تزخر المملكة بالكثير من الشخصيات المرموقة والتي كافحت طوال حياتها من أجل المملكة ونفع المواطنين، فكانت شخصيات عظيمة استطاعت أن تحفر تاريخها بنفسها، حتى بدت علامة واضحة ومحطة مهمة من محطات تاريخ المملكة، وبات اسمها يذكر مع تاريخ المملكة، ومن بين هذه الشخصيات العظيمة هو الكاتب والأديب الراحل ” عبد الكريم الجهيمان” ابن من أبناء بلدة غسلة القرائن استطاع أن يصل إلى مكانة عظيمة في تاريخ المملكة بفضل إصراره وكفاحه في العمل حتى صار صحفيا وأديبا وباحثا وشاعرا وناقدا ، وهو أول من نادى بتعليم المرأة في المملكة، فهو الأب العظيم لكل السعوديين، وقد خلدت ذكراه اليوم بتفاصيل ذكرتها ابنته الدكتورة ليلي الجهيمان.
الأديب الراحل عبد الكريم الجهيمان في سطور
ولد الكاتب والأديب الراحل عبد الكريم بن عبد العزيز الجهيمان في عام 1912م وقد توفي في عام 2011 ، بعد أن قدم مسيرة من الإنجازات التي خلدها التاريخ، فقد ولد في بلدة غسلة القرائم ثم انتقل إلى الرياض ودرس لدى مشايخ المساجد لمدة عام ثم انتقل إلى مكة والتحق بسلاح الهجانة لمدة عام، ثم انتقل للدراسة في المعهد العلمي السعودي بطلب من جلالة الملك عبد العزيز رحمه الله وبعدها تخرج من المعهد وانتدب لإنشاء المدرسة النموذجية الأولى في مدينة السيح بمنطقة الخرج، ثم انتقل إلى الرياض بطلب من الملك سعود رحمه الله لتدريس أبنائه لمدة عام واحد ثم انتقل للظهران وأنشأ جريدة أخبار الظهران، وقد تم اعتقاله عدة مرات، كما سافر إلى العديد من مدن العالم والتي قد ألف فيها العديد من المؤلفات.
ليلي الجهيمان تروي تفاصيل عن والدها
بدأت الدكتورة ليلى الجهيمان التحدث عن والدها بعبارة “عندما يكون الأب عظيماً كـ(عبد الكريم الجهيمان) تكون للإعجاب أبعاد لا متناهية” والتي روت تفاصيل لم تكن معروفة أبدا من جوانب حياته فقد ذكرت مدى إصراره للوصول إلى ما وصل إليه من علم على الرغم من أن الفكر السائد في ذلك الوقت هو لقمة العيش فقط فقد قالت ” إن كان أكبر طموح من عاش في ثلاثينات القرن الثالث عشر الهجري يكمن في توفير “لقمة العيش”، فما الذي يجعل طفلاً قروياً من أسرة بسيطة في قرية القرائن أن يذهب إلى الرياض لطلب العلم ثم إلى مكة بعد ذلك؟. السر يكمن في روح الطموح العالية التي سمت دائماً نحو المعالي”
وقد أوضحت أنها قد تعلمت منه الكثير من الإصرار على طلب العلم والمعرفة والذي يتطلب الصبر والبحث مما جعلها شغوفة بالعلم حيث تدين له الفضل لما وصلت إليه حاليا “تعلمت منه الصبر الدؤوب والبحث عن المعلومة الدقيقة في بطون الكتب، أحببت التعليم والتحقت به لأنه من أفضل مجالات بناء الأجيال والأوطان وله أدين بكل إنجازاتي البحثية”.
