عبد الغني بن إسماعيل بن عبد الغني النابلسي الدمشقي الحنفي، هو شاعر سوري شهير، ولد في 1050 هـ الموافق 1641 م، وتوفى 1143 هـ الموافق 1731 م، وكان شاعر وعالم دين وأديب ورحالة .
الشاعر السوري عبد الغني النابلسي
ولد الشاعر عبد الغني النابلسي ونشأ في دمشق، وقد توجه إلى الفكر الصوفي، وقام بالكثير من الرحلات عبر العالم الإسلامي، إلى إسطنبول ولبنان والقدس وفلسطين ومصر، والجزيرة العربية وطرابلس وغيرها، حتى استقر في دمشق وتوفي فيها، ومن أشهر مؤلفاته : مقتضى الشهادتين، نور الأفئدة في شرح المرشدة، إيضاح المقصود من وحدة الوجود، الحضرة الأنسية في الرحلة القدسية، تعطير الأنام في تعبير المنام، ديوان الدواوين ” مجموعة شعرية “، فضائل الشهور والأيام، وغيرهم .
قصائد الشاعر عبد الغني النابلسي
1- قصيدة لي في الإله عقيدة غراء
لي في الإله عقيدة غراء هي والذي هو في الوجود سواء
نور على نور فهذا عندنا أرض وعند الله ذاك سماء
يا قلب قلبي أنت جسم الجسم لي ومن الصفات تأتت الأسماء
قد جاء نوري منك عنك مبلغا بك لي فكان بأمرك الإصغاء
وتتابعت بشرى الهواتف بالذي يعنو له الإلهام والإيحاء
بي نشأتان طفقت أسرح فيهما لي هذه صبح وتلك مساء
أبدا أنا نور أضيء وظلمة وأنا تراب في الوجود وماء
وسمائي انشقت وشمسي كورت ونجومي انكدرت فزال ضياء
وقيامتي قامت وإني هكذا طبق الذي وردت به الأنباء
لي ساعد فيما أروم مساعد ويد أصابع كفها الجوزاء
وفم يحدث بالمثاني الغض لا زالت تجول بغيثه الأنواء
يا نحل قد أوحى إليك إلهنا ومن الجبال بيوتك الأفياء
فكلي من الثمرات طرا واسلكي سبل السعادة لا اعتراك شقاء
ومن البطون إلى الظهور شرابها للناس فيه لذة وشفاء
هذا الذي فيه منادمة المنى ووجود من قامت به الأشياء
والحق ليس لنا إليه إشارة نحن الإشارة منه والإيماء .
2- قصيدة صريح كلامي في الوجود وإيمائي
صريح كلامي في الوجود وإيمائي سواء وإعلاني هواه وإخفائي
هو البحر عنه لا يزول كلامنا فعن موجه طورا وطورا عن الماء
وكل كلام قد أتى متكلم به فهو منه عنه في رمز أسماء
صحت أمة من بعد ما سكرت به فكان بها نورا أضاء بظلماء
وقامت له في حضرة أقدسية هي الشمس عنها الكل أمثال أفياء
عليك نديمي بارتشاف كؤوسها ففي كأسها منها بقية صهباء
وما الكأس لا أنت والروح خمرها تحقق تجد في السكر أنواع سراء
وفي عالم الكرم الذي قد تعرشت عناقيده قف واغتنم فضل نعماء
وخذ منه عنقودا هو الجسم ثم دع كثائفه واحفظ لطائف لألاء
ولا تكسر الراووق إن الصفا به وحلل وركب في أصول وأبناء
إلى أن ترى وجه الزجاجة مشرقا وذات الحميا في غلائل بيضاء
فإن هناك الدن دندن فانيا وجاء الدواء الصرف يذهب بالداء
وأقبلت الحسناء بالراح تنجلي على يدها يا طيب راح وحسناء
سجدنا إليها أي فنينا بحبها وذلك لما أن أشارت بإيماء
وحاصلة أن الجميع ستائر على وجهها الباقي فعجل بإفناء .
3- قصيدة قد أحاط الوجود بالأشياء
قد أحاط الوجود بالأشياء وتبدي بها بغير خفاء
فهو فيها وما لها من وجود غيره فالحلول محض افتراء
وهي فيه أيضا إحاطة علم سابق في تقديره والقضاء
فافهموا يا عقول قول إمام حقق الأمر رغبة الاقتداء
واعرفوا قول في إذا هي قيلت ههنا في الإله رب السماء
كيف محض الودود بالعدم الصرف يكون امتزاجه في الثراء
إنما ذاك جاء في الذكر يتلى وهو حق في مذهب الأولياء .
4- كن غنيا في صورة الفقراء
كن غنيا في صورة الفقراء لا فقيرا في صورة الأغنياء
ومرادي بالفقر ما كان فقرا دنيويا للأخذ والإعطاء
لا مرادي بالفقر لله ربي ذاك فقر ما إن له من عناء
ذاك عز بدون ذل وعلم فاصطبر إنه لخير بلاء
وتمسك بربك الحق واقنع بالتجلي في سائر الأشياء
وانفض القلب من غبار الترجي والتمني لجاههم والعلاء
إنما جاههم توهم عز في هوان وشهرة في خفاء
وعلاهم محض استفال وخفض واحتقار عند البصير الرائي
وتحقق بما ترى يا أنا من كل شيء تحقق العلماء
إن هذا مع الذي أنت فيه هو سر الجميع عند الترائي
لا سواه وما السوى فيه إلا عن عمود تنوع الأفياء
منعتني حقيقتي عن سواها منع صاد رأى سرابا كماء
فتوقفت لا اكتراثا وعجزا إنما النور طارد الظلماء .