شعر النقائض

هو أحد فنون الأدب والذي بدأ ظهوره في العصر الجاهلي، ثم تطور وأصبح من أبرز الفنون القائمة بذاتها في العصر الأموي ، وأشهر شعراء النقائض في العصر الأموي هم جريروالفرزدق والأخطل ، وبرزت نقائض جرير والفرزدق وحققت شهرة كبيرة في هذا العصر ، كما لم تزل تتمتع بشهرة وعمق كبيرين في تاريخ الأدب العربي على مر العصور الأدبية .

تعريف النقائض

كانت النقائض عند ظهورها عبارة عن لون جديد من ألوان الأدب العربي والتي ظهرت على شكل مناظرات أدبية ، كما كان لهذا اللون فضل كبير في تسجيل تاريخ العرب وصفاتهم وأنسابهم وعاداتهم وتقاليدهم ، وجميع حكاياتهم ، وكان لهذا اللون الأدبي فضل كبير في الإثراء اللفظي للغة العربية في العصر الأموي وامتد تأثيره لباقي العصور .

النقائض في اللغة

هي كلمة جمع مفردها نقيضة ، وتحمل الكثير من المعاني ، ولكن معناها في هذا المجال هو التناقض في القول ، أي التحدث بخلاف المعنى .

النقائض اصطلاحاً

هو عبارة عن هجاء شاعر لشاعر أخر عن طريق الافتخار بنفسه وبقومه ببحر معين وقافية معينة ، فيرد عليه شاعر أخر بنفس البحر والقافية بقصيدة معاكسة يلغي فيها فخر الشاعر الأخر ويفتخر بنفسه ونسبه ، ومن أمثلة ذلك هجاء الأخطل لبني كليب قبيلة جرير ، وكان مفتخراً في تلك القصيدة بقبيلة بني دارم قبيلة الفرزدق ، وذلك في القصيدة التي مدح فيها عبد الملك بن مروان قائلاً :

أما كليب بن يربوع فليس لهم  عند التفارط إيراد ولا صدر

مخلّفون ويقضي الناس أمرهم وهم بغيب وفي عمياء ما نظروا

فيرد جرير عليه بالأبيات التالية :

أرجو لتغلب إن غبّت أمورهم  ألا يبارك في الأمر الذي إئتمروا خابت بنو تغلبٍ إذ خلّ فارطهم حوض المكارم إنّ المجد مبتدرُ

فجاءت كلتا القصيدتين لتتحدث عن موضوع واحد هو الهجاء كما تم نظم الأبيات في بحر البسيط ، وتشابهت قافيتا القصيدتين ، كما نظمت الأبيات بمعاني الضعة والهوان .

من هنا يمكننا القول بأن شعر النقائض هو قصائد الهجاء الذي تبادلها الشاعرين الأمويين جرير والفرزدق ، حيث يمدح أحدهم ويفتخر بنفسه ، ثم يهجوو يذم الأخر بقصيدة فيرد الأخر بقصيدة مقابلة على نفس الوزن والقافية فيفتخر بنفسه ويهجو ويذم الأخر بالمقابل .

من الأقوال المأثورة عن جرير والفرزدق

جرير يغرف من بحر والفرزدق ينحت في الصخر .

الفرزدق : هو همام بن غالب بن صعصعة الدارمي التميمي وكانت كنيته أبو فراس وقد سمي الفرزدق لضخامة وتجهم وجهه ومعناها الرغيف وقد قيل لولا شعر الفرزدق لذهب ثلث العربية .

جرير : هو أبو حرزة بن عطية بن حذيفة الخطفي بن بدر الكلبي اليربوعي التميمي وقد قيل عنه أنه هجا وهزم ثمانين شاعرًا في عصره والوحيدان اللذان ثبتا أمامه هما الفرزدق والأخطل فقط .

والأمر الذي يثير إعجاب الكثير من الناس أن جرير والفرزدق على الرغم من قصائد الهجاء والنقائض إلا أنهما كانا صديقين مقربين ، وكثيراً ما تم مشاهدتهم معاً في الأسواق ، كما أنه عند وفاة الفرزدق رثاه جرير بقصيدة مدح ذكر فيه صفاته وفضائله .

