أثارت قضية الداعية ” فيحان الغامدي ” الذي اتهم فيها بقتل ابنته وتعذيبها ، ضجة كبيرة وأصبح حديث الساعة في جميع وسائل الإعلام ومواقع التواصل الاجتماعي ، دعونا نتعرف على تفاصيل القصة والحكم القضائي الذي صدر بحق فيحان الغامدي ولكن سنتعرف قبلها على قصة حياته والدوافع التي جعلته يجرم بحق ابنته .
قصة حياة فيحان الغامدي منذ نشأته :
لم يعش فيحان الغامدي طفولة طبيعية ، فقد عاش طفولة مأساوية غير مستقرة وذلك بسبب طلاق والديه ودخول ولده إلى السجن وزواج أمه بآخر وابتعاد أخوه الصغير عنه حيث تكفلت بتربيته إحدى الأسر من أقربائه وعاش هو مع جدته لأبيه ، ولم تكن حياته مع جدته أفضل من حياته السابقة فقد ذاق القسوة بألوانها من ضرب وكوي بالنار وإهانة ثم حاول أن يذهب إلى بيوت أخرى لأقاربه معتقدا أنه سينجو من المعاملة السيئة إلا أن اعتقاداته باءت بالفشل فجميع الأبواب أقفلت فــــي وجهه .
وعندما بلغ سن التاسعة لم يكمل دراسته وقرر أن يبحث عن والدته وعندما وجدها لم يتقبله زوج والدته فما وجد نفسه إلا ويسكن في إحدى دور الأيتام في جدة إلى أن بلغ الثالثة عشر ، وحينها بدأت رحلة أخرى من الضياع حيث تعاطى المخدرات وأدمن عليها وظل يتنقل من مكان إلى آخر ودخل مستشفى الأمل مرات عديدة بغرض التشافي ولكن دون فائدة ، إلى أن وجد أخاه الصغير وفرح به كثيرا حيث وجده شابا ملتزما بتعاليم دينه وكان واضحا عليه حسن المعاملة والتربية من قبل مربيه إلا أن الأقدار حالت بينه وبين أخيه إثر وفاته في حادث سير .
بدأت حياة الغامدي تنقلب رأسا على عقب بعد وفاة أخيه ، ففكر بالتوبة حيث كان يستمع لأنشودة دينية أدت إلى بكائه كثيرا في إحدى ليالي العشر الأخيرة من رمضان ، فقرر الاعتكاف بالمسجد وكان هناك العديد من الداعة الذين كانوا يعرفون قصة حياته منذ أن بدأ بتعاطي المخدرات إلى أن تعالج منها ، فقرروا أن يساعدوه ووفروا له وظيفة في وزارة التربية والتعليم وساعدوه ليتزوج حتى أصبح داعية ومعالج نفسي من الإدمان ، وقد نشر قصته لتكون عبرة للشباب ، إلا أنه لم يكن داعية إسلامي رسمي في الهيئة .
قتل الطفلة :
كان الغامدي متزوجا وأنجب بنتا تدعى ” لمى ” ، ولكن لم يستمر زواجه فحدث الطلاق بينه وبين زوجته ، ثم انتقلت حضانة ابنته ” لمى ” إليه ، فعاشت مع والدها وزوجته الثانية ، ويبدو أن الغامدي متأثرا للحياة التي كان يعيشها في طفولته وطبق معاناته في الطفولة على ابنته ، حيث كانت تعاني من القسوة في المعاملة من قبل أبيها وزوجته على الرغم من صغر سنها وذلك بحسب ما ورد في وسائل الإعلام المختلفة .
وفي يوم من الأيام تعرضت الطفلة للضرب الشديد ففقدت وعيها وأدخلت على إثرها في العناية المركزة بمستشفى الشميسي حيث حدث لها نزيف في الرأس وكسر في الجمجمة وكسر في يدها اليسرى وكدمات متفرقة في جسدها ، كما تبين أنها قد تعرضت إلى الحروق بالكي ، إلى أن توفيت وهي في عمر الخامسة من آثار التعذيب الذي تعرضت له ، وقد أكدت مدينة الملك سعود الطبية من أن سبب الوفاة لم يكن عن طريق الخطأ الطبي أو إهمال المعالجة ولكن الطفلة توفيت من شدة الإصابة التي لم تتحملها لصغر سنها .
