الإجرام له ألوان عديدة قد لا يتصورها بشر ، ويطال أشخاص أبرياء لا ذنب لهم سوى أنهم تعثروا بطريقهم بمجرمين سلبت منهم كل مشاعر الإنسانية والأخلاقيات التي يحثنا عليها ديننا الإسلامي الحنيف ، ومن بين هذه الجرائم التي تعد هي الإرهاب بعينه هي جريمة العوامية ، التي وقعت في شهر يونيو من عام 2015 ، عندما أقدم مجهول على إطلاق النار بشكل عشوائي على سيارة يستقلها أربعة مواطنين من بينهم المواطن السعودي ” ضيف الله القرشي ” الذي أصابته رصاصة من الأعيرة النارية التي أطلقت على السيارة أردته قتيلا وهو شاب في عمر الزهور كان لديه طموح لأن يرفع راية بلاده بعلمه وعمله ويكون فخرا لوالديه اللذان أصبحا يعيشان اللوعة والحسرة على فراق فلذة كبدهم الذي خطف غدرا من يد إرهابي عابث لا يكترث بالنفس التي حرم قتلها ، وقد أثارت هذه الجريمة الشنعاء ضجة كبيرة في الأوساط الإعلامية بالمملكة ، وأصبحت حديث الساعة في الصحف ومواقع التواصل الاجتماعي منذ الإعلان عن مقتل الشاب القرشي ، ومنذ اندلاع هذه الجريمة الإرهابية ، لم تتوانى الجهات الأمنية عن البحث عن القاتل ، إلى أن توصلت ولله الحمد إلى الجاني ، حيث تم القبض عليه يوم الإثنين الموافق 23/11/2015 …. فلنتعرف على تفاصيل القصة كاملة وكيف حدثت هذه الجريمة الإرهابية .
تفاصيل القصة :
الزمن في فصل الصيف وتحديدا بعد الانتهاء من عام دراسي حافل بالجد والاجتهاد ، حيث كان الموسم الدراسي الماضي من عام 2014/2015 هو الموسم الأخير لضيف الله القرشي حيث تخرج من الثانوية العامة بتقدير ممتاز ليشرف أهله وذويه بهذه النتيجة التي حصل عليها بعد جهد وتعب طوال اثنى عشر سنة ، وعند استلامه لشهادته الثانوية رفرف قلبه فرحا فانطلق لوالديه حتى يفخروا به ويحصدوا ثمار تربيتهم ، فكانت مكافأة القرشي أن يهذب إلى رحلة في فصل الصيف قبل أن يدخل إلى مرحلة جديدة من حياته وهي المرحلة الجامعية التي كان يطمح لها وكانت هدفه الأول ، فانطلق مع ثلاثة من أصدقائه من مدينة الطائف إلى المنطقة الشرقية مثله مثل أي شاب يريد الترفيه عن نفسه بعد عناء سنة كاملة من الدراسة والتعب ، وعند وصولهم حاولوا أن يعبروا جسر الملك فهد إلا أن الجهات الأمنية أعادتهم ثانية فاضطروا للبقاء في المنطقة لمدة ثلاثة أيام.
وبعدها ، حاولوا الخروج من المنطقة إلا أنهم أضاعوا الطريق فاتجهوا إلى القطيف ومنها إلى العوامية ، وما أن دخلوا إلى المدينة حتى بدأت سيارة ودباب بملاحقتهم وسألوهم عن سبب دخولهم إلى العوامية فأجابهم ضيف الله بأنهم أخطأوا في الطريق فوجدوا نفسهم في العوامية ، فما كان من مستقلي السيارة المجهولين إلا أن أخرجوا أسلحتهم الرشاش وأطلقوا على سيارة ضيف الله وأصدقائه ثمان طلقات متتالية ، فحاول سائق السيارة الذي تقل ضيف وأصدقائه الهروب من الطلقات النارية وملاحقة السيارة لهم إلا أن القدر كان أسبق منهم حيث أصيبت إحدى الطلقات رأس ضيف الله أردته قتيلا على الفور ، فأسرعت الجهات الأمنية لمباشرة الحادثة والبحث عن القاتل لتقديمه للعدالة .
رسالة الوداع :
يبدو أن ضيف الله كان يشعر بـأن أجله بات قريبا ، فكانت آخر رسالة يخطها الضيف على حسابه في مواقع التواصل الاجتماعي يقول فيها ” ن يحمل في قلبه خدوش صغيرة أحدثتها أنا له ..ليعتقني لوجه الله ،ربما لا مست وجعا ..او أيقظت ذكرياته ..أو سببت له جرحا دون قصد ..نحن راحلون ولا نعرف كيف سنفارق الدنيا ومتى …من المؤلم مفارقتها وقلوبنا مليئة بالمواقف التي لم تحكى ولم تجد للغفران طريقا لها ..حقا اعتذر منكم ” .
القبض على الجاني :
أعلن المتحدث الرسمي باسم شرطة المنطقة الشرقية العقيد ” زياد الرقيطي ، أنه تم القبض على متركب جريمة إطلاق النار التي استقلها ضيف الله القرشي وأصدقائه عصر يوم الإثنين الموافق 23/11/2015 ، وقد حاول الجاني مقاومة رجال الأمن عبر إطلاق نار عليهم مما اضطر من رجال الأمن أن يتعاملوا مع الموفق لما تقتضيه الضرورة فحصل تبادل لإطلال النار بين الجاني وبين الجهات الأمنية نتج عنه إصابة الجاني بقدمه ، فتم القبض عليه للتحقيق معه وإحالته إلى الجهات المعنية للبت في القصاص الذي يستحقه .
بيان عائلة القرشي :
أصدرت أسرة ضيف الله القرشي بيان لها عقب إعلان وزارة الداخلية عن القبض على الجاني ، تشكر من خلاله رجال الأمن الذين كثفوا جهودهم في البحث عن الجاني والإطاحة به طوال الفترة الماضية ، وقد أعربوا عن امتنانهم لحكومة خادم الحرمين الشريفين ووزارة الداخلية أيضا معربين عن ثقتهم العالية في الحكومة وقياداتها الأمنية بالإضافة إلى شكرهم العميق لكافة وسائف الإعلام بمختلف أنواعها لتسليطهم الضوء على قضية ابنهم ضيف اله القرشي واهتمامهم بها ، وهذا نص البيان : “ إننا في هذا المقام لنشكر الله سبحانه وتعالى أولاً وآخراً على معونته وتأييده لرجال الأمن بأن تم القبض على المتهم ليقدم للعدالة ويقتص من الجاني شرعاً، ونثني بجزيل الشكر لولاة أمرنا ولحكومتنا الرشيدة على اهتمامهم ومتابعتهم الكبيرة لقضايا المواطن وتطبيق الشرع بين الناس ، كما نشكر كل من تفاعل مع قضيتنا وساهم بكتابة أو مراسلة أو دعاء أو كلمة مواساة ” .