يعتبر الصبر من أعظم الصفات التي يمكن أن يتصف بها الإنسان، حيث ميزّ الله سبحانه وتعالى الصابر عن غيره من الأفراد ووعده بالجزاء الأكبر على صبره أيا كان هذا الصبر، وبينّ الرسول صلّ الله عليه وسلم أهمية الصبر ومكانة الصابرين وأجرهم، حيث ضرب أروع أمثلة الصبر في السيرة النبوية، وذلك بصبره على أذى الكافرين، فيدل الصبر على قوة الإيمان والرضاء بقضاء الله وقدره.
حكم وأقوال عن الصبر
قال علي بن أبي طالب رضي الله عنه: (بُنِي الإسلامُ على أربعِ دعائم: اليقينُ، والصبرُ، والجهادُ، والعدلُ).
قال العلماء: (الصبرُ نصفُ الإيمانِ، وسرُّ سعادةِ الإيمانِ، ومَصدرُ العافيةِ عند الابتلاء، وعدةُ المؤمن حين تَدْلَـهِمُّ الخُطُوب، وتُحْدقُ الفِتَنُ، وتَتَوالى المِحَنُ، وهو سلاحُ المؤمنِ في مجاهداتِه نفسَه وحملِها على الاستقامة على الشّرعِ، وتحصُّنِها مِن الانزلاق في مهاوي الفَسادِ والضَّلالِ).
قال الشاعر: [من البحر البسيط]
الصبرُ مثلُ اسمِه، مُرٌّ مذاقتُهُ … لكن عواقبُه أحلى مِن العسلِ
قال بعض العلماء: (إنّ اللهَ ليبتليَ العبدَ بالبلاء بعد البلاء حتى يمشيَ على الأرض وما له ذنب).
قال علي بن أبي طالب رضي الله عنه: (إنْ صَبرتَ جَرَى عليكَ القلمُ وأنت مأجورٌ، وإنْ جَزعتَ جَرَى عليكَ القلمُ وأنت مأزورٌ).
قال العلماء: (إنَّ الصَّبرَ أقسامٌ، ولكلِّ قسمٍ منها اسمٌ خاصٌّ فيه: فالصَّبرُ عن شهوة المعدةِ.. قناعةٌ، وضِدُّهُ الشَّرَهُ، والصبرُ عن شهوة الجسدِ.. عِفَّةٌ، وضِدُّه الشَّبَقُ، والصبر عندَ الغضبِ.. حِلْمٌ، وضِدّه الحمقُ، والصبر عن فُضُول العيشِ.. زهدٌ، وضِدّه الطَّمعُ).
قال ابن السماك رحمه الله تعالى: (المصيبةُ واحدةٌ، فإن جَزِعَ صَاحبُها فهما اثنتان. يعني: فَقدَ المُصَاب وفَقدَ الثَّواب).
قالت الحكماء: (الجزعُ أتعبُ مِن الصَّبْرِ، ففي الجزعِ التعبُ والوِزْرُ، وفي الصبر الراحة والأجر. ولو صُوِّرَ الصّبرُ والجزعُ لكان الصّبرُ أحسنَ صورةً وأكرمَ طبيعةً، وكان الجزعُ أقبحَ صورةً وأحردَ طبيعةً، ولكان الصَّبرُ أَوْلَاهُمَا بالغَلَبةِ لِحُسْنِ الخِلْقَةِ وكَرَمِ الطّبيعةِ).
قال عمر بن عبد العزيز رحمه الله تعالى: (ما أنعمَ اللهُ على عبدِ نعمةً فانتزعها منهُ وعَوّضهُ صَبراً إلّا كانَ ما عَوّضه أفضلَ مما انتزَعَهُ منهُ).
قال الشاعر: [من البحر البسيط]
لَا تَحْسَبِ المَجْدَ تَمْراً أَنْتَ آكِلُهُ .. لَنْ تَبْلُغَ المَجْدَ حَتّى تَلْعَقَ الصَّبِرَا
وقيل: (الصَّبْرُ: ثَبَاتُ بَاعِثِ العَقْلِ والدّين فِي مُقَابَلَةِ بَاعِثِ الهَوَى والشَّهْوَةِ).
اقوال عن الصبر
عمر بن الخطاب: وجدنا خير عيشنا بالصبر.
علي بن أبي طالب: إن الصبر من الإيمان بمنزلة الرأس من الجسد، فإذا قطع الرأس بار الجسم، ثم رفع صوته فقال: ألا إنه لا إيمان لمن لا صبر له، وقال الصبر مطية لا تكبو.
الحسن البصري: الصبر كنز من كنوز الخير لا يعطيه الله إلا لعبد كريم عنده.
عمر بن عبد العزيز: ما أنعم الله على عبد نعمة فانتزعها منه فعاضه مكانها الصبر، إلا كان ما عوضه خيراً مما انتزعه.
عبد الله بن مسعود: الإيمان نصفان: نصف صبر ونصف شكر.
ابن القيم الجوزية: من لم يصبر صبر الكرام سلا سلو البهائم.
علي بن أبي طالب: الصبر صبران: صبر على ما تكره وصبر على ما تحب.
مثل عربي: الصبر مفتاح الفرج.
إبن سيناء: الوهم نصف الداء، والاطمئنان نصف الدواء، والصبر أول خطوات الشفاء.
إبن القيم الجوزية: الصبر الجميل لا شكوى فيه، والصفح الجميل لا أذى فيه، والهجر الجميل لا عتاب فيه.
أنيس منصور: المثابرة تغلب الذكاء، والصبر يغلب الحظ، والعبرة دائمًا بالنتيجة.
مصطفى محمود: لن تذهب الدموع سدى ولن يمضي الصبر بلا ثمرة، ولن يكون الخير بلا مقابل ولن يمر الشر بلا رادع ولن تفلت الجريمة بلا قصاص.
أنيس منصور: الذي لا يعرف الصبر، لا يعرف الحب.
محمد الغزالي: إذا وجدت الصبر يساوي البلادة في بعض الناس، فلا تخلطن بين تبلد الطباع المريضة وبين تسليم الأقوياء لما نزل بهم.
مصطفى صادق الرافعي: إن الفكر في تخفيف العبء الذي تحمله يجعله أثقل عليك مما هو، إذ يضيف إليه الهم، والهم أثقل ما حملت نفس؛ فما دمت في العمل فلا تتوهمن الراحة، فإن هذا يوهن القوة، ويخذل النشاط، ويجلب السأم؛ وإنما روح العمل الصبر، وإنما روح الصبر العزم.
أبو حامد الغزالي: روي أن عبد القاهر بن عبد العزيز قال للشافعي يوماً: أيما أفضل الصبر أو المحنة أو التمكين؟ فقال الشافعي رحمه الله: التمكين درجة الأنبياء، ولا يكون التمكين إلا بعد المحنة، فإذا امتحن صبر وإذا صبر مكن؛ ألا ترى أن الله عز وجل امتحن إبراهيم عليه السلام ثم مكنه، وامتحن موسي عليه السلام ثم مكنه، وامتحن أيوب عليه السلام ثم مكنه، وامتحن سليمان عليه السلام ثم مكنه وآتاه ملكاً، والتمكين أفضل الدرجات، قال الله عز وجل (وَكَذَلِكَ مَكَّنِّا لِيُوسُفَ فِي الأَرْضِ) وأيوب عليه السلام بعد المحنة العظيمة مكن، قال الله تعالي (وَآتَيْنَاهُ أَهْلَهُ وَمِثْلَهُم مَّعَهُمْ).