أمنية الأديب الجهيمان أوضحت ليلي الجميهان عن أمنية والدها هذا الرجل الذي جمع تراث الأجداد، فعلى الرغم من ذلك إلا أنه لم يؤثر على تربيته وأفكاره ونظرياته تجاه أولاده فكان أمنيته ورغبته هو أن يرى أجد أبنائه طبيبا، فقد قالت ابنته عن ذلك “كان يتمنى أن يكون أحد أبنائه طبيباً ولكنه لم يفرض علينا وجهة نظره بل احترم اختياراتنا. كان رغم جرأته في قول الحق يؤمن بالنقاش والحوار البناء مع أبنائه ومع الجميع، علمنا الصدق مع أنفسنا أولاً ومع الناس ثانياً، كما علمنا احترام الآخر. كان أبا كالصديق. نأنس بالحديث معه وكانت روحه المرحة وتعليقاته الأدبية من أمثال وأشعار تضيف لنا دائماً زاداً من المعرفة”
وعن تنظيم حياته فقد اختار لنفسه أن يكون منظما في كل شئ سواء في الحياة اليومية أو العملية فقد كان دقيقا جدا فقالت عنه “الفطور في الثامنة صباحا والغداء في الساعة الثانية ظهراً، وتناول القهوة العربية والتمر بعد المغرب والعشاء الخفيف الساعة السابعة مساءً. أما الفترة التي يكون فيها أبناؤه حوله، فغالباً ما تكون بعد المغرب وتكون مخصصة للحديث معهم في شتى المجالات”
القراءة غذاء الروح عند الأديب الراحل الجهيمان
لم تكن القراءة عند الأديب الجيهمان مجرد أمرا ثانويا بل استطاع أن يقرأ عدد كبير جدا من الكتب على الرغم من كبر سنه وعدم قدرته على القراءة بمفرده إلا أنه استعان بأولاده ليعاونوه على القراءة والتي قد روت تفاصيل القراءة عند الجيمهان ابنته ليلى فقالت “كان يقرأ كثيرا من الكتب في كل المجالات وعندما تجاوز التسعين أصبحت القراءة تتعبه فكنت أقرأ له غالبا وعند انشغالي تقرأ له أختي سارة أو أحد إخواني”.
ليلى التي كانت تقرأ له العناوين العريضة في الصحف اليومية، أكدت أن ما كان يعجبه من عناوين يتوقف عندها ويطلب منها أن تقرأ الخبر بالتفصيل ثم يناقشها أثناء القراءة”.
“كنا نقرأ بضع صفحات في النهار ومثلها في المساء وهذه الكتب التي قرأتها له في الخمسة عشر عاماً الأخيرة من حياته”.
ومن الكتب التي قرأها، “الكامل في التاريخ لابن كثير، تسع مجلدات، وجامع الأصول لأحاديث الرسول لابن الأثير (12 مجلدا)، والسيرة النبوية لابن هشام، وتفسير القرآن لابن أثير، وكتاب الأغاني لأبي فرج الأصفهاني، والقرآن كل يوم، والراديو في حياة الجهيمان”
ومن أكثر ما يقوم به عندما يكون بمفرده هو الاستماع إلى المذياع لمعرفة الأخبار فقالت عنه “لم يكن يتابع التلفاز ولكن عند متابعتنا له كنا نشاركه في متابعه أهم الأخبار، وكم أحزنه كثيرا الغزو الأميركي للعراق وكان يردد فتن كقطع الليل”.
تعليم المرأة عند الجهيمان
كان تعليم المرأة في السعودية من أهم القضايا التي شغل بها الأديب عبد الكريم الجهيمان، فكان قد انتقل إلى الظهران وأنشأ جريدة ” أخبار الظهران” التي تعتبر أول صحيفة تصدر من شرق الجزيرة العربية والتي صب قضية تعلم المرأة كموضوع أساسي بها من خلال كتابة الكثير من المقالات التي عنيت بتعليم المرأة والتي كانت تعتبر جريئة في ذلك الوقت خاصة مع عدم وجود مدارس خاصة بتعليم الفتيات وقد عرض جريدته للإيقاف وقد تم اعتقاله مرات عدة بسبب ذلك.
وقد قالت ابنته ليلى عن ذلك “لم يكن يتابع التلفاز ولكن عند متابعتنا له كنا نشاركه في متابعه أهم الأخبار، وكم أحزنه كثيرا الغزو الأميركي للعراق وكان يردد فتن كقطع الليل”.
أهم أعمال الأديب الجهيمان
موسوعة الأساطير الشعبية في شبه الجزيرة العربية : خمسة أجزاء.
موسوعة الأمثال الشعبية : عشرة أجزاء.
أين الطريق
دورة مع الشمس
ديوان خفقات قلب
ذكريات باريس
رسائل لها تأريخ
كتاب دخان ولهب وهو عبارة عن مجموعة مقالات أصدرها في عدة صحف سعودية منها جريدة الظهران