من بين الشخصيات التي ذاع صيتها في حرب البسوس ، رجل عرف بالفهم و الحلم و الحكمة و الشجاعة ، كان شاعرا و كان تصرفاته كلها تنم عن حكمة شديدة ، ذلك الرجل الذي اشتهر عن لسانه جمله قيلت في هذه الحرب ، حيث قال لا ناقة لنا فيها و لا جمل ، ذلك الرجل هو الحارث بن عباد.
الحارث بن عباد
– اسمه هو الحارث بن عباد بن ضبيعه بن قيس ابن ثعلبة ، و قد كان شاعر جاهلي و فارس جاهلي شهير ، كان من فحول الشعراء من الطبقة الثانية ، و قد كان هذا الرجل ايضا هو امير بني يشكر ، توفى في عام 72 قبل الهجرة ، الموافق عام 550 ميلادية ، و قد كان احد سادات العرب و اهم حكمائها ، و كان له دور كبير عند اندلاع حرب البسوس ، بين بكر و تغلب ، و كان من اشهر المواقف التي ذاع صيتها عنه ، ذلك الموقف الذي جمعه مع امرؤ القيس و المهلهل و الذي نصح فيه المهلهل بعدم قتل بجير.
– كان له العديد من الكتابات و الاشعار الادبية ، و كان من بينها تلك المعلقة التي تم التعرف عليها ، و التي تم فيها اعلان الحرب بكافة المواصفات القديمة ، و كذلك العديد من الكتابات الاخرى ، و قد عرف عن هذا الرجل ان كلامه قليل ، و حينما ينطق يقول بالحكم ، فكان من بين كلماته عش رجبا ترى عجبا.
قصة قصيدة قرّبا مربط النعامة مني
بالنسبة لقصيد قرّبا مربط النعامة مني فقد كتبها في موقف قتل بجير ، و في هذا الموقف انتفض قائما و قال هذه القصيدة ، و قد قام بتكرار جملة قرّبا مربط النعامة مني فيها حوالي 50 مرة ، و قد كانت هذه القصيدة بمثابة اعلان للحرب.
قصيدة مربط النعام
قل لأم الاغر تبكي بجيراً
حيل بين الرجال والاموالِ
ولعمري لا بكين بجيراً
ماأتى الما من رؤوس الجبالِ
لهف نفسي على بجير إذا ما
جالت الخيل يوم حرب عضالِ
وتساقى الكماة سماً نقيعاً
وبدا البيض من قباب الحجالِ
وسعت كل حرة الوجه تدعو
يالبكر غراء كالتمثالِ
يابجير الخيرات لا صلح حتى
نملأ البيد من رؤوس الرجالِ
وتقر العيون بعد بكاها
حين تسقي الدماء صدور العوالي
أصبحت وائل تعج من الحرب
عجيج الحجال بالاثقالِ
لم اكن جناتها علم الله
وإني بحرّها اليوم صالِ
قد تجنبت وائلا كي يفيقوا
فأبت تغلب عليّ اعتزالي
وأشابوا ذؤابتي ببجير
قتلوه ظلاً بغير قتالِ
قتلوه بشسع نعل كليب
أن قتل الكريم بالشسع غال
قربا مربط النعامة مني
لقحت حرب وائل عن حيال
قرّبا مربط النعامة مني
ليس قولي يراد لكن مغالي
قرّبا مربط النعامة مني
جدّ نوح النساء بالاعوال
قرّبا مربط النعامة مني
شاب راسي وأنكرتني الغوالي
قرّبا مربط النعامة مني
للسرى والغدو والآصالِ
