قال الله تعالى في سورة المائدة في الآية الثانية والأربعون (سَمَّاعُونَ لِلْكَذِبِ أَكَّالُونَ لِلسُّحْتِ ۚ فَإِن جَاءُوكَ فَاحْكُم بَيْنَهُمْ أَوْ أَعْرِضْ عَنْهُمْ ۖ وَإِن تُعْرِضْ عَنْهُمْ فَلَن يَضُرُّوكَ شَيْئًا ۖ وَإِنْ حَكَمْتَ فَاحْكُم بَيْنَهُم بِالْقِسْطِ ۚ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ)، وفيما يلي تفسير الاية الكريمة .
تفسير قوله الله تعالى ” سماعون للكذب أكالون للسحت ” :
– تفسير الطبري : فسر الطبري قوله تعالى “سماعون للكذب أكالون للسحت “، حيث قيل عن الحسن يقول في قوله : “سماعون للكذب أكَّالون للسحت “: (تلك الحكام سمعوا كِذْبَةً وأكلوا رِشْوَةً)، قيل عن قتادة: (كان هذا في حكّام اليهودِ بين أيديكم، كانوا يسمعون الكذب ويقبلون الرُّشَى).
وقيل عن مجاهد في قوله تعالى “أكالون للسحت “: (الرشوة في الحكم، وهم يهود)، قيل عن عبد الله : (” السُّحت “: الرشوةُ)، وقيل لعبد الله : (ما السحت؟ قال: الرشوة، قالوا : في الحكم؟ قال : ذاك الكفر)، وقيل عن مسروق أنه قال: (سألت عبد الله عن ” السحت “، فقال: الرجل يطلب الحاجةَ للرجل فيقضيها، فيهدي إليه فيقبلُها).
قال عمر : (ما كان من ” السحت “، الرشى ومهر الزانية)، وقيل عن إبراهيم قال (“السحت “، الرشوة) وقيل عن قتادة قوله : “أكالون للسحت “: (الرشى)، وعن أبي هريرة قال : (مهر البغي سُحْت، وعَسْبُ الفحل سحت، وكسْبُ الحجَّام سحت، وثمن الكلب سُحْت)، وقيل عن الضحاك قال: ” السحت “، الرشوة في الحكم، وقيل عن السدي “أكالون للسحت “: للرشى.
وقيل عن مسروق وعلقمة : (أنهما سألا ابن مسعود عن الرشوة، فقال: هي السحت، قالا في الحكم؟ قال: ذاك الكفر!)، تم تلا هذه الآية: (وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِمَا أَنْـزَلَ اللَّهُ فَأُولَئِكَ هُمُ الْكَافِرُونَ(، وقيل عن مسلم بن صبيح قال : (شفع مسروق لرجل في حاجة، فأهدى له جارية، فغضب غضبًا شديدًا وقال : لو علمت أنك تفعل هذا ما كلَّمت في حاجتك، ولا أكلم فيما بقي من حاجتك)، وقال سمعت ابن مسعود يقول : (من شفع شفاعة ليردّ بها حقًّا، أو يرفع بها ظلمًا، فأهدِيَ له فقبل، فهو سحت (، فقيل له: (يا أبا عبد الرحمن، ما كنا نرى ذلك إلا الأخذ على الحكم! قال: الأخذُ على الحكم كفر).
وقيل عن ابن عباس : “سماعون للكذب أكالون للسحت “: (وذلك أنهم أخذوا الرشوة في الحكم، وقضوا بالكذب)، وقال عن مسروق : (سألت ابن مسعود عن ” السحت “، أهو الرشى في الحكم؟ فقال: لا من لم يحكم بما أنـزل الله فهو فاسق. ولكن ” السحت “، يستعينك الرجل على المظلمة فتعينه عليها، فيهدي لك الهدية فتقبلُها).
وقيل عن عبد الله بن هبيرة السَّبائي قال : (من السحت ثلاثة: مهرُ البغي، والرشوة في الحكم، وما كان يُعطى الكُهان في الجاهلية)، عن علي بن أبي طالب : (أنه قال في كسب الحجام، ومهر البغيّ، وثمن الكلب، والاستجْعَال في القضية، وحلوان الكاهن، وعسب الفحل، والرشوة في الحكم، وثمن الخمر، وثمن الميتة: من السحت)، قال ابن زيد في قوله : “أكالون للسحت “: (الرشوة في الحكم).
وقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : (كُلُّ لحم أنبَته السُّحت فالنار أولى به، قيل: يا رسول الله، وما السحت؟ قال: الرشوة في الحكم )، وقيل عن الحكم بن عبد الله : (قال لي أنس بن مالك : إذا انقلبت إلى أبيك فقل له: إياك والرشوة، فإنها سحت، وكان أبوه على شُرَط المدينة ).
قال أبو جعفر: (إن جاء هؤلاء القوم الآخرون الذين لم يأتوك بعد، وهم قومُ المرأة البغيّة، محتكمين إليك، فاحكم بينهم إن شئت بالحقِّ الذي جعله الله حُكمًا له فيمن فعل المرأة البغيَّة منهم، أو أعرض عنهم فدع الحكم بينهم إن شئت، والخيار إليك في ذلك).