أبيات من شعر النقائض بين جرير والفرزدق

الفرزدق يرد على جرير

إن الذى سمك السماء بنى لنا  بيتا دعائمه اعزوأطول

بيتا بناه لنا المليك وما بنى حكم السماء فإنه لا ينقل

بيتا زراه محتب بفنائه  ومجاشع وأبو الفوارس نهشل

لا يحتبى بفناء بيتك مثلهم  ابدا إذا عد الفعال الافضل

ضربت عليك العنكبوت بنسجها  وقضى عليك به الكتاب المنزل

وإذا بذخت فرايتى يمشى بها  سفيان أو عدس الفعال وجندل

الأكثرون إذا يعد حصاهم  والأكرمون إذا يعد الأول

إن الزحام لغيركم فتحينوا  ورد العشى إليه يخلو المنهل

حلل الملوك لباسنا فى أهلنا  والسابغات إلى الوغى نتسربل

أحلامنا تزن الجبال رزانه  وتخالنا جناُ إذا ما نجهل

فادفع بكفك إن أردت بناءنا  ثهلان ذا الهضبات هل يتحلل؟

وأنا ابن حنظله الأغر وإننى فى اّل ضبه للمعم المخول

فرعان قد بلغ السماء ذراهما  وإليهما من كل خوف يعقل

ياابن المراغه اين خالك إننى  خالى حبيش ذو الفعال الافضل

خالى الذى غصب الملوك نفوسهم  وإليه كان حباء جفنه ينقل

إنا لنضرب رأس كل قبيله  وأبوك خلف أتانه يتقمل

وشغلت عن حرب الكرام وما بنوا  إن اللئيم عن الكرام يشغل

جبلى اعز إذا الحروب تكشفت  مما بنى لك والدك وأفضل

جرير يرد على الفرزدق أعددت للشعراء سما ناقعا  فسقيت اّخرهم بكأس الأول

لما وضعت على الفرزدق ميسمى وضغا البغيث جدعت أنف الأخطل

أخزى الذى سمك السماء مجاشعا وبنى بناءك فى الحضيض الأسفل

ولقد بنيت أخس بيت يبتنى  فهدمت بيتكم بمثلى يذبل

إنى انصببت من السماء عليكم  حتى اختطفتك يافرزدق من عل

إنى إلى جبل تميم معقلى  ومحل بيتى فى اليفاع الأطول

أحلامنا تزن الجبال رزانه  ويفوق جاهلنا فعال الأطول

كان الفرزدق إذا يعوز بخاله  مثل الذليل يعوز تحت القرمل

فافخر بضبه إن أمك منهمليس ابن ضبه بالمعم المخول

إن الذى سمك السماء بنى لنا  بيتا علاك فم

قُتل الزبير وانت عاقد حبوةٍ تباً لحبوتك التي لم تحللِ

وافاك غدرك بالزبير على منى  ومجرُ جعثنكم بذات الحرمل

بات الفرزدق يستجير لنفسه وعجان جعثن كالطريق المعمل

لا تذكروا حُلل الملوك فانكم بعد الزبيركحائضٍ لم تغسلِ

كان الفرزدق اذ يعوذ بخالهِ مثل الذليل يعوذ تحت القرملِ

افخر بضبةَ ان امك منهم ليس بن ضبةَ بالمعم المخولِ

ابلغ بني وقبان ان حلومهم خفت فلا يزنون حبةخردل

كما من نقائض الشاعرين قول هجاء الفرزدق الفاحش لجرير

يا ابن الحِمَارَةِ للحِمَارِ، وَإنّمَـا  تَلِد الحِمَارَةُ وَالحِمَـارُ حِمَـارَا

وَلَوْ أنّ ألأمَ مَنْ مَشَى يُكْسَى غداً  ثَوْباً لرُحْتَ وَقَـدْ كُسِيـتَ إزَارَا

كَلَمَتْ مُرُوءتُكَ الّتي تُعْنى بهَـا، لَوْ جَادَ سَرْجُكَ وَاسْتَجَدّ عِـذارَا

الفرزدق يهجو الأخطل

إن القصائد يا اخطل فاعترف

وصلت اليك فجرة الارسانٍ

وعلقت فــــــي الثلاثة رابعاً

مثل البكار درقن في الاقران