ولد يوهان كريستيان فريدريش هولدرلين ” Johann Christian Friedrich Hölderlin” في 20 مارس 1770م ، وتوفي في 1843م ، وهو من أشهر شعراء الأدب الألماني .

حياته وتربيته الدينية :
ولد فريدريش في مدينة صغيرة تسمى لاوفن ، والتي تقع على ضفاف نهر النيكار Lauffen am Neckar ، وتعلم في مدارس دينية ولاتينية مختلفة ، تلقى  فيها تعليما دينيا ، والتحق بمعهد مدينة توينغن الديني Tübinger Stift في عام 1788م ، ليدرس علم اللاهوت ليحقق رغبة والدته المتدنية ، كان المحيط العالم في هذا المعهد يسوده القواعد والعادات المتشددة والصارمة ، وكان هولدرلين يهرب من ذلك باللجوء إلى عالم الأدب .

تأثرت كتاباته الأدبية والفلسفية بالثورة الفرنسية ، والتي قام بتقديمها بمساعدة زملائه في نفس المعهد مثل فريديش هيجل Friedrich Hegel  ، ويوزيف فون شيلينغ Joseph von Schelling. .

أراد هولدرلين أن يكسب قوته كمدرس خاص بدلا من أن يعمل كواعظ ديني ، واشتغل في منزل المصرفي ياكوب غونتارد Jakob Gontard في عام 1796م ، في مدينة فرانكفورت ، ووقع في حب أم تلاميذه زوزيت غونتارد Susette Gontard  ، التي قام بتجسيدها لاحقا في شخصية ديوتيما Diotima وهي بطلة رواية هيبربون Hyperion ، وكان هولدرلين قد اضطر إلى مغادرة هذا المنزل بعد اكتشاف هذه العلاقة .

كان للأوضاع السياسية المضطربة تأثرا كبيرا على إنتاجه الأدبي ، حيث أثمر عن الجزء الأول من رواية هيبربون ما بين عامي 1797-1799م ، ومابين عامي 1798-1800م عمل على مسرحيته موت إمبيدوقلش Der Tod des Empedokles .

بعد سماعه لخبر وفاة زوزيت غونتارد أصيب بانهيار عصبي وأدخل أحد مستشفيات مدينة توبينغن ، وقام الأطباء بتشخيص حالته بأنها مرض عقلي ، ولقد عاش حتى وفاته في بيت نجار تكفل برعايته ، وتم تخصيص مكان له على نهر النيكار يسمى برج هولدرلين ، أو صومعة هولدرلين ، وتوفي هولدرلين في مدينة توبينغن في 7 مايو عام 1843م .

الوصول إلى المثل الأعلى :
قام هولدر لين بتمجيد المثل اللإنسانية الإغريقية في أشعاره الأولى التي أسماها “أناشيد توبينغن ” أو Tübinger Hymen ، ومنها الجمال خلال أنشودة إلى الجمال Hymne an die Schönheit ، الحب الصداقة والحرية ، وانعكست التغيرات السياسية التي شهدها في عصره على أعماله ، كما شكلا مدلولا الطبيعة والجمال جوهر معظم كتاباته الشعرية .

ظهرت العديد من  الأوزان الكلاسيكية في الكثير من الاناشيد الخاصة به ، والتي كانت مزيجا من التجارب الشخصية التي عاشها مع تغيرات التاريج التي مر بها ، وآمن هولدرلين بالمثل العليا أو المثال الأعلى Das Ideal) ، كباقي مثقفي عصره الذين تأثروا بالمذهب الكلاسيكي ، ووفقا لرأيه يتجلى المثل الأعلى في تحقيق التناغم بين الإله Gott ، الإنسان Mensch والطبيعة Natur  وذلك في أرض اليونان القديمة ، وتعتبر رواية “هيبريون ” التي لم تكتمل هي خير تجسيد لأفكاره ، ولكن لم تنل أعمال هذا الشاعر الكلاسيكي الاعتراف الكامل ولا التقدير الكافي إلا خلال القرن العشرين .

