هم محمد ،و سيف ،و سلطان ،و سعيد ،و قيس ،و هلال ،و طالب ،و الإناث هن السيدة غفراء ،و السيدة ميرا ،و السيدة موزة .
ميلاد ،و نشأة السيدة موزة .. ولدت السيدة موزة في عام 1749 في مدينة الرستاق ،و تربت على يد والدها الذي تعلمت منه مختلف ألوان العلوم كالشئون السياسية ،و شئون الحكم ،و أمور الفقه ،و الدين .
زواج السيدة موزة .. تزوجت من سيف بن محمد بن علي البوسعيدي ،و لم تُنجب منه ،و لم تتزوج من بعده .
حكام دولة بوسعيد .. مؤسس الدولة هو أحمد بن سعيد البوسعيدي ،و الذي استمر حكمه من الفترة 1741 ميلادياً ،و حتى عام 1783 ميلاياً ،و بعد وفاته تولى سعيد ابنه قلادة الحكم ،و لكن أبنه قام بنقل قاعدة الحكم من الرستاق إلى مسقط ،و بعد وفاة حمد بن سعيد بن أحمد عام 1793 ميلادياً تولى قلادة الحكم بن أحمد بن سعيد السيد سلطان واستمر في قلادة الحكم حتى قاموا القواسم بمهاجمته ،و نجحوا في قتله عام 1804 ميلادياً ،و بالرغم من أن سلطان كان له أبناء أرادوا أن يتولوا الحكم بعد وفاة أبيهم لكن باقي أبناء أحمد بن سعيد عارضوا أبناء أخيهم بشدة ،و لكن السيدة موزة وقفت بجوار أبناء أخيها سالم ،و سعيد وأرادت أن تؤمن لهم الطريق للوصول للحكم بدون خلافات .
كيف ساعدت السيدة موزة أبناء أخيها سالم و سعيد في الوصول إلى الحكم ..؟ أراد كل من سعيد ،و قيس أن يتولوا قلادة الحكم فقاموا بفرض الحصار على أبناء أخيهم ،و لكن السيدة موزة لم ترضى بذلك فكانت قد علمت بالحصار فجمعت عدد من شيوخ القبائل ،و طلبت منهم الوقوف معها لحماية العاصمة مسقط ،و استدعت بن أخيها سيف الذي يُجعى بدر الدين بن سيف ،و كان في هذه الأونة يُقيم في الزبارة بقطر ليعاونها في ذلك .
السيدة موزة تُدير أزمة ،و حصار مسقط .. حاصر سعيد وقيس ،و أعوانهم مسقط حصاراً قاسياً عانى منه أهلها حيث نفذ طعامهم ،و كادت تتوقف الحياة ففكرت موزة في مواجهتهم ،و لكنها كلما حاولت أن تفكر في الدخول في معركة وجدت أن لديها بارود و لكن ليس لديها حديد فحاولت بشتى الطرق أن توفر الحديد فأمرت بجمع المسامير ،و كل الأدوات ،و المعدات التي صًنعت من الحديد حتى الفضة التي توافرت لديها جمعهتا ،و أمرت بصهره كما أمرتهم بجمع الحصى ،و ذلك ليُصبح ذخيرةً للبارود .
السيدة موزة تتأكد من ولاء جنودها .. سمعت السيدة موزة أن أعدائها يحاولون اغراء جنودها بالأموال ليتخلوا عنها ،و عن الدفاع عن العاصمة فخرجت ليلاً متنكرة في زي الرجال الجنود ،و حاول إغراء أحد جنودها بالمال لكنهم رفضوا ففرحت السيدة موزة لذلك فرحاً شديداً .
السيدة موزة تحزم النصر لصالحها .. بعد الأستعداد بدأت قواتها تهجم على الجنود الذين حاصروا العاصمة ،و نجحت جنودها في هزيمتهم ،و تفاوضت مع باقي أخواتها على أن ينتهي الحصار و يحفظوا حق ابن أخيهم في الحكم .
زمام الحكم تعود للسيدة موزة ..حفظت السيدة موز حق أبناء أخيها ،و ظلت وصية عليهم حتى بلغ ابن أخيها الأكبر سعيد السابعة عشر من عُمره ،و تسلم قلادة الحُكم ،و لكنها لم تتركه ظلت واقفة إلى جواره تدعمه ،و تُقدم له النُصح و الإرشاد
وفاة السيدة موزة .. لم تذكر المصادر التاريخية تاريخاً محدداً لوفاتها ،و لكنها توفت عام 1832 ميلادياً وذلك طبقاً لما جاء به ابن رزيق .