قرّبا مربط النعامة مني
طال ليلي على الليالي الطوال
قرّبا مربط النعامة مني
لا عتناق الأبطال بالأبطالِ
قرّبا مربط النعامة مني
واعدلا عن مقالة الجهالِ
قرّبا مربط النعامة مني
ليس قلبي عن القتال بسالِ
قرّبا مربط النعامة مني
كلما هب ريح ذيل الشمال
قرّبا مربط النعامة مني
لبجير مفكك الاغلالِ
قرّبا مربط النعامة مني
لكريم متوج بالجمالِ
قرّبا مربط النعامة مني
لا نبيع الرجال بيع النعالِ
قرّبا مربط النعامة مني
لبجير فداه عمي وخالي
قرّباها لحي تغلب شوساً
لاعتناق الكماة يوم القتال
قرّباها بمرهفات حداد
لقراع الابطال يوم النزالِ
رب جيش لقيته يمطر الموت
على هيكل خفيف الجلالِ
سائلوا كندة الكراموبكراً
واسألوا مذحجاً وحي هلالِ
اذا اتونا بعسكر ذي زهاء
مكفهر الأذى شديد المصالِ
فقريناه حين رام قرانا
كل ماض الذباب عضب الصقالِ
قصيدة هل فرت الهداة من أطلال
هَل عَرَفتَ الغَداةَ مِن أَطلالِ رَهنِ ريحٍ وَديمَةٍ مِهطالِ
يَستَبينُ الحَليمُ فيها رُسوماً دارِساتٍ كَصَنعَةِ العُمّالِ
قَد رَآها وَأَهلُها أَهلُ صِدقٍ لا يُريدونَ نِيَّةَ الإِرتِحالِ
يا لَقَومي لِلَوعَةِ البَلبالِ وَلِقَتلِ الكُماةِ وَالأَبطالِ
وَلِعَينٍ تَبادَرَ الدَمعُ مِنها لِكُلَيبٍ إِذ فاقَها بِاِنهِمالِ
لِكُلَيبٍ إِذ الرِياحُ عَلَيهِ ناسِفاتُ التُرابِ بِالأَذيالِ
إِنَّني زائِرٌ جُموعاً لِبَكرٍ بَيهَهُم حارِثٌ يُريدُ نِضالي
قَد شَفَيتُ الغَليلَ مِن آلِ بَكرٍ آلِ شَيبانَ بَينَ عَمٍّ وَخالِ
كَيفَ صَبري وَقَد قَتَلتُم كُلَيباً وَشَقيتُم بِقَتلِهِ في الخَوالي
فَلَعَمري لَأَقتُلَن بِكُلَيبٍ كُلَّ قَيلٍ يُسمى مِنَ الأَقيالِ
وَلَعَمري لَقَد وَطِئتُ بَني بَك رٍ بِما قَد جَنَوهُ وَطءَ النِعالِ
لَم أَدَع غَيرَ أَكلُبٍ وَنِساءٍ وَإِماءٍ حَواطِبٍ وَعِيالِ
فَاِشرَبوا ما وَرَدتُّمُ الآنَ مِنّا وَاِصدِروا خاسِرينَ عَن شَرِّ حالِ
زَعَمَ القَومُ أَنَّنا جارُ سوءٍ كَذَبَ القَومُ عِندَنا في المَقالِ
لَم يَرَ الناسُ مِثلَنا يَومَ سِرنا نَسلُبُ المُلكَ بِالرِماحِ الطِوالِ
يَومَ سِرنا إِلى قَبائِلَ عَوفٍ بِجُموعٍ زُهاؤوها كَالجِبالِ
بَينَهُم مالِكٌ وَعَمرٌو وَعَوفٌ وَعُقَيلٌ وَصالِحُ بنُ هِلالِ
لَم يَقُم سَيفُ حارِثٍ بِقِتالٍ أَسلَمَ الوالِداتِ في الأَثقالِ
صَدَقَ الجارُ إِنَّنا قَد قَتَلنا بِقِبالِ النِعالِ رَهطَ الرِجالِ
لا تَمَلَّ القِتالَ يا اِبنَ عَبادٍ صَبِّرِ النَفسَ إِنَّني غَيرُ سالِ
يا خَليلَيَّ قَرِّبا اليَومَ مِنّي كُلَّ وَردٍ وَأَدهَمٍ صَهّالِ