أهم أعمال فريدريش هولدرلين :
–  طبعة شتوتغارت الكبرى. الناشر: فردريش بايسنر. شتوتغارت1974 – 1946  وهي 8 أجزاء من الأعمال الكاملة .
– طبعة فرانكفورت. الناشر: ديتر زاتلر. فرانكفورت على الماين. دار النشر: شتروم فيرلاغ 2001-1975 (25 جزء). وهي من أعماله الكاملة .

مقتطفات من أهم أشعاره :
عندما كنتُ صبيّاً
عندما كنتُ صبيّـاً،
أنقذني إلـه غـالـباً
من صُـراخ النّـاسِ ومن عِـصِـيِّهم،
فلعبتُ جيداً وبأمـانٍ
مع أزهـار الحـديـقة،
ولعبتْ نُسَـيْماتُ السَّمـاء معـي.
وكمـا تُـدخِـلُ السّـُرورَ إلى قلب النبـتةِ

عنـدمـا تمُـدّ أذرُعَـها
اللطـافَ إلـيـكَ،
كذلك أسعـدتَ قَـلـبي
أيّـها الأب هِـليـوس !* ومثلَ إندِيـميـون ،**
كنتُ حبـيـبَـكَ أيّـُها القـمرُ القُـدسِـيّ ُ!

آه كلّـُكمْ مُـعتَـمَـدٌ عليـه
أيّـتُها الآلـهـة الـرَّحيـمةُ!
هـلْ تعـلمـون
كمْ روحي أحبَّـتْـُكـم!

حقـاً لمْ أكنْ أستدعيـكم من قبلُ
بأسمـائِـكم، وأنـتُـم كذلك
لم تُسمّـوني قطّ ُ، كما يُسمّي
النّاسُ بعضَهمْ إذا عرف أحدُهم الآخرَ.

لكنّـي عَـرفـتُـكمُ الآن أحسنَ
مما عرفتُ البشـرَ،
إنّي فهمتُ سُـكـونَ الأثيـر،
ولكنّي ما فهمتُ كلماتِ الناس قطّ.
رَعـرَعني الصوتُ الشَّجِـيّ
للروض الهامس
وتعلمتُ أنْ أ ُحِبَّ
تحت الزهـور .
في أذرع الآلـهة ترعرعتُ .
كبيـراً.

الوطن
يَـتَّجـه الملاّحُ مُبتـهجاً إلى وطنه على النهر الهادئ
من جُـزر نـائـيـة، حيث حصَـد منهـا ;
وأنا أيضاً أودّ العـودة إلى الوطن ;
ولكن هل جنَيْتُ من فوائدَ غيرَ المُعـانـاة ؟-
أنتِ أيتها الشـواطئُ الوديعـة التي أنشأتْـني،
هل تُسَـكِّـنينَ لـوعـةَ الحُـبِّ ؟
آه! أنتِ يا غاباتِ طفـولتي، هل تُعيدين إليَّ،
عنـدما آتي، الصّـفاءَ الذي كان ؟

إلى شعرائنا الكبار
سَمِـعتْ شواطئُ نهر
كانجه *بانتصـار إلـه المرح،
عندما تغلب على الجميع من أقاصي الهند
جاء الشاب باخوس **، مع النبـيـذ المقـدَّس
مُـوقِـظاً الناسَ من الرقاد.
أيّها الشّعـراءُ، أيقِـظوهم أيضاً من االنوم ،
إنّهم لا يزالون نيـاماً الآن، أعطـُوا القـوانـين،
أعطـونا الحـياةَ، أعلـنوا انتصـارَكم!
أنتم فقط، مثلُ باخـوس ، لكم حـقّ الإنتصار .

نصيحة جيدة
عندك عقل وقلب، أظهِـرْ واحداً فقط منهما،
فإذا أظهَرتَ كليْـهما في آنٍ واحـد،
لَعَـنـكَ كلُّ منهما.
ولاء شيطاني

من أعماق قلبي
أمقتُ ارتباطَ الطغاة ورجال الدين،
ولكنْ أكثرَ العبقريَّ الذي يجعل من نفسه
سافلاً بارتباطه بهم.