القضية :
قامت والدة الطفلة لمى بتقديم شكوى لدى الجمعية الوطنية لحقوق الإنسان في الرياض وبناءً عليه فقد قامت الجمعية بعمل اللازم لمعرفة أسباب الوفاة وآثار التعذيب ، كما قامت الوالدة برفع قضية ضد الغامدي وزوجته فتم حبسه على ذمة التحقيق بتهمة تعذيب واغتصاب ابنته حتى الموت .
وخلال التحقيق اعترف والد الطفلة فيحان الغامدي بكامل تفاصيل اعتدائه على ابنته ، إلا أن والدة الطفلة قررت أن تتنازل عن القضية مقابل الحصول على الدية الشرعية كاملة نتيجة لظروفها المادية وحاجتها إلى النقود وخاصة أنها أرادت أن تذهب إلى بلادها للقاء أهلها وذويها في مصر ، إلا ان هيئة حقوق الإنسان لم تتنازل عن القضية ورفعت الجلسة الأخيرة المقرر النطق بالحكم فيها إلى الاستئناف بطلب من مفوض الهيئة ، فصدر قرارا من قبل رئيس المحكمة ” خالد الرشود ” بتأجيل القضية إلى تاريخ 22 جمادي الأولى ، وتأجلت الجلسة لمرة أخرى .
الاستئناف :
أعلن محامي المتهم فيحان الغامدي في تغريدة له عبر موقع التواصل تويتر ، من أن محكمة الاستئناف أيدت حكم البراءة من التهمة الموجهة للغامدي في قتل ابنته واعتدائه عليها وضربها ، وأنه سيقوم بمقاضاة وسائل الإعلام التي تناولت الخبر عقب صدور الحكم النهائي ، وقد أوضح بأن وفاة الطفلة كان بسبب الإهمال الطبي وسيطالب بالتحقيق في الأمر وأشار إلى أن زوجة الغامدي السابقة وأم الطفلة قد تاجرت بالقضية .
إصدار الحكم وحيثياته :
أصدر القضاء الحكم النهائي في قضية الطفلة لمى ، حيث تمت تبرئة فيحان الغامدي من تهمة اغتصاب طفلته بعد إثبات ذلك بتقرير الأدلة الجنائية ، كما تمت تبرئته من قتل الطفلة بالخطأ وحوكم بتهمة الإسراف في التأديب مما أدى إلى الوفاة واندرجت القضية تحت العنف الأسري لتخفض العقوبة بما يتناسب مع الفعل الذي اتهم به . وتم إطلاق سراح الغامدي بكفالة وإحالة القضية إلى محكمة حوطة بني تميم لإعادة النظر في الحق الخاص .
وعليه ، فقد حكم على فيحان الغامدي بالسجن ثلاث سنوات والجلد 400 جلدة ، وذلك لأن التهمة الرئيسية التي وجهت إليه كانت بتهمة الاعتداء على الطفلة وضربها ضربا مفرطا ، ولم يكن هناك أي تهمة موجهة للغامدي تتعلق بالاعتداء الجنسي أو القتل ، وذلك بحسب تصريحات المتحدث الرسمي باسم وزارة العدل ” منصور الفقاري ” ، كما صرح الفقاري بأنه تم الحكم على زوجة الغامدي الثانية بتهمة السكوت بعد أن ثبت بأنها لم تشارك في ضرب الطفلة غلا أنها آثرت بالسكوت ولم تبلغ الجهات المختصة لحماية الطفلة ، وعليه فقد حكم عليها بالسجن 10 أشهر والجلد 150 جلدة .
ومن جانب آخر أعلن محامي الغامدي أنه قام برفع قضايا على وسائل الإعلام للتشهير بموكله وجاري العمل بها .